كتب : علي بركه : من المؤكد أن تعيين حمزة الجمل مديرا فنيا لفريق كرة القدم الأول بنادي المقاولون العرب قد أصاب الكثيرين بدهشة شديدة من منطلق أن الجمل لم يتول من قبل مهمة الرجل الأول بأي جهاز فني لفريق يلعب بالدوري الممتاز. غير أن العالمين ببواطن الأمور يدركون جيدا أن القرار وإن بدا مفاجئا فإنه لم يأت من فراغ, بل كانت تكمن خلفه دراسة متأنية مستفيضة تشير إلي أن تجربة حمزة الجمل من الممكن أن تحقق نجاحا أكبر من المتوقع فيما لو تحالفت الظروف معه. ولم يكن سرا أبدا أن أيام رحيل محمد عامر المدرب القدير الخلوق كانت قد بدت قصيرة جدا منذ مباراة وادي دجلة في افتتاح مسابقة الدوري, حيث الهزيمة الثقيلة4/1.. وما عجل بهذه النهاية الحتمية السريعة إحساس الإدارة بأمور كثيرة وكلها لا تصب في صالح المدير الفني والتي منها أن فريق وادي دجلة من الفرق العادية جدا, ولم يكن الأداء لافتا أو مبهرا بل كان فريق المقاولون في أضعف حالاته, ووضح وجود شيء ما بين اللاعبين والمدرب مما يشكل خطرا داهما علي مستقبل الفريق فيما لو أستمر الحال علي ما هو عليه.. ورغم تسليم المهندس إبراهيم محلب رئيس النادي بقيمة وكفاءة محمد عامر فإن تجربته الإدارية الناجحة دفعته إلي التفكير في ضرورة وحتمية التغيير من منطلق أن إدارة أي ناد في العالم ليس بمقدورها تغير اللاعبين.. ولهذا كان القرار السري بالبحث عن مدرب بديل!! وليس صحيحا ما يردده البعض من أن إقالة مدرب بعد مباراة واحدة تعني أن الإدارة تتعامل بالقطعة إنما الصحيح أن الإدارة رأت استحالة استمرار محمد عامر مع هؤلاء اللاعبين, ومن هنا كان وجود المدير الفني مسألة وقت لا أكثر! كما أن عدم توفيق عامر في التعامل مع أحداث المباراة قد أحزن كثيرا الأثنين الكبار اللذين كانا من أكثر وأكبر وأهم المؤازرين له داخل لجنة الكرة ومجلس الإدارة.. وقد صارا علي اقتناع تام بالتغيير. وكعادة المهندس إبراهيم محلب في التعامل مع مثل هذه الأمور.. حيث السرية الشديدة حتي عن أقرب المقربين له, وكذلك اللجوء إلي كبار الخبراء لاستطلاع رأيهم, إذ تعود دائما علي الاستماع فقط للآراء الفنية قبل أن يبدأ في مذاكرة ما سمعه لتكوين رأيه.. وخلاصة ما خرج به من معلومات هو تيقنه من أن موقفه من المدير الفني محمد عامر لا يحمل أي ظلم له, وهو غاية ما كان مهتما به بسبب خشيته الدائمة من الوقوع في معصية, علاوة علي علاقاته المتميزة والتي يحرص دائما علي متانتها مع كل مدرب تعامل معه من داخل أو خارج النادي. وبعد أخذ القرار الخاص بإنهاء العلاقة مع عامر.. بدأت رحلة البحث عن مدرب.. فكان أن وضع مقاييس فنية تحكم الاختيار القادم.. وكان رأي أقرب معاونيه المهندس فيصل مرتضي النائب الأول والمهندس محمد عادل فتحي نائب الرئيس هو أن جميع المدربين الوطنيين مرتبطون حاليا بأنديتهم المحلية بمن فيهم الذين يعملون خارج مصر! وعلي هذا فقد رأي الأثنان أن يتولي المهمة مدرب أجنبي.. واقترحا أيا من ريكاردو البرازيلي بوكير الألماني من منطلق خبرتهما السابقة مع الكرة المصرية.. غير أن تجربة نجاح الشباب حسام حسن مع الزمالك, والبدري مع الأهلي, وإسماعيل يوسف مع الجونة, وطارق العشري مع الحرس, وأسامة عرابي, وطارق يحيي وغيرهم.. كلها كانت تغري المهندس إبراهيم محلب بتكرارها في نادي المقاولون العرب.. فقد كان يريد مدربا صغير السن ليس له تاريخ طويل في التدريب ومن ثم يضمن منه الحماس والحيوية والرغبة في كتابة تاريخ جديد له في عالم كرة القدم.. اضافة إلي شرط أساسي لا يمكن أن يحيد عنه وهو قوة الشخصية في محاولة لمزيد من السيطرة علي اللاعبين. وعندما قوبل طلبه بالرفض لحاجة العمل إليه, عاود حمزة المحاولة ووسط أحد أعضاء مجلس الشعب والتقي مع المهندس إبراهيم محلب الذي أعجب كثيرا بشخصية حمزة الجمل(40 سنة), وظلت هذه الصورة بذهنه.. وعندما حانت لحظة التغيير بدأت الأفكار تتوالي والأسماء يعاد ترتيبها وفق المعطيات الموجودة والمواصفات المطلوبة.. فكان قرارالاستعانة بمدرب وطني شاب متحمس.. وقبل صدور القرار استشار المهندس محلب أحد أهم المدربين العالميين! وكذلك شيخ التحليل الكروي.. وكلاهما بارك القرار وأثني عليه.. وهكذا راهن محلب ومرتضي وعادل علي حمزة الجمل بكل قوتهم قبل مباراة اليوم الحاسمة مع الانتاج الحربي.