تسببت جريمة مقتل المواطن المصري محمد مسلم بلبنان في إثارة العديد من ردود الأفعال المستنكرة للحادث بالشارعين المصري واللبناني علي السواء ففي الوقت الذي كان الغضب هو حال الشارع المصري إزاء تلك الجريمة البشعة. وكان الذعر والفزع هو حال اللبنانيين الذين فوجئوا بغياب القانون وسيادة فكر الانتقام بالشارع اللبناني وسط عجز أو تقصير من جانب أجهزة الأمن. وقد بدأت قوي الأمن الداخلي برئاسة اللواء أشرف ريفي تحرياتها لتحديد هوية المتهمين العشرة( أوليا) بخطف وقتل المواطن المصري محمد سليم ببلدة كتر مايا يوم29 أبريل الماضي, والتمثيل بجثته لملاحقتهم وإلقاء القبض عليهم لتقديمهم للمحاكمة. وتسير التحقيقات في الحادث في مسارين رئيسيين هما اداء العناصر الامنية الذي وصفه ريفي بأنه خطأ جسيم بداية من نقل المجني عليه وهو متهم في جريمة قتل رباعية إلي مسرح الجريمة وسط حشود غاضبة بدون قرار من النيابة بتمثيل هذه الجريمة, مرورا بخطفه من بين القوة الأمنية وضربه ثم خطفه من مستشفي سبلين الحكومي وقتله وانتهاء بتعليقه علي عمود كهرباء بساحة البلدة لمدة نصف ساعة من دون تدخل امني. ويتعلق المسار الثاني للتحقيقات بملاحقة المتهمين وتقديمهم للعدالة فيما ذكرت مصادر مطلعة ان هناك مسارا ثالثا قد تتجه إليه التحقيقات يتعلق باحتمال وجود شريك للمتهم في ارتكاب الجريمة البشعة بقتل للمواطنين اللبنانيين الاربعة, وفيما بدأت السلطات الأمنية والقضائية اتخاذ اجراءاتها فجرت الجريمة نقاشا في المجتمع اللبناني حول العدالة والقانون ومخاوف من تنامي ظاهرة الانتقام دون اللجوء للقانون مايهدد تماسك المجتمع اللبناني واستقراره. وبعد المشاهد المفزعة التي بثتها وسائل الإعلام المختلفة للمواطن المصري محمد مسلم, الذي انتهكت كرامته الإنسانية ومثلت بجثته, ولم يترك المجال للقانون أن يفصل فيما نسب إليه من اتهام إذا كان مدانا أو لا. ونستعرض إلي أي مدي يحق لمصر ملاحقة الجناة في هذه الواقعة يقول المستشار أحمد موافي رئيس المحكمة: ما وقع من اعتداء علي المواطن المصري محمد مسلم بالصورة التي تناقلتها وسائل الإعلام يمثل انتهاكا لجميع الشرائع السماوية والاتفاقيات الدولية التي تكفل حقوق الإنسان, فضلا عن التشريعات الوطنية لأي دولة فإذا كانت المواثيق الدولية قد امتدت لتشمل حماية المحكوم عليه بالإعدام بأن تنفذ هذه العقوبة بحد أدني من المعاناة, فما بالنا بشخص كان محل اشتباه في ارتكاب ما نسب إليه من اتهام, ولقد حظرت الاتفاقية الدولية لحقوق الإنسان ومناهضة التعذيب, والتي وقعت عليها مصر ولبنان بجانب118 دولة أخري المعاملة الإنسانية لشخص ما وتعذيبه, وأوضحت الاتفاقية مفهوم مصطلح التعذيب بأنه أي عمل ينتج عنه ألم جسدي أو عقلي يلحق عمدا بشخص ما بقصد الحصول منه علي اعتراف أو معاقبته علي عمل إرتكبه أو مازال مشتبها فيه أنه ارتكبه وكان هذا التعذيب لأسباب تقوم علي التمييز أو يكون قد تم بموافقة أو سكوت أي موظف رسمي عنه, وهذه العبارة تحديدا تنطبق علي ما شاب عناصر الأمن اللبناني من تقصير في أدائهم لواجبهم بحماية المواطن المصري وتركهم إياه يتعرض لما وقع عليه من اعتداء. وحول مدي إختصاص القانون المصري بمتابعة قضية مسلم وملاحقة الجناة يجيب المستشار موافي أنه وفقا لبنود اتفاقية مناهضة التعذيب, تحديدا المادة الخامسة والتي سبق وأشرت إليها يكون من حق كل دولة طرف في الاتفاقية أن تتخذ من الإجراءات لإقامة ولايتها القضائية عند حدوث جريمة من الجرائم المشار إليها بالاتفاقية ومنها التعذيب, وبذلك يحق للسلطات القضائية المصرية متابعة ومباشرة التحقيقات في الدولة اللبنانية والوصول إلي نتائج فعلية بل إن الاتفاقية ألزمت كل دولة موقعة عليها في أن تقدم إلي الدولة الأخري أكبر قدر من المساعدة في حالة وقوع اعتداء وانتهاك لمواطن من دولة علي أرض دولة أخري وبالتالي يجب علي السلطات القضائية اللبنانية تقديم كل المعلومات التي تساعد السلطات القضائية المصرية فيما يتعلق بهذه القضية وضرورة ملاحقة الجناة ومحاكمتهم ولكن هنا ملاحظة أود أن أوضحها أن محاكمة المتهمين يختص بها القضاء اللبناني إلا أن من حق الجانب المصري متابعة هذه المحاكمة وزيادة في ضمان احترام هذه الاتفاقية الدولية تضمنت في بنودها إنشاء لجنة تتكون من عشرة خبراء مشهود لهم بالكفاءة, ومهمة هذه اللجنة تلقي بلاغ من دولة نحو دولة أخري إذا لم تف الأخيرة بالتزاماتها بتقديم المعلومات الكافية نحو ملاحقة المتهمين بارتكاب جرائم ضد مواطني الدولة الأخري بل وإجراء محاكمات لهم. .. والخارجية تطالب بالقبض علي الجناة أكدالسفير حسام زكي المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية أن موقف مصر واضح في المطالبة بالكشف عن الحقائق والقبض علي الجناة في قتلة محمد سليم مسلم الذي قتل في قرية كيرماتا ومحاكمتهم وفقا للقانون اللبناني. ونفي زكي في تصريح خاص لقناة' العربية' الاخبارية أمس وجود أعمال انتقامية ضد السفارة اللبنانية في مصر, موضحا أن السفير اللبناني لم يطلب حماية السفارة من أحد. وشدد زكي علي أهمية الحفاظ علي العلاقات المصرية اللبنانية الودية, مشيرا إلي أن الجريمة, هي جريمة فردية لها ملابسات خاصة لا تنسحب علي العلاقات التاريخية المتميزة بين الشعبين المصري واللبناني... داعيا الي عدم الانصياع وراء الشائعات التي يروجها البعض فيما يتعلق بتعرض السفارة اللبنانية للاعتداءات. وتابع القول' كما أنه لا ينبغي في الوقت ذاته الحكم مسبقا بأن المجني عليه المصري هو من ارتكب جريمة القتل, قتل الأسرة اللبنانية بأفرادها الأربعة, مشيرا إلي أهمية ترك الأحكام القضائية للقضاء وبحثه للأدلة المتوافرة لديه وعدم الانسياق وراء الأقوال المرسلة التي تفتقر إلي أدلة ثابتة, موضحا أن القانون لا يأخذ المواطنين بالشبهات.