من يتابع الطريقة أو المنهج اللذين تتعامل بهما دول الاتحاد الأوروبي مع الجانب المصري سيلاحظ أن هناك قدرا كبيرا من التعنت والتسلط الذي يصل إلي حد الرفض بل والكراهية لكل ما هو مصري, علي الرغم مما هو مفروض بالنسبة لعلاقاتنا بهم, اتساقا مع اتفاقيات التعاون وحسن الجوار التي أبرموها معنا, سواء في ظل ما هو معروف ب( اتفاق أو عملية برشلونة) أو( اتفاقية المشاركة المصرية الأوروبية). في هذا السياق, تتضح هواجس ومخاوف وتحفظ الجانب الأوروبي بشكل جلي ولهم الحق في ذلك فيما يتعلق مثلا بمسألة الهجرة المصرية غير الشرعية, إلي بلدان أوروبا المطلة علي الجانب الآخر من البحر الأبيض المتوسط, حيث تبين إعادة قراءة نص وثيقة اتفاقية برشلونة, والتي تمت مصادقة الدول عليها بتاريخ27 28 نوفمبر1995, بأنه فيما يتعلق بقضية الهجرة غير الشرعية, فإن الدول الموقعة علي الاتفاقية, قد التزمت باتخاذ كل التدابير العملية الممكنة لتحسين التعاون بين الشرطة والقضاء والجمارك والسلطات الادارية وغيرها من أجل مكافحة الهجرة غير الشرعية بجميع السبل الممكنة, كما أشارت المواد أرقام(66) و(69) و(70) في الفصل الثاني من اتفاقية المشاركة المصرية الأوروبية, إلي ضرورة تعاون الطرفين المصري والأوروبي في منع تلك الهجرة غير المشروعة والسيطرة عليها, مع إبرام الاتفاقيات الثنائية بينهما لتنظيم الالتزامات المحددة لاعادة توطين مواطنيهما, علي أن تقدم الدول الأوروبية المساعدات المالية والفنية الكافية لمصر لمنع تلك الهجرة!! وتنفيذا عمليا لذلك, فقد قرأنا أيضا, خبرا نشرته الصحف خلال الأيام القليلة الماضية, جاء فيه أن شرطة ميناء الإسكندرية بمصر قد تسلمت بالفعل لنشين بحريين إضافيين من خمسة لنشات قدمتها الحكومة الإيطالية لمصر( كهدية) لمكافحة الهجرة غير الشرعية عبر البحرالمتوسط. غير أن ما قرأناه بأهرام يوم2010/5/7, فهو وإن كان يأتي في إطار ما اعتقدناه من رفض وكراهية الأوروبيين لنا, إلا أنه مرشح للدخول في دائرة اللامعقول في علاقة دول الاتحاد الأوروبي بنا, حيث ورد بالخبر المنشور ما يفيد بأن منظمات الأعمال المصرية قد هددت بوقف التعاملات التجارية مع دول الاتحاد الأوروبي خلال الفترة القادمة, وذلك بسبب التشدد والتعنت الذي تمارسه سفارات دول الاتحاد الأوروبي مع المصريين بصفة عامة ورجال الأعمال بصفة خاصة, في منح تأشيرات الدخول لدول الاتحاد المعروفة باسم شنجن إلي الحد الذي دفع بالسيد رئيس الاتحاد المصري للمستثمرين للقول بأن العلاقات التجارية مع دول أوروبا والتي يصل حجمها إلي نحو27 مليار دولار, مهددة بتراجع كبير, خاصة في ظل الضرر البالغ الذي تحملته الشركات لتأشيرات الدخول إلي دول الاتحاد الأوروبي مما جعلهم يحولون وجهتهم إلي استيراد مستلزمات الانتاج اللازمة لهم من دول شرق آسيا والولايات المتحدة الأمريكية!!! لقد ترددت شكاوي كثيرة وسمعنا روايات متعددة, بخصوص التعامل اللا آدمي الذي تمارسه السفارات الأوروبية مع المصريين الذين يترددون عليها طلبا لتأشيرات الدخول إليها, مما يرشحها للدخول بقوة في خانة عدم احترام قواعد أو مبادئ حقوق الإنسان التي تتغني بها دائما تلك الدول بمناسبة وبدون مناسبة, وإذا كانت تلك الدول تمارس حقها في منع هجرة المصريين غير الشرعية لدولها فليس من المعقول أو المقبول, أن يمتد ذلك المنع ليطول خبراء ومهندسي ومسئولي بعض الشركات المصرية الذين يودون السفر إلي أوروبا لا رغبة في الهجرة الشرعية أو غير الشرعية لدورها, ولكن لإتمام إجراءات وتنفيذ عمليات تجارية بمئات الملايين من الدولارات. لقد تحدث رئيس اتحاد الصناعات المصرية كما ورد في الخبر المشار إليه حول ضرورة أخذ موقف جماعي من دول الاتحاد الأوروبي بهذا الشأن, ما لم تقم تلك الدول بتصحيح أوضاعها واحترام آدمية المصريين وتقديم التسهيلات المفروضة لرجال الأعمال لدخول دول اللجنة الأوروبية وفي هذا السياق, فإننا نعتقد أهمية دراسة وتحديد الأسباب التي دفعت الأوروبيين لإتخاذ هذا الموقف منا وهل نحن مسئولون بشكل مباشر أو غير مباشر عن تلك الكراهية البادية عليهم, حتي بالنسبة للمسافرين إليهم لأغراض تجارية أو استثمارية بحتة؟ إننا نضم صوتنا إلي تلك الأصوات المنادية بتطبيق مبدأ المعاملة بالمثل. د.حسام بريري أستاذ الاقتصاد الزراعي جامعة الأزهر