كتبت : ماري يعقوب: نتائج مثيرة تلك التي رصدتها دراسة صادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء, تشير الي أهم المشكلات التي تعاني منها سوق الدواء وهي ندرة المواد الخام والمواد الوسيطة اللازمة للتصنيع الدوائي. ولتي تتراوح تكلفتها عند الاستيراد مابين65% و85% من قيمة الخامات الدوائية المنتجة بالاضافة إلي معوقات أخري منها الارتفاع المستمر لتكلفة تلك المواد مما يشكل أعباء إضافيه علي الشركات المنتجة, علاوة علي مشكلة التسجيل مع الدول العربية التي تستغرق فترة طويلة. وعن المستقبل الذي ينتظر صناعة الدواء المصرية في ظل هذا العجز عن إنتاج المواد الخام يقول الدكتور محمد البهي نائب رئيس غرفة صناعة الدواء: إن هذه الصناعة تمر بمرحلة في منتهي الخطورة لأن صناعة الأدوية تعتمد في المقام لأول علي وجود الخامات, وهذا لايمكن توافره إلا إذا توافرت التكنولوجيا اللازمة لذلك, وهي مرتبطة ارتباطا وثيقا بجدية البحث العلمي وكلنا يعلم حال البحث العلمي في مصر خاصة فيما يتعلق بهذه الصناعة, ولاننسي أن مصر كانت أكثر دولة تأهيلا لاتبكار صناعة الادوية في المنطقة, وذلك منذ إنشاء أول مصنع شركة مصر في المنطقة كلها عام1934 الذي انشأه طلعت حرب والذي أصبح في الستينيات مؤسسة الادوية التي كانت بها معامل علي أعلي مستوي تقوم بالبحث العلمي, وكان هدفها البحث وابتكار الادوية الجديدة, وكان علي الدولة حماية شركة النصر المنتجة للخامات والبتروكيماويات الدوائية ولكن بعد تحول المؤسسة إلي شركة قابضة أصبح الحساب بالمكسب والخسارة فتحول نشاط شركة النصر تدريجيا إلي صناعة الدواء بالاعتماد علي اسيتراد خاماته, وأصبحنا اليوم نستورد كل المواد الخام, وأصبحت صناعة الدواء في مصر مجرد صناعة تجميعية أو تجميلية, وخطورة ذلك أن الشركات العالميه تحتكر الدواء والمواد الخام لذلك سيكون المستقبل امامنا مغلقا في هذا المجال وسنكون أمام خيارين كلاهما صعب وهو إما أن يتم رفع الأسعار للمستهلك بما يقترب من أسعار المنتج التام أو أن يتحول العالم ويوقف إنتاج الخامات التي تستخدم في الأدوية المثيلية خاصة بعد الاندماج العالمي للشركات العملاقة في نفس السياق يري الدكتور جلال غراب وكيل لجنة الصناعة والطاقة بمجلس الشوري والرئيس السابق للشركة القابضة للصناعات الدوائية أن هناك تهديدات حقيقية لصناعة الدواء في مصر وان هذه الصناعة باتت تعتمد علي الادوية القديمة التي يخلو منها أي دواء جديد خاصة بعد تطبيق اتفاقية منظمة التجارة العالمية, مشيرا إلي أن صناعة الدواء التي انتزعت منها الدول العربية مثل الاردن وسوريا والسعودية النسبة الاكبر لتصنيعها نفس الأدويه التي تتنجها أدي إلي تقليص فرصة تصدير أي منتجات جديدة إلا في حدود ضيقة خاصة أن هذه الدول كانت تعتمد علي مصر في الاستيراد.