شاهدت علي احدي القنوات الفضائية شريطا مسجلا لفضيلة المرحوم الشيخ الشعراوي, تحدث فيه ضمن ما تحدث عن العزوف التام أيام الجاهلية عن الاقتتال في ساحة الحرم المكي, حيث كان ذلك امرا محرما, فاذا ما كان هناك علي سبيل المثال ثأر بين قبيلتين, ولجأ احد افراد ايهما أو الجاني نفسه إلي الساحة ليحتمي بها, فلا يحق للقبيلة الاخري قتله أو النيل منه أو المساس به مادام في حمي المكان الواقي المقدس, هكذا كان العرف السائد وتقديره لحرمة وقدسية المكان, حدث هذا ايام الجاهلية برغم ظلمتها وقسوتها وجبروتها واليوم فمن العجب العجاب ان تحدث هذه الفاجعة البشعة المروعة التي جاء ذكرها في صفحة حوادث الاهرام يوم9/1, والتي كانت ساحتها داخل مسجد باحدي قري محافظة الاسماعيلية وراح ضحيتها مواطن اثناء ادائه صلاة التراويح, بطلقات من سلاح آلي ازهقت روحه وارهبت الحاضرين في المسجد وعزلتهم عن نجدته! ولابد وان يتساءل المرء عن السبب الذي جعل البعض منا في القرن الحادي والعشرين يفوق اهل الجاهلية جهلا وتخلفا وكفرا ووحشية! ومما يزيد الامر جرما وتوحشا ان يحدث ذلك في شهر كريم تتجلي فيه آيات الزهد والتقوي والصلاح! كم اتمني ان يركز خطباء المساجد والدعاة ورجال الدين والاحزاب والإعلام علي هذا الموضوع, لعل وعسي ان يتحقق علي اياديهم ما حققته حرب رمضان المجيدة تلقائيا منذ نحو37 عاما, وعندما انحسرت إبانها جميع الجرائم علي اختلاف انواعها, وفي هذا ماينبيء بان في داخل نفوسنا أو في غالبيتها قابلية للتجاوب نحو الافضل, ولكن كيف ياتري واين هو من يمكنه ان يوقظ فينا هذه القابلية ويحركها ويفعلها؟ ليته يكون ذلك المحرك الفعال حيا بداخلنا, واعني به الضمير وذلك حتي لايطول ترقبنا وينفد صبرنا في انتظار المهدي المنتظر!! جلال ابراهيم عبدالهادي مصر الجديدة