يوم جديد أطل برأسه علي موسكو غابت في صباحه الاحتفالات ولم تعتل مساءه نيران الألعاب النارية انه يوم عيد ميلاد سيدة روسيا الأولي ليود ميلا بنوتينا الذي أكملت به عامها الخامس والخمسين فلم تذكره وسائل الإعلام بل كان الحدث الأهم حينها هو معانقة الرئيس الروسي أكتاف الممثل الفرنسي جيرار دوبارديو لمنحه جواز سفره الروسي مما أشعل جذوة التساؤلات المطروحة عما يحدث وراء جدران الكرملين بسبب اختفاء سيدة الكرملين الأولي خاصة أنها لم تشارك زوجها في احتفالات أعياد الميلاد في الشهر نفسه. بداية التعارف قصة بوتين و ليود ميلا بدأت أوائل الثمانينات فقد تعرفا أثناء حضورهما العرض الكوميدي الروسي الشهير اركادي رايكين وتزوجا في28 يوليو1983 بعدما أخضعها لاختبارات عديدة لاكتشاف إخلاصها له, سافرت ليود ميلا بعد زفافهما مع بوتين إلي ألمانياالشرقية وتحملت نمط حياته في المخابرات السوفيتية بالرغم من عدم معرفتها بحقيقة عملa زوجها إلا بعد انقضاء عام ونصف علي زوجهما وكان ذلك عن طريق زوجة أحد المعارف المشتركين التي أوكل إليها بوتين مهمة إخبارها بحقيقة عمله وقد أثمر زواجهما عن بنتين ماريا وكاترينا, وبالنظر لمشاركة لود ميلا في الحياة العامة الروسية نجدها تقف علي النقيض من سابقتها اللواتي سكن الكرملين مثل زوجة جورباتشوف وابنة يلتسين اللتين كان لهما تأثير كبير في الحياة السياسية بروسيا, وهي أيضا تختلف عن ميشيل أوباما وسامانثا كاميرون اللتين تتمتعان بشعبية كبيرة حول العالم لظهورهما الدائم بجوار زوجيهما إلا انه يمكن إرجاء ذلك انه دوما ما كانت سيدة روسيا الأولي كانت سرا من أسرار الدولة وقد مثلت ليود ميلا بنوتينا أبرز مثال علي ذلك فهي أقرب ما تكون إلي المرأة المجهولة. حياة بائسة وتكميم إعلامي عند الوقوف علي حياة ليود ميلا الزوجية نجد أنها بائسة ومتوترة فقد كشفت وثائق سرية عثر عليها الكاتب الألماني أريش شميدت و نشرتها صحيفة برلين تسايتونج استنادا إلي وثائق من أرشيف وكالة بي إن دي عن تمكن جاسوسة تدعي لنشن تابعة للاستخبارات الألمانية عملت كمترجمة للود ميلا أثناء إدارة زوجها شئون كيه جي بي في دريسدن خلال الفترة من19901985 ونجحت في أن تنال ثقتها فصارت لها بمثابة الصديقة الحنونة القادرة علي دعمها عاطفيا عندما يتعلق الأمر بمشاكلها الزوجية وفي سلسلة من اللقاءات بين هذه العميلة ولود ميلا أباحت الأخيرة بفيض من أسرارها بما فيها العلاقة المريرة مع زوجها وسيل خياناته الذي لا ينقطع, ولجوؤه إلي العنف الجسدي لحسم أي جدال من شأنه أن ينشب بينهما. وقد أحيطت تحركات ليود ميلا بدرجة عالية من السرية في الفترة التي قضاها زوجها رئيسا للوزراء ما بين2008 و2012 ولا يدري احد علي وجه التحديد أين عاشت فبعض التكهنات تشير إلي أنها كانت تعيش في منزل قديم عبارة عن دير سابق في منطقة علي الحدود الروسية الاستونية. فمن المعروف أن بوتين يحرص علي السرية التامة فيما يتعلق بعائلته وقالت خبيرة علم الاجتماع المتخصصة في النخبة السياسية في روسيا أولجا فسكايا أن بوتين يتبع أسلوب قادة الاتحاد السوفيتي الذين كانوا يخبئون زوجاتهم عن العامة إلا أن جورباتشوف كسر هذه القاعدة في ثمانينات القرن الماضي عندما لعبت زوجته دورا اكبر في الحياة العامة الأمر الذي أثار انتقادات لاذعة من الروس العاديين علاوة علي ان وضع السيدة الأولي في روسيا يختلف عما عليه الحال في الدول الغربية إذ إن سيدة روسيا الأولي عادة ما تكون ربة منزل تعتني بأطفالها ولا تقترب من السياسة. وعلي الرغم من محاولة الفريق الإعلامي للرئيس الروسي فلاديمير بوتين من وضع طبقات مساحيق سميكة فوق واجهته كرجل مستقر يحسن تدبير شؤون بيته الداخلي وعلاقته العاطفية بزوجته إلا أن صحيفة الجاردين البريطانية اشارت في تقرير اخير نشرته بتوترعلاقة ساكن قصر الكرملين فنادرا ما يتم تصوير بوتين بجوار زوجته, وآخر مرة شوهد فيها الزوجان مع بعضهما البعض كان أمام كاميرات التليفزيون في مايو2102 ومنذ ذلك الوقت اختفت ليود ميلا, عن الأنظار, مثيرة بذلك التكهنات والشائعات حول علاقتها بزوجها وما إذا كانت ستقوم بأي واجبات كسيدة أولي أثناء فترة ولايته الجديدة. إلا أن السؤال الذي سيظل مطروحا هل اختفاء لود ميلا عن الأضواء والحياة العامة في المجتمع الروسي هو نتيجة تقاليد المجتمع الروسي الذي لا يبالي بأي دور لسيدة روسيا الأولي ؟أم انه نتيجة حياة بائسة وتكتم إعلامي من بوتين الذي فرض سياجا من الكتمان والسرية علي حياته العائلية؟ أم لربما لتمرس لود ميلا علي فنون الإخفاء خلال السنوات التي عاشتها مع زوجها الذي أمضي أعواما في التجسس علي ألمانيا؟ أم كل هذه الأسباب مجتمعة ؟