مع النقص الحاد في المخزون العالمي من الأسماك نتيجة التلوث والصيد الجائر تضطر سفن الصيد لأن تسافر آلاف الكيلومترات للبحث عن الأسماك في أماكن نائية وتتعرض للقرصنة أحيانا. وللضبط من السلطات المحلية للدول في أحيان كثيرة، ومع التطور التكنولوجي في تصميم الأقفاص السمكية البحرية ووجود المئات من الشركات التي طورت الأقفاص السمكية البحرية بتكنولوجيات خاصة أصبح من الممكن إنتاج مئات الأطنان بالقرب من الشواطيء دون التعرض للمخاطر العديدة التي يتعرض لها صيادونا في أعالي البحار.. كما يمكن الاستفادة بالإمكانات المتاحة من مراكب واستعدادات للصيد في هذا الصدد. وحول هذه القضية ومشكلة توفير البروتين من الأسماك وزيادة ثروتنا السمكية يقول الدكتور مصطفي محمد سعيد أستاذ متفرغ بمركز بحوث الصحراء بوزارة الزراعة إن الزيادة السكانية تتطلب زيادة الإنتاج السمكي الذي يتراجع بشدة في مصر خاصة في البحيرات الشمالية المالحة للأسف نتيجة للعديد من الظروف, وعلي رأسها الردم والتلوث كما أن الأسماك قلت في البحار, ويتطلب ذلك البحث عن وسائل مأمونة لزيادة الإنتاج, ويري أن طوق الإنقاذ في الاستزراع البحري للأسماك في مصر التي تملك شواطئ طويلة يمكن الاستفادة بها في تطبيق هذه التكنولوجيا التي اتجهت لها بعض الدول, لكن الكثير من الشركات المنتجة للأقفاص ما زالت تحتفظ بحق المعرفة حتي تتمكن من بيع الطرازات من الأقفاص التي طورتها وتستعيد الأموال التي أنفقتها علي الأبحاث!. ومن أهم التطورات التي حدثت في العقود الماضية التطور الكبير في تكنولوجيا تفريخ الأسماك البحرية, وكان اخر العقبات التي تم التغلب عليها هو التشوهات التي تحدث في الأسماك الناتجة من التفريخ الصناعي ويرجع الفضل في ذلك الي شركتين احداهما فرنسية والأخري يابانية التين اكتشفتا أن هذه التشوهات تحدث عند الانتقال من الغذاء الطبيعي في المفرخات الي التغذية الصناعية, فقد وجدتا ان نقص حمض اميني واحد يمكن ان يحدث هذا الضرر وقد طورت أغذية لهذه المرحلة لتفادي حدوث تلك التشوهات وان كانت المفرخات حتي اليوم تضطر لشراء هذا المنتج الذي أصبح من حقوق هاتين الشركتين وان أدي إلي تفادي هذه المرحلة التي اخرت التفريخ الصناعي للأسماك لفترة طويلة. وتحتاج مصر علي الأقل لخمسة مفرخات بحرية لمواكبة النهضة المنتظرة في الاستزراع السمكي البحري خاصة الأقفاص وهذا يستلزم تفعيل التعاون الدولي لنقل تلك التكنولوجيا, كما كان لتطور الأبحاث الوراثية أيضا الفضل في إنتاج أنواع جديدة من الأسماك تتماشي مع متطلبات تلك الصناعة من حيث التوافق مع ذوق المستهلك وسرعة النمو وزيادة كفاءة الاستفادة من الغذاء أما الميزة الكبيرة لتلك الأقفاص, فهي انها لا تشغل أي مساحات علي اليابسة, بل تكون في داخل المياه بل أن بعضها يكون غاطسا أو يكون جزء منه داخل المياه لتفادي تأثير الأمواج, ويحتاج القفص خلال فترة التربية للأسماك التي قد تمتد الي16 شهرا الي أكثر من نوع من الشباك حسب مساحة الشباك أو ما يعني اتساع فتحاتها كما تختلف أحجام حبيبات العليقة حسب اتساع فم السمكة حسب المرحلة العمرية كما تستخدم التغذية الذاتية في بعض أنواع الأقفاص لتقليل الخطأ البشري في انتظام التغذية. ويمكن ان يصل إنتاج المتر المكعب من القفص إلي20 كيلوجرام سمك, وتستخدم أسماك الدنيس والقاروص في التربية بالأقفاص لارتفاع سعرها ووجود سوق واسعة في تسويقها خاصة بالنسبة لدول أوروبا الشمالية التي لا تنتج سوي اسماك المياه الباردة مثل السالمون, وبدأت بعض الأبحاث في استخدام انواع جديدة من الأحياء البحرية لتربيتها بالأقفاص مثل الجمبري وإن كان لا ينصح حتي الآن بذلك حتي تنجح تلك الأبحاث وقد وصلت أعداد مزارع الأقفاص في تركيا, علي سبيل المثال إلي300 مزرعة واقل من ذلك باليونان, وأعداد كبيرة بقبرص وفرنسا وايطاليا وأسبانيا والبرتغال, كما أقيمت مزارع للأقفاص السمكية البحرية بالتعاون مع دول أوربا بكل من تونس وعمان والكويت, وان كان أهم مركز لانتاج تلك الأقفاص هو النرويج لذلك ينصح بعمل اتفاقات تعاون دولي مع تلك الدول لنقل تلك التكنولوجيا مما يستلزم قيام تلك الدول بإقامة أقفاص سمكية في مصر وإدارتها لمدة عام علي الأقل وتدريب الكوادر الفنية عليها سواء في مصر أو بالخارج. وتعتبر الاشتراطات البيئية أهم عوامل نجاح تلك الأقفاص, حيث تتمثل في المحافظة علي البيئة البحرية لذلك ينصح بتغيير موقع الأقفاص بعد3 سنوات, الإنتاج علي الأكثر واستخدام طرازات من الأقفاص المستخدمة في المياه المفتوحة لضمان ابتعاد الفضلات عن موقع الأقفاص, وقد طورت كندا طرازا من الأقفاص يتم التخلص فيه من الفضلات اتوماتيكيا بعيدا عن الأقفاص بتكنولوجيا متطورة ولكنها مكلفة. ويعد استزراع شواطيء البحار والمحيطات هو الأمل في اكتفاء العالم من الغذاء خلال العقود المقبلة بعد تقلص المخزون السمكي وبعد الزيادة السكانية التي لا يواكبها زيادة مماثلة في إنتاج الغذاء من المصادر الأرضية خاصة مع نقص المياه العذبة, وتربية الأحياء المائية البحرية اخذ بالفعل في الارتفاع فقد زاد إنتاجها عشرة أضعاف علي مدي السنوات ال30 الماضية, ويتوقع أن يتجاوز نموها هذا المعدل في غضون الأعوام المقبلة, ويقال إن نموها المستمر سيعتمد علي التكيف مع التقنيات الحالية من حيث الغذاء اللازم لتغذية الأسماك والأنواع المستنبطة والتقنيات الجديدة في الإنتاج. هذا الهدف يمكن تحقيقه إذا علمنا ان معدل التحويل الغذائي في الأسماك يمكن ان يصل الي كيلو لحم لكل كيلو غذاء, حيث ان الأسماك تتغذي في المياه علي العوالق النباتية والحيوانية التي توجد بصورة طبيعية في المياه, علما بان هذا المعامل يصل الي3-1 في بعض الحيوانات المرباة لإنتاج اللحم, وعلي الرغم من بعض الآثار البيئية التي يمكن توقعها من التوسع في تربية الأحياء المائية البحرية فان هذه الآثار تعتبر متواضعة ويمكن تلافيها وذلك بالمقارنة مع تلك الناجمة عن نقص إنتاج الغذاء علي الأرض.