كتب:هاني عسل: تشير استطلاعات الرأي العام الأمريكي إلي أن55% من الأمريكيين فقط هم الذين يمكن أن يؤيدوا فكرة إقامة مسجد للمسلمين في الحي أو المنطقة التي يقيمون فيها, وهي نسبة ضئيلة جدا قياسا إلي مباديء التسامح الديني التي يفترض أن تكون موجودة في قلعة الديمقراطية الغربية, بينما تصل نسبة المعارضين34%, في حين امتنع10% عن الإجابة. استطلاع آخر حول مشروع إنشاء مسجد قرب منطقة جراوند زيرو مكان برجي مركز التجارة المنهارين في هجمات11 سبتمبر2001, أظهر أن26% فقط من الأمريكيين هم الذين يؤيدون بناء المسجد في تلك المنطقة الحساسة, ومن بين هؤلاء المؤيدين بالتأكيد الرئيس الأمريكي باراك أوباما وأفراد إدارته ومايكل بلومبرج رئيس بلدية مدينة نيويورك, بينما نسبة المعارضين لبناء المسجد أكبر بكثير وهي61%, في حين امتنع13% عن الإجابة علي هذا السؤال. وفي استطلاع ثالث عما إذا كان الأمريكيين ينظرون إلي الإسلام علي أنه دين يتعامل بعنف مع أبناء الديانات الأخري, رأت أغلبية مؤسفة بلغت46% أن الإسلام أكثر قابلية للتعامل بعنف مع الديانات الأخري, مقابل6% اعتبروا أن هذا الأمر أقل احتمالا, في حين رأي39% أن الإسلام مثله مثل غيره من الديانات والمعتقدات في هذا الخصوص, و10% أجابوا بأنهم لا يعرفون. وفي أكثر الاستطلاعات تفاؤلا عما إذا كان الأمريكيون العاديون ينظرون إلي الأمريكيين المسلمين علي أنهم مواطنون أمريكيون مخلصون, أجابت نسبة55% بأنها تري المسلمين الأمريكيين مواطنين مخلصين بالفعل, مقابل نسبة25% اعتبرت أن المسلم الأمريكي مواطن غير مخلص, بينما فشل21% في الإجابة علي هذا السؤال أو قالوا إنهم لا يجدون إجابة عليه. وأخيرا, فأغرب الاستطلاعات من بين سلسلة الاستطلاعات التي أجرتها مجلة زس24% الرئيس أوباما مسلم, مقابل47% يعتقدون بأنه مسيحي, ورأي5% أنه ليس بمسلم ولا بمسيحي, في حين رفض24% الإجابة عن هذا السؤال, وهو ما يعكس تشكك الأمريكيين في ديانة الرئيس الأمريكي في ضوء موقفه المؤيد لبناء مسجد جراوند زيروس. كيف أصبح الأمر علي هذا النحو إذن؟ وما هي الأسباب التي تجعل الأمريكيين العاديين مصابين بعقدة الخوف من الإسلام أو ما يسمي الإسلاموفوبيا؟ وهل الأمر سببه فقط هجمات11 سبتمبر؟ أم أن هناك عوامل وأياد وأفكار أخري مسئولة عن التحريض؟! الاحتمال الثاني هو الأقرب, فالمواطن الأمريكي بطبيعته منفتح علي الآخرين, ويتعامل بشكل متحضر مع الغرباء أو المنتمين إلي الثقافات الأخري, ويؤمن بالحريات الفردية وحرية العقيدة, وهي أمور راسخة في المجتمعات الليبرالية بصفة عامة, صحيح أنه توجد بعض اتجاهات قد تكون سلبية لديهم تجاه بعض الأديان أو الثقافات أو الأجناس, ولكنها ناجمة عن بعض الصور النمطية التقليدية, مثل صورة زس زس زس درجة العداء والرفض التام, ولا تصل إلي درجة التعامل بعنف مع المنتمين لهذه الفئات. والحقيقة أن الاحتجاجات الأخيرة التي نظمها المحافظون من أنصار وأقطاب هذا التيار في شوارع واشنطن لاستعراض عضلاتهم في وجه موقف أوباما من بناء مسجد ز س زس في الولاياتالمتحدة, وهذا من خلال شعاراتهم التي رفعوها ومن تصريحات بعضهم لوسائل الإعلام, والتي يكفينا التعرف علي نماذج منها لنعرف هوية أصحابها وأغراضها الحقيقية. وحملت لافتة عبارة تقول: لا لبناء مسجد النصر, في إشارة إلي أن بناء المسجد في موقع هجمات سبتمبر الهدف منه أن يخرج المسلمون لسانهم للأمريكيين وكأنهم يقولون لهم إننا هزمناكم في هذا المكان مرتين! وتعليقا علي موقف أوباما المؤيد لبناء المسجد في جراوند زيرو, وفي مؤشر خطير علي حجم الضغوط النفسية الهائلة التي يواجهها الرئيس الأمريكي, قال أحد المتظاهرين المتشددين إنه لو تم تخيير أوباما بين جنسيته الأمريكية والإسلام لاختار الإسلام! وبعيدا عن الكثير من التطاول علي الإسلام ورسوله من بعض القيادات الدينية الأمريكية, فقد كان من بين التعليقات التي يجب التوقف عندها ما قاله القس واين ديفرو من أوستبرج من أن الإسلام دين توسعي بطبيعته, وأنه يهدف إلي السيطرة علي العالم عبر الوسائل العسكرية, وما قاله القس بيلي جراهام من أنه لا يستبعد أن يطالب المسلمون غدا بعد بناء المسجد بأن تصبح ز س! جيلر صاحبة موقع أطلس شراجز من أن الإسلام اعتاد عبر تاريخه علي التوسع والسيطرة ومزاحمة الديانات الأخري بدليل أنه تم بناء المسجد الأقصي في القدسالمحتلة فوق معبد يهودي, بحسب تعبيرها! وهناك من قال أيضا إن الإسلام لا يدعو إلي التسامح بدليل أنه لا يمكن بناء أماكن عبادة تابعة للديانات الأخري في بعض الدول الإسلامية, وهناك من قال إنه دين يدعو للعنف, ويسعي إلي تطبيق الشريعة الإسلامية بالإكراه علي الجميع.