هل جربت يوما الإفطار على مائدة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ يقول الشاعر متحدثاً بلسان المدينةالمنورة: أنا الجميلة من فى الحسن يقربني وأشرف الخلق وسط القلب قد نزل له بأرضى أفناء مباركة ومن زلال ينابيعى قد انتهلا. وبى يقوم مقام القلب من جسدي بيت الأمين ألا أنعم به مثلا نعم صدقت ايها الشاعر ففى أجواء هادئة تسودها السكينة والروحانية, تتجلى فيها العديد من الصور التكافلية والاجتماعية.. أجواء لن يعيشها الإنسان إلا فى ضيافة سيدى رسول الله صلى الله عليه وسلم بجوار بيته.. نعم بيت رسول الله وهو القائل " ما بين بيتى ومنبرى روضة من رياض الجنة ".. فى مشهد إفطار رمضانى مميز حيث الآلاف من البشرتجمعهم عبادة الواحد الأحد باختلاف جنسياتهم ولغتهم وثقافاتهم، ولكنهم على أرض مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فى حضرة المحبوب.. انها مائدة افطار الحرم النبوى الشريف .. أكبر موائد العالم وأقدمها حيث يمتد تاريخها إلى 14 قرنا من الزمان منذ بناء المسجد النبوى الشريف فمع غروب شمس كل يوم من أيام شهر رمضان المبارك تمتد هذه الموائد داخل المسجد النبوى الشريف وفى ساحاته الخارجية من غير انقطاع ويصل روادها الى مئات الالاف وقد يجاوزون المليون فى أوقات الذروة والعشر الأواخر من رمضان. ويعتبر أهل المدينةالمنورة موائد إفطار الصائمين إرثا تاريخيا تتناقله أجيالها حيث تحتل هذه الموائد مكانة خاصة فى تقاليد وأعراف سكان المدينةالمنورة كما يعتبرون أنفسهم فى تنافس شريف لنيل شرف خدمة ضيوف مسجد الحبيب صلى الله عليه وسلم، مبتغين أجر ذلك من الله تعالي، وبذلك لا تجد مساحة متر مربع يخلو من موائد الإفطار، بل ويتعدى ذلك لجميع ساحات الحرم النبوى الشريف من جهاته الثلاث، كما لا يقتصر هذا الشأن على مواقع الرجال بالحرم، بل لنساء المدينة شرف التنافس لخدمة زوار المسجد كما هو الحال لرجالهم.. وتستطيع أن تلمس هذه الصور النادرة فى آخر ساعة من عصر كل يوم حيث يتم التجهيز للإفطار من بعد صلاة العصر مباشرة ، وتزيد اللحظات روعة فى الدقائق القليلة التى تسبق أذان المغرب من كل يوم من أيام شهر رمضان المبارك، فى هذه الدقائق البسيطة والهادئة يتفقون فى المطعم والمشرب، وأكثر ما يشدك فى هذا المشهد الرمضانى العظيم روح الايثار والتكاتف التى تتجلى من الجميع، ليس فى من يؤثر نفسه على غيره بشربة ماء أو تقديم التمر بل يتعدى ذلك لمن يؤثر بجهده لخدمة من يجاوره وحتى من يبعد عنه ويقدم للصائمين فى الموائد التى تكون داخل المسجد ماء زمزم الذى يتم نقله من مكةالمكرمة الى المدينةالمنورة بسيارات مجهزة, التمر أو الرطب, اللبن الزبادى مع (الدقة), الخبز, القهوة, الشاي, فيما تحتوى الموائد فى الساحات الخارجية للمسجد النبوى على الوجبات المطهية والمرطبات. فى افطار المسجد النبوى سوف تجول بخاطرك معان كثيرة عن التعاون والإيثار.. سوف تشاهد تنافس الجميع على خدمة الجميع.. فى لحظات هدوء وتسامح وفى تطبيق عملى لسنة الحبيب صلى الله عليه وسلم ،خواطر تجعلك تعود بالذكرى أحيانا لتاريخ طيبة الطيبة التى احتضنت الرسول الكريم ودعوته المباركة للعالم أجمع.. وفى مثل ذلك فليتنافس المتنافسون.