إن قراءة النقد المسرحي وتحليل الأعمال الفنية وربطها بالعصر الذي تنتمي إليه أو مقارنتها بمسرحيات أخري تعمل تقاربا في الفكر أو اسلوب المعالجة.. يمكن أن يكون هذا النقد متعة ذهنية لا تقل عن متعة قراءة النص المسرحي نفسه أو مشاهدة المسرحية ممثلة علي خشبة المسرح بل إن النقد العلمي الجاد لازم لإنجاح حركة المسرح ومساعدة المتلقي علي تذوق جماليات العمل وايضا توجيه المبدع ومساعدته علي تصحيح مساره, ومن هنا يكتسب كتاب الدكتورة سامية حبيب قراءات في الدرامل أهميته, حيث يقدم عدة مقارنات بين نصوص عربية وأخري غربية, شارحا أوجه التشابه والاختلاف بين العملين العربي والأجنبي مع رصد للظروف التاريخية التي واكبت العملين وتعريف بمؤلف كل عمل.. يتناول الكتاب في الفصل الأول أربعة عناوين أولها: مسرح الثورات, وتربط فيه المؤلفة بين علاقة المسرح بالثورات العديدة في القرن العشرين, والعنوان الثاني هو ازدهار فنون الشاشة المرئية في القرن العشرين وتأثيراتها علي المسرح سواء العربي أو الأجنبي.. والعنوان الثالث هو اللامركزية وتقصد به الكاتبة لا مركزية الثقافة بمعني أن المسرح كان في عصور قديمة يرتبط بمكان معين مثل المسرح اليوناني أو المسرح الانجليزي الإليزابيثي عصر شكسبير ولكن المسرح في القرن العشرين لم يعد حكرا علي ثقافة بعينها, وأصبحت المسرحيات الجيدة تصدر لعشرات المبدعين من مختلف الأنحاء وكذلك الحال في المنطقة العربية بعد هيمنة مصر طوال القرن العشرين إلي مرحلة السبعينيات والتي تحول فيها الإبداع إلي عدة بلدات منها مصر وصارت الاصدارات القيمة والمهرجانات لا تقتصر علي منطقة بذاتها كما تري الكاتبة أما العنوان الرابع فهو المسرح والسياسة وفيه تعرض نموذجا لقضية فلسطين وكيف تناولها أكثر من كاتب عربي بداية بمسرحية الشموع المحترقة في عام1948 في مدينة اربد بالأردن مع بداية المأساة ثم إلي تناول المؤلفين الآخرين نفس القضية. وفي الفصل الثاني من الكتاب تعرض الدكتورة سامية حبيب مقارنات بين مسرحيات عربية وغربية تحمل نفس الموضوع وتتعرض لمعالجة نفس القضية مثل بيت الدمية لهينريك ابسن ولعبة الحب للدكتور رشاد رشدي, والمسرحيتان تتناولان فكرة تمر المرأة علي نظرة الزوج اللاإنسانية لها ورفضها للحياة المهينة... ثم مسرحيتان تتناولان صورة الحرب بين الشرق والغرب اختارت النموذج الغربي الأم شجاعة لبرتولد بريشت والنموذج العربي حفل سمر من أجل5 حزيران لسعدالله ونوس... وتحت عنوان العبث الفكري والاجتماعي اختارت الكاتبة نص المهزلة الأرضية للدكتور يوسف ادريس ونص في انتظار جودو لصامويل بيكيت.. وهكذا تستمر المؤلفة في المقارنة وإيجاد العلاقات بين النصوص العربية والاجنبية وكيفية معالجة كل مبدع لفكرته مرتبطا بثقافة وطنه وطبيعة الفكر السائد واحتياجات كل منطقة, بالاضافة لخصوصية كل مبدع في تناول الموضوع ووضع بصمته الخاصة عليه.