ظل ومازال نهرالنيل يلعب دوراً أساسياً فى حياة مصر وشعبها، فعلى ضفافه قامت حضارتها ونهضتها عبر العصور، فضلا عن كونه أبرز و أهم الموارد المائية فى المنطقة. و الذي تتشاركه مع مصر تسع دول منها ثماني دول منبع ودولة مصب مع مصر هي السودان، ومع التطورات العالمية أصبحت أفريقيا بمياهها ومواردها مطمعا للغرب وإسرائيل خاصة بعد أن تحولت مشكلة المياه إلي مشكلة عالمية تثير هواجس الحرب والتوتر في مناطق عدة من العالم. عن الدور الإسرائيلي في هذه المشكلة خاصة فيما يتعلق بإثارة التوتر بين دول حوض النيل صدر كتاب' إسرائيل في النيل' للدكتورة زبيدة عطا ليطلق صيحة تحذير حول الخطر الذي يحيط بمصر و أمنها المائي مستعرضا النشاط الإسرائيلي في منطقة حوض النيل ومدخل البحر الأحمر, حيث يبدأ الباب الأول باستعراض الأطماع الإسرائيلية في أفريقيا وسعيها للتغلغل إقتصاديا وعسكريا في منطقة حوض النيل خاصة في إثيوبيا في محاولة لتحقيق الحلم الصهيوني القديم المعروف ب المشروع المائي الذي بموجبه تخطط إسرائيل للاستيلاء علي الأنهار أو منابعها فضلا عن استغلالها لدورها وعلاقاتها بتلك الدول كورقة ضغط لتحقيق مطالبها, ومحاولاتها المستمرة لتدويل المياه بين دول الشرق الأوسط و بين دول حوض النيل. ثم يرصد الباب الثاني المشروع الصهيوني و أطماعه في سيناء والنيل عبر التاريخ وكيف برزت مشكلة المياه كمطلب أساسي واستراتيجي تسعي إسرائيل للحصول عليها بأي شكل مع إلقاء الضوء علي مشروع هرتزليا الذي يهدف إلي التغيير في ترسيم الحدود الإقليمية لدول المنطقة من خلال اقتطاع إسرائيل أجزاء من دول ومنحها لدول أخري لتصل إلي مواردها المائية, لذا سعت إسرائيل للحصول علي المياه من الدول الأفريقية بالشراء من خلال تشجيعها علي إقامة السدود علي نهر النيل و حثها علي تغيير المعاهدات التي تربطها بدول المصب لتسهيل حصولها علي المياة مما يمثل ورقة ضغط علي مصر. و يوضح الباب الثالث تفاصيل علاقات إسرائيل مع دول حوض النيل من حيث التعاون الأمني والعسكري والإقتصادي وكيف تسعي من خلال تلك العلاقات لاختراق أفريقيا حيث يكشف الكتاب أن تلك العلاقات تعود إلي منتصف الخمسينيات من القرن الماضي وكيف نجحت إسرائيل في التغلغل الاقتصادي في تلك الدول ما بين شركات إنشاءات ومقاولات ومشروعات زراعية كما هو الحال في كينيا وكذلك تبادل للخبرات والمشروعات الزراعية المشتركة كما هو الحال في تنزانيا, حتي أصبح لها نواب في البرلمان التنزاني يطالبون بافتتاح سفارة تنزانية في إسرائيل, ويبرز الدور العسكري الذي تلعبه إسرائيل في تغذية الصراعات والحروب الأهلية في الكونغو و رواندا وبوروندي حتي تسهل حالة عدم الاستقرار من اختراق تلك الدول واستغلالها كما يوضح أن جذور أزمة العلاقات المصرية الإثيوبية ترجع إلي عهد الرئيس أنور السادات وليست وليدة السنوات الأخيرة. وتختتم المؤلفة كتابها بتأكيد أن العلاقات التي تجمع إسرائيل بدول حوض النيل تصب في إطار المصلحة فقط لذا علي مصر أن تقوم بتغيير المعادلة لصالحها من خلال استثمار التاريخ المشترك و إيجاد فرص للمصلحة المتبادلة مع إفريقيا لمنع إسرائيل من إقامة مشروعات هناك أو التأثير في منسوب مياه النيل والاستفادة منه لصالحها. صدر عن مكتبة الشروق الدولية * هبة عبدالستار [email protected]