* أول ما يجب أن يتبادر إلي ذهن أي أحد يفكر في دخول فيلم لا تراجع ولا استسلام.. لأحمد مكي ألا يشغل باله أو يجهد نفسه في البحث عن قصة أو احداث منطقية ليتابعها في الفيلم, وأعتقد أن المشاهد نفسه الآن ليس لديه الرغبة أصلا في مشاهدة فيلم له قصة أو مضمون. أو أي من تلك المسميات الكبيرة سواء لمكي أو لغيره خصوصا في ظل هذا الجو الخانق.. الذي نعيشه حاليا والذي لا يجعل أي شخص قادر علي متابعة شيء أو أحداث من شأنها تشغل باله أو تفكيره. * ومن هذا المنطلق تأتي أسباب اكتساح أحمد مكي للإيرادات وتزايد الإقبال الجماهيري وتهافتهم علي فيلمه هو أكثر من غيره, وكل ذلك لا لشيء إلا لأن الفيلم لا يقدم سوي هذا الضحك, وكان هذا هو هدف صناع الفيلم, والذي في سبيله رفعوا شعار.. لا تراجع ولا استسلام.. عن الضحك من أجل الضحك! * أما بخلاف ذلك لم يأت الفيلم بأي جديد سواء في فكرته أو حتي معالجته وإن كان الجديد قد جاء في طريقه تناول هذه المعالجة.. أما الموضوع فهو قديم ويقوم علي فكرة الشبيه أو البديل وهو الذي قتل عرضا واستهلاكا في أفلامنا سواء القديمة أو الجديدة وآخرها كان العام الماضي من خلال فيلم بدل فاقد.. لأحمد عز. المهم أن الفيلم نفسه ذكر هذا التكرار, بل وأعترف بذلك صراحة.. وقال ذلك علي لسان مساعد الضابط سراج ماجد الكدواني.. أن هذا الموضوع اتهرس في أفلام كثيرة ولم يتوقف الفيلم عند حد اعترافه بهرس هذا الموضوع المكرر وأنما فعل مثل ما يحدث الان مع أفلام عربية تسخر من أفلام أخري, قدمت من قبل سواء قديمة أو جديدة وفي الحقيقة فهناك أفلام أمريكية وأوروبية قائمة اساسا علي فكرة السخرية من أفلام أخري, ولكن ورغم ذلك تظل السخرية في هذا الفيلم في إطار المقبول, فلم تصل إلي حد الاستهزاء أو التطاول علي تلك الأفلام. * الفيلم كله علي بعضه لذيذ وبسيط, وأعتقد أن صناع الفيلم كانوا حريصين علي وجود ذلك الخيط الرفيع بين الضحك للركب كما يقولون, لكن بدون الوقوع في فخ الإسفاف أو التهريج!ويدور الفيلم حول زرع شخص بديل يحل محل أدهم.. الزرع اليمين لتاجر المخدرات والسلاح عزام.. عزت أبو عوف, وذلك عن طريق مساعدة جيرمين سكرتيرة عزام دنيا سمير غانم.. التي جندتها أجهزة الأمن مع حزلؤوم.. أحمد مكي بديل أدهم.. بعد أن قامت بعمل عملية تجميل له علي يد خبير أجنبي, فجعله طبق الأصل من أدهم, ومن هنا جاءت المفارقات وتفجرت الكوميديا خصوصا وأن حزلؤوم هذا جاهل ولا يعرف الفرق بين مصطفي كامل.. الزعيم ومصطفي كامل المطرب والملحن صاحب أغنية قشطة يابا.. وعلاوة علي هذا الجهل فهو غبي غباء مستحكم, وكاد بسبب هذا الغباء يعرض العملية للخطير, بل كاد أن يدمرها كلها, ولكن وكعادة كل الأفلام ينقلب الحال في نهاية الفيلم رأسا علي عقب, فينجح في الأمساك أخيرا بعزام وهو الذي فشلت أعتي قوات الأمن في القبض عليه, وينتهي الفيلم بالقبض علي زعيم العصابة الشرير ويتزوج الطيب حزلؤوم من الجميلة جيرمين.. ويعيشوا بعد ذلك في تبات ونبات ويخلفوا بعدها صبيان وبنات, ولا تجهد نفسك بالسؤال عن منطقية حدوث ذلك أو عدم منطقية أن تقع واحدة في جمال وثقافة واحدة مثل جيرمين وتقع في حب واحد جاهل ومعدوم الثقافة, ولا يحمل أي وظيفة مثل حزلؤوم, ولكن المهم أنها حدثت والسلام.. وأهي جت كده وخلاص. ما هو لازم البطل في الأفلام المصرية يتجوز البطلة علشان تكون النهاية سعيدة علينا وعليكم إنشاءالله! * عموما ورغم سذاجة القصة والأحداث إلا أننا لا يمكن أن ننكر أن الفيلم مبهج. إلي أقصي الحدود وكوميدي إلي ابعد درجة ولكن دون اسفاف أو استظراف مثل أفلام البعض, ويبدو أن مكي استفاد من اخطاء هؤلاء البعض فحرص علي تقديم فيلم متماسك في القصة والأحداث, وأهم من كل ذلك أنه اعطي العيش لخبازينه فأعطي القصة لمؤلفها وكاتب السيناريو والحوار شريف نجيب, كما ترك الأخراج لمخرج الفيلم أحمد الجندي ولم يقم هو ويفعل ما يفعله أخرون بتأليف وإخراج وتمثيل الفيلم بمفرده, بدليل أن طاقم الممثلين في الفيلم كانوا جميعا جنبا إلي جنب معه بدءا من ماجد الكدواني الذي لولا أننا نعلم انه البطل الثاني لتصورنا أنه بطل الفيلم وحده, حيث انه لم يكن ظل لمكي بل شريك وند له وكذلك دنيا سمير غانم التي تنضج من فيلما لأخر ورغم صغر مساحة دورها الا انها وصلت للمرحلة التي تستطيع ان تجيد فيها تحت أي ظروف. * ورغم ان المشاهد لم يستسيغ موضوع ان عزت أبوعوف زعيم عصابة أو يهضم ذلك الا ان خفة ظله تجعلك تتغاضي عن عدم مصداقية الدور وفي الحقيقة كانوا جميع الممثلين علي أعلي درجة من التألق مهما كان صغر حجم الدور مثل بدريه طلبه ومحمد شاهين مساعد الضابط, وعلي رأس كل هؤلاء كان أحمد مكي الذي اكد من خلال هذا الفيلم انه صاروخ الكوميديا القادم, وانه لن يتراجع عن هذا اللقب ولن يستسلم حتي يحكم قبضته عليه حتي ولو كانت هذه القبضة دامية!