لم يعرف عن الرئيس الامريكي باراك أوباما يوما أنه محب لكرة القدم أو أنه متابع جيد لمبارياتها, لكن الرئيس حرص رغم برنامجه المزدحم علي استقبال منتخب بلاده قبل السفر للمشاركة في مونديال جنوب أفريقيا. كان حرص أوباما نابعا من شعوره بقيمة البطولة كأكبر حدث كروي, استقبل الرئيس بصحبة نائبه والرئيس الأسبق بيل كلينتون نجوم بلاده وانتهي اللقاء بكلمات التشجيع والتأكيد علي متابعته لمباريات الفريق أمام شاشة التلفاز, لم يكن الأمر يتطلب من الرئيس الأمريكي أكثر من استقبال رسمي وكلمات التشجيع, لأن حدثا كهذا ليس له التأثير الكبير في مسيرته كرئيس طامح في الاحتفاظ بموقعه لفترة جديدة في الانتخابات التي ستجري بعد عامين. فيما تكبد آخرون عناء السفر إلي جنوب أفريقيا لمساندة منتخبات بلادهم رغبة في استثمار الحدث سياسيا كما يؤكد شيرو موراياما الأستاذ بجامعة اتونوموس المكسيكية الذي أعد دراسة مهمة عن تأثير كأس العالم علي المستقبل السياسي للرؤساء والشخصيات العامة حيث رصد علاقة وثيقة بين نتائج الفرق في البطولة ونتائج الانتخابات في الدول المشاركة بالمونديال, ودلل علي ذلك بما حدث بعد كأس العالم عام1978 وكيف ساهم فوز الأرجنتين باللقب في تحسين صورة الحكم الديكتاتوري للبلاد, وكيف أثر خروج إسبانيا المبكر من مونديال فرنسا1998 سلبا علي حكومة المحافظين. ربما كانت نتائج الدراسات التي انتهي إليها موراياما وراء تحذيرات المعارضة الإسبانية لرئيس الوزراء ثاباتيرو من استثمار نتائج منتخب الماتادور في الدعاية لحزبه الاشتراكي في الانتخابات العامة المقبلة, وإن كان ثاباتيرو وحزبه لا يضعون انجازات الكرة الإسبانية في السنوات الأخيرة علي أجندتهم إلا أنه النتائج الإيجابية للمنتخب الأسباني قبل البطولة رفعت المعنويات وساهمت في تخفيف الضغط علي الحكومة التي تعاني من آثار الأزمة الاقتصادية العالمية وارتفاع معدلات البطالة إلي20% كان ثاباتيرو متهم باستغلال منتخب بلاده, فالرئيس البرازيلي لولا داسيلفا لا يجد غضاضة في ذلك, فالرئيس العاشق لكرة القدم في وطن يعيش علي إيقاع اللعبة, يحتفظ بعلاقات قوية بنجوم السامبا وعلي تواصل دائما مع مدرب الفريق ولا يتوقف عن التعليق علي الأحداث خاصة فيما يخص الغريم التقليدي المنتخب الأرجنتيني, لكن لولا البعيد عن سباق الرئاسة المقبل يأمل في انهاء حكمه بانجاز كروي كبير خاصة أن فترته شهدت انجازيين كبيرين بفوز بلاده باستضافة مونديال2014 وريو دي جانير بأولمبياد.2016 لكن في ظل ابتعاد الرئيس لولا عن الانتخابات تدور حرب ساخنة بين الحزب الحاكم ومعارضيه حيث يحاول كل فريق الترويج لمرشحه لخلافة لولا داسيلفا أحد أكثر رؤساء العالم شعبية وأكثرهم نجاحا, والذي يترك موقعه بعد أن حققت بلاده نموا اقتصاديا هذا العام بلغ6.4% هو الأعلي خلال15 سنة. وبينما ترتفع شعبية لولا تجد رئيسة الأرجنتين كرستينا كيرشنر نفسها في مأزق سياسي يهدد مستقبلها ويؤكد المتابعون أن الفوز بمونديال2010 ربما يكون قبلة الحياة وأسطوانة الأوكسجين التي تبقي علي حظوظها قبل انتخابات الرئاسة العام المقبل, وتعقد الرئيسة آمالا كبيرة علي مارادونا وفريقه, فيما يعي الرئيس المكسيكي فيليب كالديرون قيمة كأس العالم وتأثيره علي سكان البلاد الغارقة في أزمات اقتصادية طاحنة, ولهذا سافر إلي جنوب أفريقيا ليساند بلاده في الحدث الكبير ويدرك هو ومساعدوه أن ظهوره مع نجوم المنتخب ربما يرفع أسهمه بعد أن تراجعت شعبيته بشكل كبير الأمر الذي يضعف فرصه في الانتخابات المقبلة عام.2012 وإذا كان كأس العالم يساهم في رسم الخريطة السياسية لبعض الدول التي تشارك منتخباتها في البطولة, فإن كولومبيا التي لم تتأهل إلي النهائيات تعيش علي وقع انتخابات رئاسية ساخنة وقد تؤثر المباريات علي نتائجها بشكل كبير حيث سيكون الاقتراع في العشرين من يونيو موعد مباراة إيطاليا مع نيوزيلندا والبرازيل مع كوت ديفوار ويخشي مرشح المعارضة انتاناس موكوس من عزوف السكان عن المشاركة لرغبتهم في متابعة اللقاءين الأمر الذي يحرمه عددا كبيرا من الأصوات في مواجهة المرشح المدعوم من الحكومة خوان مانويل سانتوس.