في حادث مأساوي شهده معسكر قوات الأمن المركزي بالمرج بعد آخر سحور في أيام صيام شهر رمضان الكريم.. لقي11 مجندا مصرعهم حرقا وخنقا وهم نائمون بينما أصيب6 مجندون آخرون. وذلك بإصابات وحروق متفرقة وحالات اختناق في حريق شب داخل عنبر مبيت المجندين بالمعسكر نتيجة تسرب ألسنة اللهب والنيران من فرن المخبز المخصص لانتاج الخبز البلدي نصف آلي وقد التهمت النيران سرية الدعم بالكامل الملاصقة للفرن. وقد نجح زملاء المجندين في السيطرة علي النيران باستخدام سيارات المطافي المخصصة لذلك, بداخل المعسكر وتم نقل الجثث والمصابين الي مستشفي مدينة السلام, وتم اخطار النيابة بالحادث حيث انتقل فريق من نيابة شرق القاهرة الكلية الي موقع الحادث لمعاينة مكان الحريق وقررت التصريح بدفن جثث الجنود الضحايا وانتداب المعمل الجنائي للوقوف علي سبب الحريق. في الوقت نفسه, قام السيد حبيب العادلي وزير الداخلية يرافقه قيادات الوزارة بزيارة موقع الحادث والاطمئنان علي الجنود في المعسكر وأمر بسرعة صرف مبلغ10 آلاف جنيه لأسرة كل شهيد. وقامت قوات الأمن بفرض كردون أمني حول المعسكر ورفضت دخول أي شخص خاصة وسائل الإعلام والصحافة. كما قامت الأجهزة الأمنية بتجهيز جثث الشهداء وتكفينهم ووضعهم داخل سيارات دفن الموتي لنقلهم الي محافظاتهم بني سويف والمنيا وأسيوط والأقصر وأسوان والمنوفية لتشييعهم الي مثواهم الأخير, صباح اليوم بعد صلاة عيد الفطر حيث أمرت النيابة بالتصريح بدفن المتوفين وجار استجواب المصابين بعد تحسن حالاتهم وتماثلهم للشفاء. وبرغم حرص كل الموجودين بمستشفي مدينة السلام علي عدم الاقتراب من المصابين أو الدخول الي المستشفي تمكن مندوب الأهرام من مرافقة أحد الاطباء الذي تربطه علاقة قرابة بأحد المصابين والذي كان فاقدا للنطق وهو المجند رمضان حسن من مدينة بني سويف وهو الذي أصيب بصدمة عصبية إثر قيامه بنقل جميع الجثث والمصابين الي خارج عنبر الموت وذلك من أجل الوصول الي الحقيقة. وما إن دلفنا بسيارة الأهرام داخل باب المستشفي حيث حاول الأمن منعنا ولكن أخبرناهم أننا موظفون بالمستشفي حيث كان معي الزميل المصور مجدي عبدالسيد الذي طلبت منه أن يرابط بداخل السيارة ويحاول التقاط الصور خلسة, وانتظرنا سيارة اسعاف الشرطة التي وقفت أمام باب قسم الحريق وكان جميع المسئولين يقومون بنقل الجثث الي المشرحة الكائنة علي بعد35 مترا من يمين باب الدخول بالمستشفي.. وكان الموقف صعبا جدا بعد أن تساقطت دموع الضباط والجنود علي زملائهم من جنود الشرطة الذين لقوا مصرعهم في الحادث. وتبادلنا الحديث ثم قمت بالاطمئنان علي المصاب رمضان الذي كان يرقد بداخل سيارة الإسعاف.. ثم حاولت الحديث معه ولكنه كان فاقد النطق تماما بسبب اصابته بصدمة عصبية فطلبت منه كتابه اسمه بعد ان قمنا بنقله من أعلي النقالة إلي كرسي سيارة الإسعاف الخلفي حيث كان مصابا في قدمه أيضا وقمنا بتقديم علبة كانز ميراند ليتناولها من حرارة الجو الشديدة بعد ان اجلسناه بالسيارة حيث قام المسعف بانزال النقالة الترولي لنقل زميله المجند الثاني المصاب من عنبر لحروق بالمستشفي واحضاره إلي سيارة الإسعاف مرة أخري لنقله إلي مستشفي الشرطة بالعجوزة.. قال المسعف انه لاتوجد سوي نقالة واحدة يستخدمونها في نقل الجثث واثناء جلوسي داخل سيارة الإسعاف شاهدت نقيب الشرطة يبدو انه طبيب يخرج من باب عنبر الحروق ويتجه ناحية سيارة الإسعاف نزلت من سيارة الشرط حيث حضر وسألني فافهمته بانني احد المواطنين المتأثرين بالحادث ولم افصح له عن عملي وكان الضابط يؤدي واجبه تماما حيث عاد مرة أخري للعنبر وظللت واقفا حتي تم احضار المجند محمد المصاب الثاني الذي بادرته بحمد لله علي السلامة فقال ان الموقف شديد الصعوبة حيث كنا جميعا في انتظار يوم العيد.. وماتت فرحة العيد وكنا نتحاكي مع بعض الزملاء الذين لقوا مصرعهم عن أيام العيد وفرحة كل منهم في بلدته ولم نكن نتصور ان تكون هذه المأساة هي نهايتنا وتغير صوته بعد ان توقف الكلام في حلقه بسبب تساقط الدموع من عينيه. ثم تدخلت في الحديث مع احد زملائه الذي رفض ذكر اسمه في البداية.. ولكنه قال انهم جميعا كانوا نائمين بعد قيامهم بتناول طعام السحور وصلاة الفجر حيث ذهب كل منهم إلي سريره وان هناك جنديين كانا مكلفين بمتابعة تجهيز الفرن والخبز فغالبهما النعاس حتي تسربت النيران واشتعلت بداخل مبني الفرن ثم اشتعلت بسرية الدعم وكان بداخلها جميع الجنود الشهداء والمصابين ولم ينجو منهم الا عدد قليل بعد ان اشتدت النيران وتصاعدت ألسنة اللهب إلي باقي العنبر حتي شعر جميع زملائهم بالحريق فتم اخطار الضابط المنوب الذي كلف سرية الإطفاء بسرعة التحرك وتم إخماد النيران ونقل المصابين خارج عنبر الموت. وتدخل في الحديث مجند آخر وهو يبكي مؤكدا ان احد الذين استشهدوا كان آخر أيام خدماته بالأمن المركزي وكان يستعد لعمل مشروع لإنتاج الخبز بعد ان تعلم حرفة الخبيز وخراطة الخبز قبل تسويته بداخل المعسكر لاستقبال مولوده الأول في الأشهر المقبلة. كلام الشهود وأشار إلي ان جثة زميله المتوفي الذي يتم نقله أعلي النقالة من عنبر الحروق إلي مشرحة المستشفي وهي ملفوفة بالثوب الأبيض قائلا كيف تكون مشاعر أسرة هذا الشهيد وهي تتلقي جثة أحد شباب الأسرة في الساعات الأولي من يوم العيد حيث يستعدون لزفافه الأسبوع المقبل.