تحديث المخطط الاستراتيجى العام لمدينة فارسكور بمحافظة دمياط    أسيوط: إزالة 20 تعديا على أراضي زراعية وبناء مخالف في مركزي أبوتيج والقوصية وحي شرق    الزناري يؤدي تدريبات علاجية في مران الزمالك    التحقيق مع صاحب شركة متهم بغسل 22 مليون جنيه حصيلة اتجاره في النقد الأجنبي    الداخلية: سحب 1467 رخصة لعدم وجود ملصق إلكتروني خلال يوم    موقف أشرف داري من المشاركة في مباراة السوبر المصري    التعليم الفلسطينية: استشهاد 11 ألفا و400 طالب منذ بداية العدوان    رئيس الإسماعيلي: نجحنا في حل 10 قضايا .. ومن الوارد رفع إيقاف القيد    وزير التعليم العالي لليونسكو: الشعب الفلسطيني يعاني بصورة غير مسبوقة نتيجة استمرار العدوان الإسرائيلي    وزيرة التنمية المحلية تتابع مع محافظ القاهرة تحضيرات المنتدى الحضري    وزير الإسكان: تشغيل 100 كم من مشروع ازدواج طريق سيوة مطروح    وزارة الزراعة تنفي التعاقد مع وسطاء للإعلان عن طرح أراض للبيع    التعليم: إعفاء الأيتام بالمدارس الرسمية لغات من سداد المصروفات    إيران: سنرد على أي اعتداء دون تردد    سول تشكك في صحة اتهامات كوريا الشمالية بإرسال مسيرات فوق بيونج يانج    شهداء العلم.. "الأزهر" تنعى طلاب جامعة الجلالة    المفتي من أوزباكستان: الإسلام يرسِّخ مفاهيم السلام والخير ويدعو إلى التعايش السلمي بين الأمم    لليوم الثاني على التوالي.. مجلس كنائس مصر يعقد مؤتمر لجنة الكهنة والرعاة بوادي النطرون    رسائل نارية من القيادة السياسية المصرية، آخر مستجدات أزمة سد النهضة    نقل مباراة استقلال طهران الإيراني والنصر السعودي إلى الإمارات    شوبير يكشف المرشح لرئاسة شركة الكرة بالأهلي    المنظمة المصرية لمكافحة المنشطات: قضية رمضان صبحي لم تحدث في العالم من قبل    رئيس مدينة أبوحماد بالشرقية يتفقد سير العملية التعليمية بالمدرسة الثانوية الفنية    سعر كيلو الأرز اليوم الثلاثاء 15-10-2024 بالأسواق    ضبط 4 عناصر إجرامية بحوزتهم حشيش ب 6.1 مليون جنيه    رحلة تحولت إلى كابوس.. 10 مشاهد مأساوية من حادث انقلاب أتوبيس طلاب الجلالة    الأرصاد: صور الأقمار الصناعية تشير إلى تكاثر للسحب المنخفضة والمتوسطة    بدء مرافعة دفاع المتهمين في واقعة السحر المفبرك للاعب مؤمن زكريا    قرار عاجل من التعليم بشأن المصروفات الدراسية للطلاب الأيتام    الثلاثاء 15 أكتوبر 2024.. ارتفاع جماعى لمؤشرات البورصة فى بداية التعاملات    انطلاق أولى فعاليات الموسم الثقافي بجامعة القاهرة    وزير الإسكان يتابع مشروعات إعادة إحياء القاهرة الإسلامية والفاطمية ( فيديو)    موسيقى تجمع القلوب.. عمرو سليم يضيء مسرح النافورة في مهرجان الموسيقى العربية    وزير الثقافة يفتتح معرض تواصل الأجيال بمتحف محمد محمود خليل (صور)    بعد 7 سنوات من «الديزل».. تامر هجرس يكشف حقيقة خلافه مع محمد رمضان (فيديو)    "الصليب الأحمر" تناشد العالم المساعدة في إيصال الاحتياجات الطبية لشمال غزة    روجينا تكشف تفاصيل مشروعها الرمضاني 2025    كفران بالنعم.. داعية تحذر من مقولة "مش بحب الأكل ده" (فيديو)    "لا يسخر قوم من قوم".. تعظيم حرمة الإنسان وعدم التنمر موضوع خطبة الجمعة    وزير الصحة: محاور مؤتمر (PHDC'24) تلتزم بمعالجة التحديات الصحية والسكانية في سياق التنمية البشرية    طريقة عمل الكشري المصري في خطوات بسيطة    ترشيدًا لاستهلاك الكهرباء.. تحرير 131 مخالفة للمحال التجارية خلال 24 ساعة    جامعة القناة تُطلق قافلة طبية شاملة ضمن مبادرة "بداية" بفايد (صور)    أمريكية صينية روسية.. ماذا نعرف عن أخطر أنواع الطائرات المسيرة في العالم؟    استشهاد 4 لبنانيين في غارات إسرائيلية بالجنوب.. وحزب الله يستهدف "كريات شمونة"    موعد مباراة المغرب وإفريقيا الوسطى في تصفيات كأس الأمم والقنوات الناقلة    النفط يهبط 3% مع انحسار مخاوف تعطل الإمدادات الإيرانية    دور مجلس النواب في تعزيز التعليم والبحث.. مناقشة مشروع قانون المجلس الوطني للتعليم والابتكار    المفوضية الأوروبية تقترح قانونًا جديدًا لتسريع ترحيل المهاجرين غير الشرعيين    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 15-10-2024 في محافظة قنا    ما هو حكم الشرع في أداء كفارة اليمين.. الإفتاء تجيب    هل يجوز قراءة سورة الفاتحة بنية شفاء المريض وقضاء الحوائج    بريطانيا: المناورات الصينية في مضيق تايوان تزيد من التوترات في المنطقة    حبس المتهمين بسرقة العقارات تحت الإنشاء بمدينة 15 مايو    الزمالك يُعلن غياب "أحد نجوم السوبر الأفريقي" عن افتتاح السوبر المصري    وكيل الصحة بالسويس يطمئن على مصابي حادث أتوبيس الجلالة    مفاجآت الشؤون المعنوية    إبراهيم عيسى: أولويات الدولة تستهدف بناء المشروعات العملاقة من أجل الأجيال القادمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القمح والفراولة والميزة النسبية

عادت مرة أخري نغمة الميزة النسبية التي حاول مصدرو الغذاء بثها في قناعات الدول النامية حفاظا عي أسواقهم الرائجة معنا وضمانا لأسري دائمين في سجون الفجوة الغذائية واستيراد الغذاء . ويطلبون قناعاتنا علي ما لا يدخل في قناعاتهم‏,‏ لأنهم ينتجون شتي أنواع الأغذية ولم يتخصصوا أبدا فيما يجلب إليهم عوائد هذه الميزة النسبية المزعومة‏.‏
فالصراع بين التجاريين والزراعيين حول مفهوم الأمن الغذائي سيظل مستعرا في ظل عدم فصل المستوردين بين صالحهم الشخصي والصالح العام وبين رواج تجارتهم وبين تحقيق أمن غذائي لشعب بأكمله‏.‏ ففي ظل ركود اقتصادي عالمي دام لعامين وانخفضت معه تجارة تصدير الفاكهة والخضراوات بأكثر من‏60%‏ لعدم وجود اعتمادات بنكية بالخارج مخصصة للسلع الكمالية فإن الاعتماد علي تصدير الكنتالوب والفراولة والفاصوليا لاستيراد الغذاء كان من الممكن أن يتسبب في تعميق الأزمة الاقتصادية ومأساة غذائية مصرية إذا ما استمع المجتمع لرأي التجاريين بشراء الغذاء من عائدات بيع الفاكهة وهو أيضا ما نعيشه داخليا من التحول إلي زراعة لب القزقزة والفول السوداني لأغراض التسالي بمساحات تجاوزت‏750‏ ألف فدان خلال الموسم الصيفي الحالي علي حساب زراعات الزيوت بفجوتها الغذائية الضخمة التي وصلت إلي‏90%‏ أو الذرة الصفراء لوقف المزيد من وارداتها التي تجاوزت‏5.5‏ مليون طن سنويا يأتي من الخارج منزوع الجنين ومحملا بفطر الأفلاتوكسين السام في الفجوة الناتجة عن نزع هذا الجنين بما يضر بالصالح العام وبل وأدي أيضا إلي انهيار أسعار هذه السلع الكمالية للتسالي بعد إقبال الكثير علي زراعتها رضوخا لرأي التجاريين‏.‏ فالأمن الغذائي هدف في حد ذاته يوضع في مقدمة الأهداف العالمية بل وعلي رأسها وقبل أي أمن آخر‏,‏ خاصة في ظل زمن تغير المناخ ونقص انتاج الغذاء في العالم وزمن الطاقة الذي سيأخذ المزيد من فائض انتاج الغذاء في الدول المنتجة والمصدرة له لتأمين مستقبل وقودهم السائل علي حساب غذاء البشر الذين يستوردونه والذين لديهم قناعات بأن زراعة الكماليات أهم من زراعة الأساسيات وبأنهم لا يقتنعون بمسمي سلع استراتيجية مادامت السوق العالمية تعج بفائض غير مأمون من هذه السلع‏,‏ كما أنهم لا يدركون مغبة الاعتماد علي الغير ووضع أقدارنا في أيادي الآخرين‏.‏
هؤلاء التجاريون هم أيضا الذين يتزعمون تقليص زراعات مساحات الأرز في الدلتا بحثا عن عائد للمتر المكعب من المياه يصل إلي‏50‏ جنيها في المشروعات السياحية والصناعية بدلا من العائد المنخفض من الزراعة عموما ومن زراعات الأرز علي وجه الخصوص وليذهب أمننا الغذائي وليذهب معه الفقراء وأراضي الدلتا والرقعة الزراعية المصرية إلي حيث ألقت وإلي البحر المتوسط‏.‏
فالذي لا يعلمه البعض عن انتاج الغذاء انه سلعة غير مرنة جزئيا وأن العودة إلي انتاجه تفاديا لكوارث طبيعية أو سعرية يستغرق ما بين عام إلي عام ونصف يكون خلالها الجوع والعوز قد عصف بشعوب بأكملها‏,‏ فعلي سبيل المثال فحدوث ارتفاعات كبيرة في أسعار القمح خلال شهر يناير يعني للمصريين أن ينتظروا حتي شهر نوفمبر التالي لزراعة القمح ويحصدوا هذه الزراعة في يونيه من العام التالي ليبدأ توافر القمح في الأسواق المحلية وهي مدة تصل إلي عام ونصف العام‏,‏ أما إذا كنا محظوظين كما هو الحال في الأزمة الحالية وحدثت الارتفاعات السعرية في شهر يوليه فإن الزراعة في نوفمبر ثم الحصاد في يونيه يعني الاستمرار لمدة عام بدون قمح في ظل استراتيجيات للمخزون الاستراتيجي الداخلي من القمح تتراوح بين‏90‏ 120‏ يوما تحسب علي كون ثلثها فقط في الداخل وثلثها الثاني قادم في عرض البحر وثلثها الأخير تعاقدات علي الورق بما يعني أنه ما هو مضمون فعليا من هذه السلعة المهمة داخل الأراضي المصرية لا يتجاوز‏50‏ يوما وإلا لما هرعنا إلي عقد صفقات عاجلة بلغت‏250‏ ألف طن مع فرنسا في ذروة الارتفاعات السعرية وبما تسبب في المزيد من الارتفاعات في الأسعار نتيجة لهذا الهلع غير المبرر في التعاقد ما دامت احتياطاتنا مؤمنة لأكثر من أربعة أشهر‏.‏
إذا كان الأمر الغذائي هو هموم للزراعيين فقط فأنا أتوجه بالسؤال إلي التجاريين والاقتصاديين بأنه ما دام الأمر كذلك فلماذا تلجأ الآن الدول العربية البترولية إلي دول الوفرة الزراعية في أفريقيا وآسيا لشراء واستئجار أكثر من‏6‏ ملايين فدان لزراعة حاصلات الغذاء‏,‏ ولماذا تستثمر أكثر من‏25‏ دولة كبري في الزراعة في هذه الدول‏,‏ ولماذا تستأجر وتمتلك إسرائيل بعدد سكانها الذي لا يزيد علي‏6‏ ملايين نسمة أكثر من‏4‏ ملايين فدان للاستثمار الزراعي وانتاج الغذاء في شتي دول العالم بل ولماذا تدرس مصر الاستثمار الزراعي وانتاج الغذاء في دول حوض النيل والدول الإفريقية ذات الوفرة الزراعية ما دامت التجارة والاقتصاديات تأتي دائما قبل الأمن الغذائي‏!!‏ وإذا ألغت روسيا ثم أمريكا التي تمد وحدها الأسواق العالمية بنحو‏28%‏ من الغذاء ثم استراليا وفرنسا صفقات مستقبلية لتصدير القمح في ظل كوارث مناخية متوقعة فماذا تفيد أموالنا حينذاك؟‏!‏ وهل تنقذ محاصيل الفراولة والكنتالوب واللب والسوداني الفقراء وتصنع لهم رغيف الخبز من هذه المواد البديلة؟‏!!‏ وبالمثل أيضا ما دام العائد من المتر المكعب فقط من المياه هو الذي يحكم اقتصاديات العالم فلماذا لم تتحول الدول الكبري إلي الصناعة والسياحة فقط تاركة الزراعة للفقراء ولاقتصاديات التخلف؟‏!‏ الاجابة لأنهم أعقل من أن يفعلوا ذلك ولأنهم يؤمنون إلي الحد المطلق بأن الأمن الغذائي لا يدخل في مقارنات مع شيء آخر ولأنهم يحترفون جيدا ويعلمون تماما كيف يرفعون أسعار الغذاء وقتما يريدون سواء بتقليص مساحات زراعات الحاصلات المهمة أو ترك الأمر للمناخ ومضاربات البورصة لتساعدهم في ذلك‏.‏
الغذاء في مصر استقرار مجتمعي والقمح علي وجه الخصوص يرقي إلي مستوي الأمن القومي‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.