دعا إمام الأزهر الشيخ أحمد الطيب في مستهل اجتماع في رحاب الأزهر مع ممثلي أبرز الأحزاب المصرية ورموز وطنية وشبابية لحل أزمة الوطن التي تشهدها مصر. وأكد علي' جعل الحوار الوطني الذي تشارك فيه كل مكونات المجتمع المصري من دون أيإقصاء هو الوسيلة الوحيدة لحل أي إشكالات او خلافات, فالحوار هو السبيل الي التعارف والتعايش والتعاون علي إنهاض هذا الوطن ليحقق طموحات سائر المواطنين'.وأضاف متحدثا الي قادة المعارضة الليبرالية وإسلاميين وحركات ثورية ومستقلين وممثلين للأقباط أن التنوع والاختلاف' يمثل الضمانة ضد الاستفراد بالقرار الذي يؤسس للاستبداد. الموقعون علي هذه الوثيقة يلتزمون بما يلي: (1) حق الإنسان في الحياة مقصد من أسمي المقاصد في جميع الشرائع والأديان والقوانين, ولا خير في أمة أو مجتمع يهدر أو يراق فيه دم المواطن, أو تبتذل فيه كرامة الإنسان, أو يضيع فيه القصاص العادل وفق القانون. (2) التأكيد علي حرمة الدماء والممتلكات الوطنية العامة والخاصة. (3) التأكيد علي واجب الدولة ومؤسساتها الأمنية في حماية أمن المواطنين وسلامتهم وصيانة حقوقهم وحرياتهم الدستورية. (4) نبذ العنف بكل صوره وأشكاله, وإدانته الصريحة القاطعة, وتجريمه وطنيا, وتحريمه دينيا. (5) إدانة التحريض علي العنف, أو تسويغه أو تبريره, أو الترويج له, أو الدفاع عنه, أو استغلاله بأي صورة. (6) إن اللجوء إلي العنف, والتحريض عليه, والسكوت عنه, وتشويه كل طرف للآخر, وترويج الشائعات, وكل صور الاغتيال المعنوي للأفراد والكيانات الفاعلة في العمل العام, كلها جرائم أخلاقية يجب أن ينأي الجميع بأنفسهم عن الوقوع فيها. (7) الالتزام بالوسائل السياسية السلمية في العمل الوطني العام. (8) الالتزام بأسلوب الحوار الجاد بين أطراف الجماعة الوطنية, خاصة في ظروف التأزم والخلاف, فالأوطان تتسع بالتسامح وتضيق بالتعصب والانقسام. (9) حماية النسيج الوطني الواحد من الفتن الطائفية المصنوعة والحقيقية, ومن الدعوات العنصرية, ومن المجموعات المسلحة الخارجة علي القانون, ومن الاختراق الأجنبي. (01) حماية كيان الدولة المصرية مسؤولية جميع الأطراف. وكانت الخاتمة التي أشارت الي حقائق الالتزام وقواعده, في كلمات مفتاحية: الثقافة الديمقراطية, الوحدة الوطنية, التجربة الثورية, الالتزام, نبذ العنف قولا وفعلا, المصالحة, تفعيل الحوار,الحقوق, القضاء العادل, إرادة الشعب, سيادة القانون, أهداف الثورة, الوطن. مبدأ الدور الثابت والمتواصل والفعال كانت هذه الوثيقة القيمية إحياء لدور الأزهر الوطني أزهرالمقاومة الشعبية المصرية ضد الحملة الفرنسية والجهاد ضد الاحتلال الإنجليزي, الأزهر الذي كان دائما في قلب الحدث السياسي والاجتماعي والوطني. الأزهر ضمير لكل الأمة وجزء من إحياء الذاكرة لدوره الوطني والفكري الذي قام به خاصة بعدانطلاق ثورة25 يناير, وثيقة الأزهرالدستور الحضاري الرفيع,احتوي نص تلك الوثيقة المواءمة التجديدية والاجتهادية بين المرجعية الاسلامية والقضايا الكلية في بعض الملفات المجتمعية والسياسية في إطار منظومة قيمنا الحضارية. كانت تلك الوثيقة في مبناها ومعناها نموذجاللتفرقة والتمييز بين الدور السياسي والدور الوطني للأزهر, فالدور الوطني ضرورة وطنية خاصة بعد قيام الثورة وهو الدور الأبقي والامتداد الطبيعيلمشاركة الأزهر في ثورات مصر بل وقادها ضد الاحتلال الفرنسي والبريطاني,كلها أدوار وطنية تشكل رصيدا وطنيا,يسير الأزهر في هذا الطريق بميزان ومقدار لا يحول فيه ذلك الرصيد الوطني في ذاكرة مصر الحضارية إلي نشاط سياسي. فوسط حالة الاستقطاب الحاد التي تنذر بالخطر, والاتهامات المتبادلة بين التيارات الليبرالية والعلمانية والأخري الإسلامية.. فإن الأزهر هو المؤهل لأن يكون وسيطا بل وضامنا لكافة التيارات لترسيخ أسس العيش الواحد المشترك, والحفاظ علي هوية مصر. وكأن ماصدع به الشيخ في وثيقة الأزهر الأولي يملك مصداقيته الدائمة مع كل وثيقة وطنية,' من منطلق الدور الوطني للأزهر وهذه المسئولية التي يحس الأزهر بثقلها ويدرك أمانتها أمام الله والتاريخ, للتوافق حول وثيقة الأزهر كحل يخرج به الناس من ضيق الاختلاف وخطره إلي سعة الاتفاق والرحبة والتعاون الجاد من أجل بلدنا جميعا'.وفي كل مرة استندت الوثيقة تلو الوثيقة بمبادئ كلية دافعة رافعة: مبدأ الجامعية: استطاع الأزهر الشريف جمع الفرقاء والمختلفين سياسيا وأغلب رموز مصر السياسية سواء من الحزب الحاكم وجبهات المعارضة المختلفة من أجل إنقاذ مصر.أن قيمة وثيقة الأزهر الحقيقية هي قدرتها علي إقناع كافة القوي السياسية علي ضرورة الخروج من' المزيد عن الأزمة'الأزمة والتوصل لصيغة توافقية بين جميع الأطراف في محاولة لوضع نقاط محددة يلتزم بها الجميع وتنفذ ليتوحد الجميع حول هدف واحد هو مصر, كبداية لانفراجة حقيقية في المشهد السياسي. مبدأ تمكين الشباب في المشهد السياسي: ذلك أن حضور عدد كبير من' المزيد من الشباب'الشباب المصري يعتبر نقلة نوعية في الحوارات الوطنية المصرية, بعد فقدان الثقة في الحوارات التي لم تقدم شيئا سوي مزيد من الخلاف السياسي, بل أكثر من ذلك نسبة المبادرة للشباب واتساع رحاب الأزهر بمكانه ومكانته ليحتضن هؤلاء جميعا, كان ذلك في الحقيقة إعادة اعتبار لشباب الثورة بعد إهمال وإغفال في مشاهد السياسة ومساحات الفاعلية. مبدأ الحوار كآلية للتعدد وإدارة الاختلاف أن الوثيقة أكدت علي شيء مهم هو وقف العنف اللفظي وحالة الهجوم والتشوية والتشكيك الدائرة بين القوي السياسية, وأن يكون الحوار هو الحل الحقيقي لكل الخلافات السياسية وأن يرتفع صوت العقل والمسئولية الوطنية للعبور من ضيق الخلافات الحزبية الي سعة الوطن في تنوعه ومصالحه الكلية والاستراتيجية من أجل مصر, لأنها الكيان الحقيقي الذي يجمعنا جميعا ونختلف ونتفق من أجله ونعمل بكل قوة من أجل أن تعود لريادتها مقاما ومكانة. هكذا برزت وثيقة الأزهر لتترجم بحق مكانته في الذاكرة الحضارية, وممارسته لأدواره الوطنية, واضطلاعه ليقدم نداء وطن, ويمثل ضمير أمة, وضمانة حقيقية:ضمانة وطنية ودينية وحضارية, احتضن الأزهراجتماع أزمة, ليحوله الي اجتماع بناء ثقة تمهيدا لمسار فاتحة لحوار جاد وفعال, هاهو الأزهر رافعة للجماعة الوطنية, ويشكل مدخلا لصياغة التيار الأساسي في هذه المرحلة, ويتسع رحابا ورحابة لمبادرات الشباب. حمي الله مصر وطنا وثورة وحفظ أزهرها رشدا وحكمة. المزيد من مقالات د.سيف الدين عبد الفتاح