بعد غياب فاجأنا السيد رمضان شلح الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين, بالظهور علي فضائية الجزيرة, مكررا إدعاءاته القديمة باتهام مصر بتعذيب الجرحي الفلسطينيين. وأن السجون المصرية تحولت إلي جوانتانامو عربي!!. ولأن الكذب ليس له أقدام, كما يقول المثل الشعبي, فإن السيد شلح اعترف أن هذه الأخبار أتت إليه من غزة, وأن هؤلاء الذين زعم السيد شلح أنهم قد تعرضوا للتعذيب, عندما خرجوا عبر مصر للعلاج إلي بلدان أخري, لم تفعل السلطات المصرية معهم أي شيء, ولكن عندما عادوا من رحلات علاجهم تم توقيفهم وتعذيبهم, ثم سمح لهم بالعودة إلي غزة, ولا أعرف لماذا تذكر السيد شلح هذا الموضوع في هذه الأيام, رغم أنه إذا كان صحيحا فقد مر عليه نحو عامين, أي عقب العدوان الإسرائيلي الغاشم علي شعبنا الفلسطيني في غزة, ويبدو أن السيد شلح, لم يسأل نفسه, لماذا سمحت السلطات المصرية بعبور الجرحي من معبر رفح عبر سيناء ثم الوصول للقاهرة, وتسهيل السفر لهم لدول أخري, ثم استقبالهم بعد علاجهم, والانتظار بعد ذلك لتقوم بتعذيبهم؟!. منطق أعوج, اعتمد علي تزوير الحقائق ويحاول إخفاء الأسباب الأخري التي يمهد لها السيد شلح وتنظيمه الجهادي. عقب تصريحات شلح, استضافتني قناة الجزيرة للتعقيب علي ما قاله, فوصفت أكاذيبه بأنها تدعو للسخرية والضحك, وتساءلت, وأنا أعرف, من يقف وراء السيد شلح ودفعه لترديد هذه الأسطوانة القديمة مع فاصل هجوم علي مصر ومواقفها, وقلت إنني أتحدي السيد شلح, أن يأتي بمن يدعون ذلك علي مصر, وسأقوم بصفتي كصحفي بالذهاب لوزارة الصحة المصرية, لإثبات أن آلاف الأشقاء الفلسطينيين من مقاومين ومواطنين عاديين, تلقوا العلاج في مستشفيات: القاهرة والجيزة والعريش, بعدها دفع السيد شلح بأحد اتباعه, لتمثيل دور الضحية التي تعرضت للتعذيب, وظهر في اليوم الثاني علي الجزيرة, ليردد كلام سيده, ويدعي وجود إصابات ظاهرة في جسده من آثار التعذيب, رغم مرور كل هذه المدة, التي يجب أن تختفي فيها أي آثار للتعذيب في حالة حدوثه!! انتهت الحلقة الأولي من تمثيلية السيد شلح وتابعه, ولم تدعني قناة الجزيرة كما فعلت معي من قبل مع السيد شلح للرد علي تابعه الغرابلي, الذي ظهر بصحة جيدة وارتدي زيا أنيقا برباط عنق, ولم يستطع اجادة دورة, ولكنه أثبت أنه كادر جهادي مطيع, حاول تقليد سيده في الادعاء واخفاء الحقائق, ولأنه ليس ممثلا جيدا فقد سقط مثل سيده في أكاذيبه, حيث ادعي ان الجرحي منعوا من الصلاة, ثم اعترف أنهم سمح لهم بالصلاة3 صلوات, ثم نسي ذلك وقال انه تم منعهم من المجاهرة بها, وأن التحقيق معهم كان يتم في وجودهم جميعا وفي غرفة واحدة, وأن المحققين المصريين سألوا عن لون سيارة السيد شلح, روايات بأسئلة ساذجة تدرك من خلالها رداءة السيناريو الذي وضع للغرابلي, الذي أكد بثقة يحسد عليها أنه كان معصوب العينين طوال50 يوما, ولكنه رغم ذلك اكتشف أن أجهزة الحاسبات التابعة للأمن المصري تتصل مباشرة بالحاسبات الأمنية في عدد من الدول منها أمريكا والأردن والسعودية ولم ينس إسرائيل بالطبع!!. توقعت أن تعود الجزيرة إلي الاتصال بي لمتابعة حملتها الإعلامية المحايدة, فذهبت إلي وزارة الصحة المصرية, وطلبت من وزيرها د. حاتم الجبلي أن يوفر لي بعض المعلومات المتعلقة بأعداد الأشقاء الفلسطينيين الذين تم علاجهم في مصر. خلال العامين الماضيين, وخلال يوم واحد تفضل الدكتور عبدالرحمن شاهين المتحدث الرسمي باسم الوزارة بالاتصال بي وإرسال كشوف كاملة بذلك, ويثبت احد هذه الكشوف ان احد المعاهد الطبية المتخصصة وهو معهد ناصر, استقبل خلال عامي(2007 2009), نحو3654 حالة علاجية في مختلف التخصصات, تنوعت مابين طب الأورام وأمراض الدم وجراحات العظام والمفاصل والوجه والفك والعمود الفقري والصدر وجراحات التجميل الي جانب طب العيون والقلب والأوعوية الدموية والكلي وعلاج امراض الاطفال وحتي طب النساء. واكتشفت ان مصر تسمح وفقا لاحصاءات معبر رفح الحدودي بخروج اي حالات مرضية من قطاع غزة ترغب في العلاج سواء في مصر او خارجها دون اي قيود, سواء في الذهاب أو العودة, وهناك مئات الحالات التي خرجت منذ بداية العام الحالي2010 للعلاج في الخارج, ويخرج من معبر رفح شهريا نحو خمسة آلاف فلسطيني من مرضي وطلاب وحاملي اقامات وحالات انسانية, فضلا عن الحالات التي تخرج بشكل شبه دائم وخصوصا الحالات المرضية الحرجة, والعاملين في وكالة غوث اللاجئين, وأصبح فتح المعبر روتينيا ولمدة يومين أسبوعيا للدخول من مصر الي غزة, والذي تجاهله السيد شلح ان عمليات إغاثة ودعم ابناء غزة لم تنقطع وان عمليات ادخال المساعدات الغذائية والطبية من خلال معابر رفح, والعوجة وكرم ابوسالم, متواصلة, أما الذي يعرفه السيد شلح وحاول اخفاء, ان مصر ضغطت علي اسرائيل للسماح بدخول كميات كبيرة من مواد البناء. هذا فضلا عن السماح بمرور عشرات القوافل التي دخلت عبر منفذ رفح البري والتي تحمل مئات الاطنان من المواد الغذائية والطبية المقدمة من مصر وبعض منظمات المجتمع المدني ومن عدد من الدول العربية والأجنبية. مصر إذن هي السند الرئيسي للشعب الفلسطيني, وكل الوقائع والحقائق تكذب ادعاءات السيد شلح, فمصر لاتعتقل ولاتعذب أبناء الشعب الفلسطيني, كما يدعي اصحاب الجهاد الذين حولوا حياة الفلسطينيين في غزة والمخيمات في لبنان الي جحيم, فهم الذين يطاردون أبناء شعبهم ويعتقلونهم ويقتلونهم رميا بالرصاص في شوارع غزة وحارات المخيمات, ويبدو ان السيد شلح, بعد ان غاب كثيرا عن الساحة, قد صدرت له أوامر جديدة من إيران التي لايغيب عن عاصمتها كثيرا ببدء حملة جديدة علي مصر وشعبها, فلم: يجد سوي ادعاءات الاعتقال والتعذيب ليتحدث عنها, بعد ان سقطت الاكاذيب القديمة. ويبدو ايضا ان هناك اسبابا تخص شلح وتنظيمه الجهادي, فشلح يشعر ان قادة حماس قد سرقوا اضواء الشهرة منه وان تنظيمه فقد حلفاءه في غزة ولبنان, ولهذا اراد شلح وتنظيمه الخروج من أزمتهم, بالحديث عن حاجة الجهاد لعقد مصالحة مع مصر, وعلينا ان نلاحظ انه ليس حريصا علي المصالحة الوطنية مع ابناء شعبه, وزايد علي حركة حماس وأعلن انه لن يوقع علي اتفاقية المصالحة حتي لو وقعتها حماس!!. إذن القضية ليست قضية تعذيب الجرحي, كما يدعي شلح بل هي قرار إقليمي بالتراجع عن موافقة الجهاد علي توقيع المصالحة الوطنية, ربما يعود شلح الي الاضواء ويصبح رقما في اللعبة الفلسطينية والإقليمية والدولية. هذه هي حقيقة ادعاءات وأكاذيب السيد شلح. المزيد من مقالات مجدي الدقاق