كما كان متوقعا بدأ سعر الدولار في الارتفاع وبدأ البنك المركزي أستاذ الاقتصاد جامعة المنوفية في تطبيق نظام العطاءات لحصول البنوك علي احتياجاتها من الدولار وبرر المركزي ذلك بالمحافظة علي رصيد الدولة من الاحتياطي النقدي والذي انخفض إلي مستوي حرج وهناك توقع باستمرار ارتفاع سعر الدولار مما جعل البعض يضاربون بتحويل مدخراتهم من الجنيه إلي الدولار وهو ما يسمي بالدولرة وأدي ذلك مع زيادة العمولات إلي وصول الدولار إلي حوالي6.5 جنيه ويلاحظ أن النظام الجديد الذي يعد تقدما علي طريق التعويم المدار قد بدأ تطبيقه بعد الانتهاء من الاستفتاء علي الدستور حيث تعلمت الحكومة مما حدث للزيادات في الضرائب والتي اضطرت إلي تجميدها خوفا من استغلال المعارضة لتأليب المواطنين ضد الحكومة مما ينعكس علي نتيجة التصويت, كما أن هذه الزيادة جزء من الاتفاق مع صندوق النقد الدولي للحصول علي القرض الموعود, ولكنه أيضا يعكس مدي خوف المسئولين والجمود في اتخاذ القرارات فلقد كان من الصواب أن يبدأ البنك المركزي في تحريك سعر الصرف علي مدي العامين السابقين بحيث لا تحدث هزة في الأسواق وتنتشر الشائعات كما حدث مؤخرا وكان الاحتياطي لم يصل إلي مرحلة الخطر نتيجة تدخله لدعم السعر, بالإضافة إلي تقليل أرباح الخارجين من البورصة والذين قاموا بتحويلها للخارج وبلغت13 مليار دولار ولأنه لا فائدة من( البكاء علي الدولارات المسكوبة) فمن المفيد أن نطرح مجموعة من الإجراءات التي تساهم في مواجهة هذه الأزمة ومن ذلك: 1- لابد من دعم المسئولين المصرفيين لعدم التراجع خوفا من تأثير زيادة الأسعار علي سلوك الجماهير وهو ما يتطلب توضيح الصورة كاملة ولكن المشكلة أن هؤلاء المسئولين غير قادرين علي ذلك, فالمتابع لما قاموا به من الظهور الاعلامي للشرح انه لم يكن مقنعا ويكفي خطؤهم في التأخر في اتخاذ القرار الصحيح مما أدي إلي هذه الخسائر. 2- يجب أن يتوقف المسئولون عن التنصل من المسئولية ومثال علي ذلك تصريح رئيس الوزراء بأن البنك المركزي هو المسئول عن قرار سعر الصرف, وبالطبع فهناك استقلالية البنك المركزي في السياسة النقدية, ولكنه لا يأخذ قرارا بمعزل عن السياسات الحكومية, وهو ما يتطلب التنسيق بين السياسات والجهات المختلفة, وان المسئولية التضامنية للحكومة تتطلب الدفاع عن القرارات. 3- الإقدام علي اتخاذ قرارات جريئة لتقليل الطلب علي الدولار فليس من الصواب في ظل ندرة العملات الأجنبية استمرار حصول أي فرد علي ما يريد من عملات مادام مستعدا لدفع ثمنه تحت وهم السوق الحرة بل لابد من فرض قيود علي طلب الأفراد ووضع قيود علي السياحة الخارجية والعمرة, فمن غير المعقول أن تستمر شركات السياحة في الإعلان عن رحلات خارجية تستنزف الدولارات ولا تقوي الحكومة علي منع ذلك. 4- كذلك لابد من نظام الترخيص بالاستيراد ووضع حصص لبعض الواردات منعا لسلع غير ضرورية وهو ما لا يتعارض مع اتفاقيات منظمة التجارة العالمية. 5- وإذا كانت الحكومة تخشي من فرض ضرائب علي أرباح البورصة فعليها وضع مدي زمني لتحويل الأموال إلي الخارج مما يقلل تسارع التحويل إلي الخارج ويقلل من كمية الدولارات المحولة نتيجة للتحويل من العملة المصرية. 6- وعلي الحكومة خفض نفقاتها الخارجية من خلال خفض أو إغلاق بعض البعثات الدبلوماسية حيث إن العائد منها سياسيا من التدني بحيث لا يبرر هذه المصروفات بالعملة الصعبة, كما يجب تقليل سفريات المسئولين للخارج. 7- ومن المشاكل التي ستواجهها الحكومة نتيجة زيادة أسعار العملات الأجنبية ارتفاع فاتورة استيراد السلع المدعمة خاصة البترول حيث تستورد منتجات بترولية بمعدل مليار دولار شهريا وهو ما يتطلب ضرورة ترشيد الاستهلاك من خلال وضع مقننات لما يحصل عليه الأفراد من هذه المنتجات المدعمة, ولكن المشكلة أن الحكومة تخشي من تأثير ذلك علي نتيجة الانتخابات البرلمانية مما قد يجعلها تؤجل التنفيذ, وهي بذلك لا تراعي مصلحة الوطن بل مصلحة الجماعة. ويبقي أن الحل لكل هذه المشاكل هو زيادة الإنتاج من السلع خاصة التي نستورد منها كميات كبيرة, وهو ما يتطلب أن تقتنع الحكومة وحزبها بذلك بدلا من البحث عن إنشاء ما تسميه بالمشروعات اللوجسستية حول قناة السويس وهي في مجملها مجرد تأجير للمكان لشركات عالمية, فلن يكون الحل في اقتصاد الريع بل في الإنتاج الحقيقي من السلع, فهل تدرك الحكومة وحزبها ذلك قبل الانهيار الاقتصادي. المزيد من مقالات د. محمد صفوت قابل