مدبولي: استحداث مجموعات وزارية متخصصة لتنفيذ مستهدفات الحكومة    مدبولي: حرصت على اختيار كفاءات وطنية بخبرات محلية ودولية خلال تشكيل الحكومة    قرار رئيس الوزراء بشأن إجازة رأس السنة الهجرية 2024: تفاصيل وتطبيقات    آخر تحديث.. تراجع سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم في البنوك    رئيس الوزراء يوجه بوضع خطة عمل لضمان توافر السلع بالأسواق وضبط الأسعار    محافظ قنا: سنعمل معا على التنمية واستكمال مشروعات حياة كريمة    «الزراعة»: نسبة السكر في البنجر 21% بالوادي الجديد.. وإنتاجية الفدان 50 طنا    248 عاما على استقلال الولايات المتحدة، لماذا لم يطلق اسم المكتشف كولومبوس على أمريكا؟    مراسل «القاهرة الإخبارية»: قصف متواصل للمناطق الشرقية في قطاع غزة    روسيا البيضاء تنضم لمنظمة شنجهاي للتعاون الدولي    مدرب الإكوادور: سكالوني بنى فريقا صنع التاريخ    "رونالدو أمام مبابي".. قمة منتظرة بين البرتغال وفرنسا بذكريات يورو 2016    مجلس إدارة الزمالك يعقد اجتماعاً مساء اليوم    ضبط مكتب إنتاج فني دون ترخيص في الجيزة    ضبط أسلحة نارية وذخائر دون ترخيص بحوزة شخص في القليوبية    «التعليم» تعلن فتح باب التقديم لمدارس التكنولوجيا التطبيقية 7 يوليو    تحرير 35 ألف مخالفة مرورية خلال 24 ساعة    موعد غرة محرم وبداية العام الهجري 1446 فلكيا    بعد شائعة تدهور حالته الصحية.. توفيق عبد الحميد يشكر جمهوره    عمرو سعد: أحمد حلمي قرر أنه مش هيشتغل معايا أنا وأخويا    مدير مكتبة الإسكندرية يشرح تفاصيل تصميم «بيت مصر في باريس»: صُمم بهوية مصرية    كريم قاسم مع لاعبي المصارعة تايسون فيوري ونغانو من كواليس فيلم ولاد رزق 3    «مناسب لكل الأعمار».. 5 وجوه للترفيه في مهرجان العلمين    ضبط 1500 مخالفة مرورية خلال حملة بالجيزة    لتأخر صرف الأدوية.. «الصحة» تحيل مديري الصيدليات بمستشفيي العامرية والقباري للتحقيق    أستاذ جراحة تجميل: التعرض لأشعة الشمس 10 دقائق يوميا يقوي عظام الأطفال    رئيس الاعتماد والرقابة الصحية يتابع الموقف التنفيذي لمشروع مؤشر مصر الصحي    قرعة التصفيات المؤهلة لكأس أمم إفريقيا 2025.. تعرف على موعدها    بسبب الانبعاثات..جنرال موتورز تواجه غرامة قدرها 145.8 مليون    صندوق النقد: 33% من الوظائف مُعرضة للخطر بسبب الذكاء الاصطناعي    سويلم يتابع ترتيبات عقد «أسبوع القاهرة السابع للمياه»    طلاب الثانوية العامة يمتحنون الكيمياء والجغرافيا.. السبت    المفتي يهنئ الرئيس السيسي والشعب المصري بالعام الهجري الجديد    "نور عيني مش لقياها".. أم تقتل ابنتها وتدفنها بمساعدة ابنها انتقاما للشرف    ملفات محافظ أسيوط الجديد.. أبرزها إنهاء الخصومات الثأرية وإحكام الرقابة على الأسواق    البيت الأبيض: هدف باريس وواشنطن حل الصراع عبر الخط الفاصل بين لبنان وإسرائيل دبلوماسيًا    تقرير: أوروبا تدعم زيادة شحنات الأسلحة لأوكرانيا وترفض إرسال جنود للقتال    العكلوك: الاحتلال يستهدف التوسع الاستيطاني وتقويض صلاحيات الحكومة الفلسطينية    ليبرمان يدعو بلاده لاستخدام "السلاح غير التقليدي" ضد إيران    حزب الله يشن هجوما بمجموعة من المسيرات على 7 مواقع عسكرية إسرائيلية    استقبال العام الهجري الجديد 1446 بالدعاء والأمل    محافظ القليوبية يعتمد مواعيد امتحانات الدور الثاني للعام الدراسي لصفوف النقل    «منهج تنفيذي».. محافظ المنيا الجديد: العمل وفق استراتيجية التواجد الميداني    وزير التموين ل"اليوم السابع": نستهدف جودة سلع الدعم المقدمة للمواطن    "رغم سنه الكبير".. مخطط أحمال بيراميدز يكشف ما يفعله عبدالله السعيد في التدريب    شيخ الأزهر ورئيس وزراء ماليزيا يفتتحان مجلس علماء ماليزيا    «دون وفيات».. انهيار منزل من 5 طوابق بالمنوفية    متى وقت أذكار الصباح والمساء؟.. «الإفتاء» تكشف التفاصيل    ناقد رياضي: متفائل بالتشكيل الوزاري وأدعم استمرارية أشرف صبحي في وزارة الرياضة    أول ظهور لحمادة هلال بعد أزمته الصحية    ميمي جمال: أنا متصالحة مع شكلي وأرفض عمليات التجميل    حظك اليوم برج الجوزاء الخميس 4-7-2024 مهنيا وعاطفيا    قصواء الخلالي: افتقدنا للأيادي القوية غير المرتعشة.. والحكومة الجديدة تضم خبرات دولية    دعاء استفتاح الصلاة.. «الإفتاء» توضح الحكم والصيغة    أول رد سمي من موردن سبوت بشأن انتقال «نجويم» ل الزمالك    ميدو: المنتخب الأولمبي «بيشحت» لاعبيه من الأندية    لميس حمدي مديرا لمستشفى طلخا المركزي    أمين الفتوى: لا ترموا كل ما يحدث لكم على السحر والحسد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لماذا الإصرار علي تغيير قانون التأمينات الاجتماعية
بقلم: د‏.‏ برهام محمد عطا الله‏
نشر في الأهرام اليومي يوم 11 - 01 - 2010

تواترت أحاديث السيد وزير المالية والتي أسندت إليها أعمال وزارة التأمينات مع تشكيل الوزارة الحالية في سنة‏2005‏ عن عزم الوزارة علي تغيير قانون التأمينات الاجتماعية رقم‏79‏ لسنة‏1975,‏ وإصدار قانون جديد ينطبق علي من سيدخلون سوق العمل بعد صدور القانون الجديد‏,. وأن المشروع الجديد سيخفض الاشتراكات المفروضة علي العمال وعلي أصحاب الأعمال بحيث ستحسب الاشتراكات علي الأجر الشامل الواقعي بنسبة تتراوح بين‏12%,18%,‏ وأنه سيكون لكل مشترك حساب خاص يستثمر ما تجمع فيه من خلال شركات خاصة مسجلة‏.‏ وكوسيلة لتمرير المشروع وعدم تخويف الخاضعين الحاليين للقانون‏79‏ لسنة‏1975‏ يقرر أنهم لن يتأثروا بالمشروع الجديد‏,‏ وهذا هو مايروجون له منذ أن خضعت هيئة التأمينات الاجتماعية وبنك الاستثمار القومي إلي سيطرة وزير المالية‏.‏
ويعجب المرء للتكثيف الإعلامي والإعلاني عن المشروع الجديد الذي يتبناه السيد وزير المالية والذي يراد به العصف بالنظام الموجود للتأمينات الاجتماعية‏,‏ علي أساس من الادعاء بأنه يحقق عجزا ماليا وأنه سيحقق عجزا ماليا في المستقبل‏.‏ رغم أن نظام المعاشات المصري الذي نظمه القانون‏79‏ لسنة‏1975‏ من الناحية الموضوعية والمالية والفنية من أعظم ما حققته مصر في الخمسين سنة الأخيرة‏.‏
فالنظام القائم بدأ بالقانون‏419‏ لسنة‏1955‏ بإنشاء مؤسسة التأمين والادخار وأضيفت إليه معاشات الشيخوخة والعجز والوفاة بالقانون‏92‏ لسنة‏1959‏ والذي حل محله القانون‏63‏ لسنة‏1964‏ وأخيرا هذا القانون‏79‏ لسنة‏1975‏ والذي وحد معاشات العاملين في الحكومة والعاملين في القطاع العام والخاص‏.‏ ونجاح هذا النظام يظهر من تراكم احتياطياته التي قد تصل هذا العام في رأي بعض المختصين أكثر من‏400‏ مليار جنيه مصري‏.‏ ويكفي أن نشير إلي ما أعلنه ذات السيد وزير المالية وزير التأمينات الاجتماعية قد بلغت خلال عام‏2009/2008‏ مبلغ‏60,3‏ مليار جنيه وأن المعاشات المنصرفة من الصندوقين قد بلغت في نفس الفترة‏31.6‏ مليار جنيه وأن الاشتراكات التي وردت للصندوقين قد بلغت‏31,8‏ مليار جنيه‏).‏
إذا أخذنا هذه المبالغ علي أنها تمثل بصدق حالة صندوقي التأمينات الاجتماعية لموظفي الحكومة وللعاملين بالقطاع العام والقطاع الخاص نجد أن النظام الحالي للتأمينات الاجتماعية لايبدو أن يحقق عجزا‏,‏ بل نجد أن الفائض المحقق كبير‏.‏ فما زالت الاشتراكات السنوية تساوي وتزيد علي المعاشات والتعويضات المنصرفة‏.‏ ومعني ذلك أن عائد الاستثمار البالغ طبقا لبيان الوزارة‏22‏ مليار جنيه لم يمس ولم يصرف منه شيئا‏,‏ وأنه سيضاف إلي مبلغ الاحتياطيات المتراكمة المودعة بحكم القانون لدي بنك الاستثمار القومي أو أنه سيقرض إلي الخزانة العامة أو الهيئات الاقتصادية العامة أو سيستثمر في إيداعات لدي البنوك أو في أسهم أو سندات‏.‏ والواقع أنه يمكن لنا أن نقول ببساطة أن احتياطيات الصندوقين تزيد كل عام بما لا يقل عن‏20‏ مليار جنيه نحو‏(‏ عشرين مليار جنيه‏)‏ في المتوسط‏.‏ وهذا مبلغ كبير يغطي ويزيد علي الالتزامات المستقبلية للصندوقين‏.‏
وليس من العسير أن نعرف سر نجاح نظام المعاشات المصري‏.‏ فهناك نظامان عالميان للمعاشات‏:‏ الأول هو نظام الاشتراكات المحددة والثاني هو نظام المزايا المحددة‏.‏ جمع النظام المصري للمعاشات حين نشأ في الخمسينيات علي أسس اكتوارية دقيقة بين مزايا النظامين‏:‏ نظام الاشتراكات المحددة‏,‏ ونظام المزايا المحددة‏,‏ فمنذ البداية والقوانين السابقة الاشارة إليها تحدد بدقة نسبة الاشتراكات التي تخصم من الأجر‏,‏ كما تحدد قدر وكيفية حساب المزايا التي سيحصل عليها المؤمن عليه حين يخرج علي المعاش‏,‏ وتلك التي يحصل عليها المستحقون بعد وفاته‏.‏ ولذلك يوصف النظام المصري بأنه نظام هجين‏,‏ دمج مزايا النظامين وتحاشي عيوب كل منهما‏.‏
علي عكس النظام الحالي يقوم المشروع المقترح الذي يتبناه السيد وزير المالية علي أساس نظام الاشتراكات المحددة فقط حيث يعرف فيه العامل أو الموظف ما الاشتراكات التي ستخصم من أجره‏,‏ ولكنه لن يعرف مستحقاته ولا المزايا التي سيحصل عليها حين يخرج علي المعاش‏.‏ وعدم تحديد هذه المزايا في المشروع المقترح مقصود وليس عن طريق السهو أو الخطأ‏.‏ إذ أن النظام المقترح يقوم علي أساس أن الاشتراكات ستوضع في حساب خاص لكل عامل أو موظف‏,‏ وأن هذا العامل أو الموظف سيحصل علي ما في حسابه عندما يخرج علي المعاش‏,‏ كبيرا كان هذا المبلغ أو قليلا بحسب ما إذا حسن استثماره أو ساء حظه‏.‏
الراجح لدينا أن الغرض من النظام المقترح هو تخفيض عبء الاشتراكات علي الدولة كصاحبة عمل مضطرة إلي سداد الاشتراكات عن موظفيها كما يفيد أيضا أصحاب الأعمال في القطاع الخاص‏,‏ بتخفيض تكلفة العمل مما قد يسهل‏,‏ حسب قولهم‏.‏ دخولهم في المنافسة العالمية‏.‏ الغرض الآخر قد يتمثل في إتاحة الفرصة لشركات إدارة الاستثمارات وسماسرة سوق المال لادارة أموال التأمينات المجمعة في الحسابات الشخصية للمؤمن عليهم في النظام المقترح‏.‏
وأيا كانت الأغراض الدفينة للاصرار علي تغيير نظام التأمينات الاجتماعية القائم‏,‏ فالمؤكد أن المؤمن عليه سيتحمل عبء ومخاطر الاستثمار كما سيتحمل مخاطر طول العمر‏.‏ ناهيك عما يقال من أن هذا المعاش لن يورث‏.‏ ففي هذا النظام المقترح سيقتصر الأمر علي أن العامل أو الموظف حين يخرج علي المعاش يستطيع أن يستخدم المبالغ المجمعة في حسابه الخاص في شراء وثيقة معاش لورثته من إحدي شركات التأمين‏,‏ وهي وثيقة مكلفة لم تتعودها السوق المصرية بعد وعلي وجه التأكيد لن يحقق المزايا التي يكفلها نظام القانون‏79‏ لسنة‏1975‏ للأولاد أو البنات إلي السن المحددة حاليا‏.‏
لكي نخرج من هذه المشكلة في حالة ما إذا كانت هناك رغبة في إدخال النظام المقترح إلي مصر‏,‏ فليسمح لنا بأن نقترح الابقاء علي النظام القائم دون المساس بأصوله‏,‏ وأن يكون النظام المقترح نظاما تكميليا للنظام القائم‏.‏
في الختام فالرأي عندنا أن يبقي النظام الحالي ولا يقفل علي من هم موجودون بالخدمة حاليا‏.‏ بل يظل مفتوحا لكل من يدخل الخدمة‏,‏ لأن حرمان الجدد من الاستفادة من النظام القائم‏79‏ لسنة‏1975‏ يعتبر مخالفا لقواعد المساواة وسيشوب أي نص شبهة عدم الدستورية‏,‏ كما أن النظام القائم سيختنق ويموت‏.‏ وتضيع المليارات المكونة لاحتياطيات الصناديق وكأنها صودرت من طرف وزارة المالية‏,‏ وهو أيضا ما لا يسمح به الدستور‏,‏ حيث أموال التأمينات أموال خاصة لجميع المؤمن عليهم‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.