كما كان متوقعا جاء نائب الرئيس الامريكي جوزيف بايدن الي بغداد السبت الماضي لايجاد حل للازمة السياسية العراقية التي افرزتها الصراعات المعقدة بين القيادات العراقية. وليس نتائح الانتخابات التي اجريت قبل اربعة اشهر ويومين في السابع من مارس الماضي. .. بايدن جاء الي العراق واجري مفاوضات مكوكية استمرت ثلاثة ايام مع القيادات العراقية الفائزة في الانتخابات محاولا بالاقناع تارة وبالضغط تارة اخري ان يتفق الساسة الجدد علي آلية وتوافق ينهي الوضع المعلق بتشكيل الحكومة وانهاء الازمة. وبالرغم من ان نائب الرئيس الامريكي ساهم في حل الكثير من التعقيدات العراقية واخرها كان القانون الذي اجريت الانتخابات بمقتضاه الا ان الوضع هذه المرة اكثر تعقيدا لانه مرتبط بمصالح شخصية ومصالح اخري للقيادات العراقية الا ان الامر الذي لامفر منه هو ان الجميع محددون بيوم الرابع عشر من الشهر الحالي وهو الموعد النهائي الذي يحدده الدستور العراقي لاختيار رئيس الجمهورية الذي يكلف رئيس الوزراء الجديد بتشكيل الحكومة وهو ما يعني ان الايام القليلة القادمة ان لم تشهد اتماما للصفقات واقرارا من جميع الاطراف بتقاسم السلطة فان جميع السيناريوهات محتملة ولكن التجارب العراقية السابقة تشير الي ان الايام الاخيرة دائما تشهد انفراجا في الازمات مع تفجيرات هنا وهناك لارباك الوضع قدر الامكان وهو متوقع والامر الذي لاشك فيه هو ان الولاياتالمتحدة لن توفد الرجل الثاني فيها الي العراق وهو احدي ساحاتها القتالية دون ان يحقق المرجو امريكيا او تركه معلقا, الامر الذي لايمكن تجاهله ان التاكيدات الامريكية سواء من خلال نائب الرئيس الامريكي او من خلال وفدي الكونجرس اللذين زارا بغداد بالتزامن مع زيارة بايدن وجدت صدي سياسيا وعسكريا لدي الكثير من الاطراف داخل العراق وخارجه فكان القصف المتكرر للمنطقة الخضراء اثناء احتفال بايدن واركان السفارة الامريكية والقيادات العراقية( بعيد الاستقلال) وهو القصف الذي كان قد توقف لاكثر من ثلاثة اشهر وثم المظاهرات التي خرجت تطالب( بخروج) بايدن من العراق من قبل انصار التيار الصدري في النجف واخيرا التصريحات الايرانية( ومطالبة الولاياتالمتحدةالامريكية بعدم التدخل في الشأن العراقي وترك العراقيين يختارون حكومتهم) وكأن الجميع قد نسوا ان الولاياتالمتحدة قد فقدت الكثير من هيبتها وخسرت الاف القتلي ودفعت مليارات الدولارات لتترك الامر للعراق ولايران او للعاملين لصالحها فيه حسب يقول احد المصادر, الذي يؤكد ان الولاياتالمتحدة وايران في صراع وربما تشهد الفترة القادمة تصعيدا له في العراق خاصة أن العراق اصبح الان المورد الاكبر للتجارة الخارجية الايرانية ومن يدخل اي سوق او يمر في اي شارع يتأكد من ذلك ومن يراجع التعاقدات الحكومية في مختلف المجالات يدرك الحقيقة, وهو ما يعني ان الولاياتالمتحده عليها الاقرار بالدور الايراني القوي الذي سمحت بتناميه داخل العراق لانه اكبر من ان تواجهه الان وما يحدث سيكون توافقا غير معلن عبر وسطاء معروفين لحل الامر خاصة ان عملية خفض عديد القوات الامريكيه مستمرة ويبلغ عددها الان مايقارب ال76 ألف جندي وسينخفض إلي50 ألفا مع بداية سبتمبرالمقبل ورغم الرسالة التي حملها القصف الصاروخي للمنطقة الخضراء الا ان بايدن اكد ان الالتزام الامريكي تجاه العراق طويل وممتد وهو الامر الذي اكده راي اوديرنو قائد القوات الامريكية بالاعلان عن تخصيص الكونجرس مبلغ مليار دولار اضافي للعام الحالي2010 لتمويل عملية تدريب قوات الامن العراقية ورفع مهاراتها العسكرية وأن الرئيس اوباما طلب ملياري دولار اضافية للسنة المالية المقبلة للعام2011 كمبادرة منه لتطوير مهارات الجيش العراقي والشرطة وجعلها قادرة علي حفظ الامن الداخلي وصد التهديدات الخارجية بعد انسحاب القوات الأميركية بالكامل نهاية عام2011 علي حد قوله, والامر الذي لاجدال فيه الان ان تشكيل الحكومة الجديده هو صراع ارادات ليس بين الاطراف العراقية بل بين اطراف اخري خارجية ومعروفة وكانت الجولة الاولي خلال السنوات السبع لايران التي نجحت فيها وبذكاء كما قال موفق الربيعي مستشار الامن الوطني العراقي, اما الجولة الحالية ففي ضوئها سيتحدد مصير العراق والعلاقات الاقليمية من خلال الحكومة الجديدة خاصة ان تجربة السنوات الأربع لاتشجع الكثير من الاطراف علي التعامل مع نفس الوجوه المجربة داخليا وخارجيا علي كافة المستويات, والامر المستغرب حسبما يؤكد الكثير من العراقيين ان الكثيرين ممن يحكمون الان والاحزاب يصرحون في الجرائد وعلي الفضائيات بان الولاياتالمتحدة غير معنية بالتدخل في تشكيل الحكومة او في الشأن العراقي وقد تنا سوا او نسوا انه لولا الولاياتالمتحدة لم يكن لهم اساسا اي وجود في العراق وما قيل ويقال عن الديمقراطية والانتخابات فهم يعرفون حقيقته سواء بالتزوير او الحشد الطائفي والعرقي ويؤكد ذلك ان العراق مازال خاضعا للبند السابع من ميثاق الاممالمتحده بل ان كثيرا من الاطراف الحكومية العراقية اعلنت اكثر من مرة بانه من الممكن اللجوء الي الاممالمتحدة في حالة استمرار تعثر تشكيل الحكومة الجديدة وهو ما يفتح الطريق الي سيناريو اخر في حالة عدم الوصول الي توافق بشأن الحكومة, وبلا شك افان اجتماع بايدن مع ايد ميلكرت ممثل الاممالمتحدة في العراق بحث جميع الخيارات بما فيها هذا الخيار. وبالرجوع إلي المرجعية الدستورية اي الدستورالعراقي فانه ينص علي ان: رئيس الجمهورية يدعو مجلس النواب الجديد للانعقاد خلال15 يوما من مصادقة المحكمة الاتحادية علي نتائج الانتخابات( وهو ما حدث بالفعل) ويجب علي المجلس الجديد أن يختار في جلسته الأولي رئيسا له ونائبين للرئيس( وهو ما لم يحدث) ثم يقوم مجلس النواب خلال مدة أقصاها ثلاثون يوما بانتخاب رئيس الجمهورية( وهو المنتظر) يوم14 من الشهر الجاري ويقوم الأخير خلال15 يوما بعد انتخابه بتكليف مرشح الكتلة الأكبر( غير محددة برلمانيه ام انتخابية) بتشكيل الحكومة ويكون أمام رئيس الوزراء المكلف ثلاثون يوما لإنجاز مهمته فإذا لم ينجح يكلف رئيس الجمهورية شخصا بديلا عنه. والامر المؤكد هو ان تشكيل حكومة عراقية تمثل الجميع ولا تهمش او تستبعد اي طرف هو مطلب شعبي عراقي والاساس القوي للاستقرار والتنمية, وتكون البداية لانهاء معاناة العراقيين من ازماتهم اليومية ووضع العراق علي بداية طريق انهاء الاحتلالات والتدخلات في شئونه. هذه الصراعات الداخلية والتدخلات الخارجية دفع ويدفع الابرياء ثمنا لها وما حدث من مجازر استهدفت الزائرين لمرقد الامام موسي الكاظم احياء لذكري وفاته يومي الاربعاء والثلاثاء الماضيين في بغداد والتي سقط فيها اكثر من500 شخص بين قتيل وجريح هي نتاج ذلك ونتاج غياب التوافق السياسي والارتباك الامني ومحاولات البعض داخل العراق وخارجه اعادة الامور الي المربع لاول وتكرار سيناريو الحرب المذهبية من جديد لصالح اطراف داخل العراق وخارجه بهدف ارباك الوضع وإحياء الفتن وتحويل العراق من جديد الي بؤرة للفتن والاستقطابات المذهبية تحقيقا للمصالح شخصية واطماع تاريخية وهو الأمر ادركه الجميع الآن وإن كان متأخرا.