هل من الممكن أن تقتل الأم وليدها الرضيع دون أن تشعر؟ وهل تعد جريمة أن تستمر الأم في إرضاع طفلها إذا حدث لها حمل في أثناء الرضاعة؟ عن أسماء بنت يزيد بن السكن قالت سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: لاتقتلوا أولادكم سرا فإن الغيل يدرك الفارس فيدعثره عن فرسه (أخرجه أبو داود وابن ماجه في سننهما)... والحديث الصحيح بلفظ آخر, وهنا يقسم فيه رسول الله صلي الله عليه وسلم. لا تقتلوا أولادكم سرا.فوالذي نفسي بيده أن الغيل ليدرك الفارس علي ظهر فرسه حتي يصرعه( أخرجه ابن حيان في صحيحه والبيهقي و الإمام أحمد في سننهما). والغيل هنا( بالفتح) هو لبن الأم المرضع إذا حدث لها الحمل في أثناء الرضاعة, وسمي بالغيل لشدة ضرره فكأنما يغتال الطفل ويفتك به! وقد أراد الرسول أن يبين لنا أن المرضع إذا حملت فسد لبنها, وأصبح أشبه بالسم البطيء, فينهك الولد إذا تعاطاه ويصبح خاويا حتي إذا بلغ مبلغ الرجال وصار رجلا فارسا وركب الخيل فركضها أدركه ضعف الغيل فزال وسقط عن متونها, فكان ذلك بمثابة القتل له غير انه سر لايري ولايشعر به حتي إن العرب تقول في الرجل تمدحه: ما حملته أمه وضعا ولا أرضعته غيلا. وكلمة سرا هنا في قتل الطفل غاية في الإعجاز, فهي إعجاز لغوي وعلمي ايضا, وذلك لأسباب ثلاثة: أولها: أن الأم الحامل التي ترضع وليدها لايلحظ أحد أنها حامل, واللبن الفاسد الذي ترضعه لوليدها قد فسد سرا, فلا يعلم بفساده وخطورته علي الرضيع إلا الله سبحانه حتي الأم نفسها لاتدري أن اللبن قد فسد.. كذلك عندما يظل تأثير هذا اللبن الفاسد بحيث يؤثر في الرضيع مدي الحياة فإنه يضعفه نفسيا وعقليا وصحيا إلي درجة أنه قد يوؤدي بحياته علي المدي البعيد, وكذلك لن يدرك أحد بل لن يتخيل أحد بعد سنوات طويلة أن اللبن الفاسد هذا هو سبب هلاكه إلا المولي عز وجل فأصبح ذلك أيضا سرا لايدرك. ويعتبر لبن الأم المصدر الرئيسي لتغذية الطفل, وهو الطعام المثالي له خلال السنة الأولي من عمره ذلك لأنه يعطيه أفضل ما يمكن لنموه الطبيعي عامة والذهني بصفة خاصة علاوة علي فوائده المناعية والنفسية. وقد ثبت أن لبن الأم تظل كمية البروتين به ثابتة غير متأثرة بطعام الأم بحيث يدر من البروتينيات ما يكفي لنمو الطفل فلايتأثر بروتين اللبن بما تأكله سواء كانت فقيرة أو غنية. وقد أجريت دراسة شملت60 سيدة بعضهن مرضعات حوامل والأخريات مرضعات لسن بحوامل وقمت بتحليل لبن الثدي فيهن لمعرفة إلي أي مدي يحدث تغير في مكونات لبن الأم المرضع نتيجة للحمل, وفوجئت بأن نسبتي اللاكتوز( سكر اللبن) والدهون قد انخفضتا وبصورة إحصائية ملحوظة في لبن الأم إذا كانت حاملا فالحمل يضعف هذين المكونين المهمين ولهما أثر بالغ وأهمية قصوي من حيث نمو المخ والجهاز العصبي خاصة, بل وسائر أنسجة الطفل الأخري علي وجه العموم, وقد صدق رسول الله صلوات الله وسلامه عليه والذي لاينطق عن الهوي في نصيحته البالغة وتحذيره المهم, ذلك بأن تتجنب الأم إرضاع وليدها نهائيا إذا كانت حاملا, فإن الطفل الذي يرضع من هذا اللبن يشب ضعيفا هزيلا خائر القوي, جبانا مفتقرا لكمال الجسم والعقل والنفس إلي درجة أنه لايستطيع أن يتماسك ويستقر فوق جواده لافتقاره القوة البدنية واتزانه العقلي والنفسي, فيسقط علي الأرض وقد يموت ذلك أنه قد أدركته ضراوة الغيل الذي لايرحم. لذلك فإن نصيحتي للأمهات أن يتجنبن حدوث الحمل خلال فترة الرضاعة باستعمال وسيلة مناسبة, وإذا حدث لهن الحمل فواجبهن أن يوقفن الرضاعة فورا وإلا قتلن أطفالهن. د.محمد المليجي رئيس أقسام النساء والتوليد بطب القاهرة