سنوات طويلة من العزلة إما بسبب النسيان أو التجاهل أو الاهمال وربما الجهل عاشها أهالي منطقة وادي فيران التي تحاصرها الجبال الشاهقة وتقع علي بعد270 كيلو مترا من شرم الشيخ. لكن هذا الحصار الطبيعي والبشري لابد أن تكون له نهاية, هذه النهاية بدأت تقترب بعد أن مدت بعض عضوات رابطة المرأة العربية وجمعية نهوض وتنمية المرأة وسيدات المجتمع المدني أيديهن البيضاء إلي الأهالي ليمسحن دموعهم ويخففن آلامهم ويساعدنهم علي الانطلاق والحياة الطبيعية وتحسين معيشتهم. ولكن هل هذه الجهود التطوعية مهما زادت مساحتها تكفي لهذا الهدف؟! وقبل أن نستعرض جهود هؤلاء السيدات فإننا يجب أن نرصد الأوضاع الحالية علي الطبيعة والتي استقرت لعشرات السنين حتي ظن أهالي الوادي أنهم سيبقون هكذا الي الأبد. فوادي فيران المحاصر بالجبال يعيش فيه الأهالي في منازل صغيرة أقرب ما تكون الي العشش, بل الحظائر التي لا يمكن أن يسكنها بشر, فحتي الجدران مبنية بقطع من الصخور التي تم استقطاعها بصعوبة بالغة من الجبال المحيطة مع خلطها بالرمال والزلط. أما سقوفها فهي من جريد النخيل القليل الموجود في هذا المكان الذي تندر فيه المياه أهالي هذا الوادي يشترون المياه في( جراكن) تحضرها لهم سيارات نصف نقل من مدينة الطور عاصمة جنوبسيناء أو من أبو رديس.. لأن الآبار جفت.. والكهرباء لا تصلهم الا نادرا والمواصلات لا تعرف طريقها اليهم فقد انعزلوا عن الدنيا ولا يوجد تواصل مع العالم سوي من خلال بعض الميكروباصات التي قد تأتي بالمصادفة في مواعيد غير ثابتة إلي هذا المكان البعيد.. أما عن الرعاية الصحية فتحدث ولا حرج علي الرغم من وجود مبني للوحدة الصحية ولكن نادرا ما يأتي إليها الأطباء واذا حضر أحدهم فهو طبيب واحد لكل الأمراض!! والتعليم في وادي فيران يفتقر إلي المدرسين.. الذين يمتنعون عن التدريس في المدرسة الوحيدة الموجودة في هذا الوادي لصعوبة الوصول إليها كما أن اليأس من تعليم الأبناء واستكمال تعليمهم دفع أولياء الأمور إلي إهمال إرسال ابنائهم الي المدرسة اليتيمة فلم يتجاوز عدد المترددين علي هذه المدرسة في بعض الأحيان6 تلاميذ فقط!! عندما التقيت مع عدد من أهالي وادي فيران رجالا ونساء وجدتهم يطالبون محافظ جنوبسيناء بضرورة أن يصل إليهم خط المياه العزبة الذي سيمتد قريبا إلي دير سانت كاترين فالحر شديد والطبيعة قاسية والأطفال يموتون عطشا.. الاهالي طالبوا ايضا بحل مشكلة انقطاع الكهرباء المستمر والتي تحتاج إلي مولدات جديدة.. وعندما سألتهم: كيف تحصلون علي أوراق اثبات الحالة الاجتماعية والشخصية قالوا: لا يوجد وحدة لاستخراج البطاقات الرقم القومي ولا يوجد توثيق لعقود الزواج أو شهادات الميلاد أو بطاقات التموين وغيرها فالانسان في وادي فيران يولد ويعيش ويتزوج ويموت وكأنه لم يأت إلي هذه الدنيا أساسا!! وادي فيران يحتاج إلي تضافر جهود الدولة والمحافظة ورجال الأعمال لتوفير الاحتياجات الأساسية والإنسانية لأهالي هذا الوادي البعيد المنعزل.. حتي لا تتحول هذه المناطق إلي بؤرة للعنف. والارهاب تهدد أمن وأمان مصر.. فجهود بعض السيدات المتطوعات لا تكفي.. فلابد من تحرك المسئولين بالمحافظة والوزارات المعنية كالصحة والتعليم والداخلية وغيرها.