شعور عام بالارتياح يسود بين أهالي قطاع غزة حاليا بعد قرار الرئيس حسني مبارك يوم الثلاثاء الماضي بفتح معبر رفح بشكل يومي, معتبرين أنه بادرة خير كبيرة. ومعربين عن تطلعاتهم الكبيرة في أن تواصل مصر جهودها لإنجاز المصالحة الفلسطينية, وتفكيك الحصار الإسرائليلي بالسماح بفح معبر رفح بشكل دائم, وكاشفين في الوقت نفسه عن ألوان من المعاناة التي يعانونها بسبب استمرار الحصار الإسرائيلي الجائر بحقهم, مؤكدين أنهم يعيشون في ظل الحصار في ليل لا ينتهي, وظلام لا ينقطع, ومعاناة لا تتوقفس, وهو الوصف الذي يطلقه الشاعر الفلسطيني الشاب سمير أبو دقة, علي الوضع بالقطاع حاليا. في الوقت نفسه يرسم الفلسطينيون القادمون من غزة عبر المعبر لتحقيقات الأهرام صورة كابية للوضع هناك, كاشفين عن جملة من المتاعب التي يعانونها, وفي مقدمتها مشكلة تواصلهم المقطوع مع العالم الخارجي, وصلة الأرحام التي تقطعت مع الأقارب بمصر والأردن والعالم, علاوة علي مشكلة انقطاع الكهرباء التي تؤثر بشكل يومي علي جميع أشكال الحياة في غزة. سمير أبو دقة شاعر فلسطيني شاب يعيش بمحافظة خان يونس في غزة يصف الحياة بالقطاع بعد عبوره من معبر رفح قائلا: الحياة بغزة اصبحت كلها دمارا ويأسا, تبكي من لا يبكي, لا هواء نقي, ولا ماء, ولا كهرباء, وطائرات تحلق فوق رؤوسنا طوال الوقت ليل نهار, واصبحت حياتنا اليومية عبارة عن نوم أغلب الوقت وانترنت وكلام بعضنا مع بعض.. ولا عمل أو أي شيء آخر. ويتابع حديثه: الشباب الفلسطيني يقضي وقته بين النت والمقاهي, ونسبة البطالة بينه تكاد تصل إلي80% من الشباب, فليست هناك أشغال, ولا مؤسسات تقوم بتشغيل هؤلاء الشباب, والخريجون الذين يتخرجون في الجامعات باعداد كبيرة, لا يجدون وظائف ولا فرص عمل. ويضيف: برغم كل هذه المعاناة التي نعيشها بغزة.. نتمني فقط ان نصير كلنا وحدة واحدة, وان ينتهي الانقسام بين سلطتي رام اللهوغزة. وتناشد سالمة القمحاوي مصرية متزوجة من فلسطيني الرئيس مبارك استمرار فتح معبر رفح بشكل دائم حتي أتمكن من زيارة أهلي. وتشير إلي وجود عشرات النساء المصريات اللاتي يعشن في غزة بسبب النسب والأصهار بين عائلات فلسطينية ومصرية, وتضيف:سنحن بحاجة دائمة لزيارة مصر, فجميع أولادي معهم الجنسية المصرية, فمصر بالنسبة لنا هي الحياة, فانا عشت طفولتي وشبابي في مصر, وصديقاتي كافة موجودات هنا في مصر. انقطاع المياه والكهرباء أما انتصار البحاروة من غزة فتصف الحياة في غزة قائلة: أصبحنا نعيش في جحيم, فالمياه قليلة جدا والكهرباء دائما منقطعة, ولا تأتي سوي ساعتين في اليوم.. لا أدوية.. ولا أطباء.. وأجهزة الأشعة معطلة بالمستشفيات, وحتي الأطباء أصبحوا قليلين جدا, لذلك جئت للعلاج في معهد ناصر بالقاهرة, لأنني مريضة بالقلب. انقطاع الكهرباء يؤثر أيضا علي حركة المحال التجارية والمصانع المحدودة الموجودة في غزة كما يؤثر علي المستشفيات والعمليات الجراحية, فيؤدي ذللك إلي حالات وفيات, ومعاناة شديدة للمرضي والأطباء معا. وتشير إلي سهولة الإجراءات علي الجانب المصري, وأن الأمور تجري بشكل سلس جدا. وتقول: سلم أنتظر سوي دقائق معدودة علي الجانب المصري من المعبر, بعد انتظاري أكثر من18 ساعة في الجانب الفلسطيني من المعبر لكي أمر منه! وخلال رصدنا لمعاناة الأخوة الفلسطينيين القادمين من غزة في معبر رفح لفت نظرنا العديد من الفلسطينيين المقيميين في الضفة الغربيةورام الله الذين جاءوا لرؤية أهاليهم بالقطاع. نزيهة زكي( مقيمة في رام الله) لم تر أهلها منذ حدوث الانقسام الفلسطيني ووقع حصار غزة, فهي تعيش في رام الله مع زوجها الذي يعمل هناك, ووالدها وإخوتها يعيشون في القطاع, وقد جاءت إلي رفح عن طريق الأردن ثم ميناء العقبة ثم ميناء نويبع, وبعدها جاءت إلي رفح, بعد تكبد عناء يومين كاملين في السفر للمجيء إلي رفح, قبل دخول غزة. أم فتحي بعد أن خرجت من المعبر قادمة من غزة قالت:أول شيء أوجه الشكر لمصر والرئيس حسني مبارك علي فتح المعبر, وهو المعبر الوحيد المؤدي الي قطاع غزة الذي لا تسيطر عليه اسرائيل, وهذا المعبر هو شريان الحياة بالنسبة لنا في غزة خاصة في الوقت الحالي الذي بلغ فيه الحصار مرحلة سوداء. وعبرت عن أملها في أن يبقي المعبر مفتوحا علي الدوام. وتضيف: آمل أن يكون فتح المعبر بداية النهاية لمعاناة سكان القطاع والحصار الاسرائيلي, واذا فتحت مصر المعبر بشكل دائم فسيكون ذلك ضربة قوية لجهود اسرائيل لإبقاء الحصار الذي تفرضه علي القطاع منذ سنوات. ويضيف: نعم.. نعاني من الجوع ونقص مواد الإغاثة لكن معاناتنا من الانقسام أشد.. وقد أصبح العرب ينظرون إلي الفلسطينيين نظرة غير إيجابية بسبب هذا الانقسام.. لذا نطالب مصر باستمرار جهودها لإنجاز المصالحة الفلسطينية, وليس هناك وقت أفضل من هذا الوقت لتقوم مصر بدورها العظيم في هذا الصدد, بعد تداعيات حادثة أسطول الحرية التي أعادت من جديد جمع قلوب الفلسطينيين وتوحيد مشاعرهم ضد الاحتلال الإسرائيلي..لذا نحن نطالب بالوحدة لأننا لا نستطيع أن نعيش بدونها. ويجب علي فتح وحماس وقف التلاسن القائم بينهما. ويقول حمدي حسين من غزة: أكثر ما نحتاجة في القطاع هو الحديد والاسمنت والطوب لأن معظم بيوت غزة منهارة, ومعظمنا يعيش في خيام, بالاضافة إلي العلاج والادوية, ولدينا نقص كبير في الأطباء لذلك معظم من جاءو من غزة جاءوا للعلاج في مصر. وتضيف: الحياة بالقطاع أصبحت باهظة الثمن جدا خاصة أغراض الحياة اليومية مثلا أنبوبة البوتجاز تباع ب90 شيكل أي ما يعادل120 جنيها مصريا, وجوال الدقيق ال50 كيلو يباع ب200 جنيه, وغالبية أهالي غزة يعيشون علي المعونات التي تأتي من الجانب المصري, وعبر الأونروا, وبرغم كل ذلك لا يوجد فلسطيني يريد ترك بيته بغزة برغم ما نعانيه بها. ويواصل حديثه: المستشفيات والمركز الصحية والعيادات في القطاع المحتل تعاني من نقص الأجهزة الطبية خاصة أجهزة علاج الكلي وغسلها, والأجهزة الدقيقة, وأجهزة العلاج الطبيعي, وأجهزة إجراء التحاليل, والأشعات المختلفة, كما أن هناك نقصا كبيرا في المعدات الصحية, والأدوات الجراحية, وقطع غيار الأجهزة الطبية, مما يؤدي إلي تأثير مباشر علي حياة المرضي والمقيمين في المستشفيات. ويشير إلي النقص الشديد في مستلزمات غرف العمليات, والطوارئ الأدوية خاصة أدوية علاج السرطانات, والأمراض المستعصية, وأدوية القلب.. إلخ مما يؤدي إلي الوفاة في بعض الأحيان. لمسة إنسانية اللواء مراد موافي محافظ شمال سيناء يصف قرار الرئيس مبارك بفتح معبر رفح بأنه لمسة إنسانية منه لرفع المعاناة عن أهالي قطاع غزة, بعد الحملة الغوغائية تجاه مصر, عقب العدوان الإسرائيلي علي ناشطي أسطول الحرية, موضحا أنها ليست المرة الأولي التي يتم فيها فتح المعبر, إذ يتم فتحه يومي الأربعاء والخميس من كل أسبوع, خاصة لمرور الحالات الحرجة, وحتي قبل صدور قرار الرئيس مبارك الأخير كان المعبر مفتوحا, وعبر منه6300 فلسطيني بين مريض ومرافق, عند فتحه قبل صدور القرار بعشرة أيام. ويضيف: لا أحد يزايد علي مصر ودورها, وقرار الرئيس مبارك لا يعني أن مصر لم تقم بدورها وأنها تقوم الان به, بدليل أنه تم تسجيل24 ألف حالة مرور خلال العام الحالي, منها8 ألاف حالة طبية وصحية, كما تم إرسال خمسة آلاف طن من المعونات الغذائية, و140 طن أدوية, وسيارت بأحجام مختلفة, وبطاطين وأغذية وعدد كبير من مولدات الكهرباء, علاوة علي إرسال سيارات إسعاف مجهزة, ونقل الحالات الصحية الحرجة مباشرة من المعبر إلي المستشفيات المختلفة داخل مصر. ويتابع: نحن نرحب بأي فلسطيني سواء كان عابرا للتعليم أو العلاج أو العمل بالخارج أو لاحتياج طبي أوالعودة علي أن يساعد الأجهزة المصرية يأن يكون لديه تأشيرة, بأن يكون اسمه مدرجا للعبور, مشيرا إلي أن أي دولة تريد تقديم معونات ومساعدات فعليها التنسيق مع الهلال الأحمر الذي يقوم بدوره بتوصيلها للأشقاء الفلسطينيين.