المهاتما غاندي قال اليوم الذي ستتمكن فيه النساء السير آمنات في الطرقات المظلمة في المدن ستكون الحريات العامة قد اكتملت في الهند. هذه المقولة حفزت مظاهرات احتجاج لم تتوقف منذ إسبوعين بل امتدت إلي نيبال وسري لانكا وباكستان تنديدا ببشاعة عملية الاغتصاب التي دفعت ثمنها نيربهايا طالبة طب العلاج الطبيعي في دلهي. ما أثار غضب المجتمع المدني والطبقة المتوسطة الصاعدة لم يكن الاغتصاب وحده فالاحصاءات تشير إلي أن حالات الاغتصاب تقع بمعدل حادثة كل30 دقيقة وأنها تضاعفت بين عامي1990 و2008, بل لأن الجريمة شكلت ذروة للغضب المجتمعي من أجهزة أمنية غير مكترثة, وحكومة تضعها في آخر سلم أولوياتها, وقضاء يتراخي في الفصل في القضايا, ومجتمع يرفض تغيير نظرته الدونية للنساء رغم تناقضه مع كل ما يدفع الهند علي طريق الحداثة. الاغتصاب مسألة مثارة شرقا وغربا ولكن ما يجعله قضية قومية ينبغي التعامل معها بالجدية الواجبة هي أنها مرشحة للزيادة وفي آسيا بصفة خاصة حيث فائض الرجال علي النساء يصل إلي60 مليون ذكر منهم30 مليونا في الصين و28 مليونا في الهند و3-5 ملايين في باكستان وفقا لصحيفة تايمزأوف إنديا الهندية بسبب التحيز ضد الإناث والتكنولوجيا التي أتاحت التخلص من الأجنة الإناث قبل ولادتهن. هذه الكتلة من الذكور حين تسكن العشوائيات وتفتقد إلي فرص العمل والزواج تتحول إلي خميرة متفجرة جاهزة للاغتصاب العنيف. الأمر الآخر يتعلق بالتمييز المجتمعي ضد النساء حيث تأتي الهند وفقا لما ذكرته الايكونومست في المرتبة رقم134 في قائمة تضم187 دولة في2011 من حيث فرص التعليم والعمل والغذاء والرعاية الصحية في الريف مقارنة بالذكور وغض الأسر الطرف عن الإبلاغ عن حالات والاغتصاب درءا للفضائح. نساء الهند لسن قاصرات فقد صعدن إلي مناصب رئاسة الحكومة والدولة ومنهن حكام ولايات وقاضيات وعالمات ويشغلن مناصب دولية مرموقة ولكن حتي يكون لموت نيربهايا طعم الحياة عليهن ابقاء وهج الاحتجاج مشتعلا وتصعيد قضيتهن علي سلم الأولويات وطرق كل الأبواب حتي تتحقق مقولة غاندي. المزيد من أعمدة سجيني دولرماني