ليس هناك جديد في المعارضة و لا أمل منها المهم نوابنا وهم يكفون' تلك كانت كلمات تردد وسمع صداها سواء في أروقة العدالة والتنمية بمقره بحي' بلجت' او ب' البشباكللنك' بالعاصمة. حيث إدارة السلطة التنفيذية فأردوغان كان يعلم أن حزبي الشعب الجمهوري والحركة القومية لن يعطيا لتعديلاته أي صوت ربما ساوره بعض الشك في إمكانية نيل اصوات من المستقلين الذين يعدون علي اصابع اليد الواحدة حتي وأن اظهروا عكس ذلك كذلك تمني لو أقتنص سرا كلمة نعم من اعضاء شاردين عن إجماع قادة حزب السلام والديمقراطية الكردي الذين لا يستطيعون مخالفة ما يأمرهم به زعيمهم الروحي عبد الله أوجلان زعيم منظمة حزب العمال الكردستاني الانفصالية والقابع في محبسه بجزيرة إمرالي ببحر مرمرة. أما صفوف حزبه العتيد فهي كالبنيان المرصوص لن يخترقها مخترق مهما كان شأنه فنوابه يعرفون معني' طاعة أولي الأمر' كمبدأ حث عليه السلف الصالح! ولكن ولمزيد من التحوط ألغي اردوغان كافة ارتباطاته الخارجية كي يتابع عن كثب التصويت علي حزمته ذات الثلاثين مادة ولأن الجولة الأولي أوضحت للكافة مدي الالتزام الحزبي الذي تحلت به الاغلبية فكان متوقعا أن تسير الجولة التصويتية الثانية علي المنوال نفسه هكذا اعتقد ال' طيب' أما إذا حدثت مفاجآت وعرف المناوؤن آنذاك أن الله حق فمرحبا بأي نفر منهم ولا بأس من إنضمامهم إلي قافلة التغيير العظيم. يالها من ثقة ففي الجزء الخاص بالحكومة بالبرلمان بدا رئيسها في غاية الانشراح ونشوة الانتصار القريب قد ارتسمت علي وجهه وبجانبه مساعديه وجميعهم كانوا ينظرون إلي خصومهم في الضفة المقابلة من القاعة الكبري ولسان حالهم يقول موتوا بغيظكم دون أن يدروا أن هناك لحظة تراجيدية مفعمة بالمأساة تنتظرهم فها هو الصوت يخرج من المنصة متلعثما مضطربا يقول أن عدد الموافقين علي المادة الثامنة من الحزمة والتي تقضي بفرض قيود شديدة علي إغلاق أي حزب بلغ327 صوتا! وللحظات ومن هول ما سمعوه كاد البعض من قادة العدالة يفقدوا توازنهم وحاولوا بقدر الامكان التماسك والقول أن الاعضاء تصرفوا بطريقة ديمقراطية وهذا خيارهم لكن ماوراء تلك الجملة تكرست حقيقة مهمة وهي أن المادة التي لم تحظ بالقبول وهي واحدة من ثلاث مواد اساسية أثارت جدلا عارما لن تعاد فقد ذهبت إلي العدم وكأنها لم توضع أصلا ولتظل المادة69 بالدستور الذي وضعه العسكريون عقب إنقلابهم قبل ثلاثين عاما كما هي. صحيح أن ضغوطا هائلة مورست علي السادة النواب الذين عادوا جميعا إلي التصويت بالايجاب علي نص آخر يتعلق بإعادة هيكلة المحكمة الدستورية العليا في اليوم التالي لكن ماحدث يوم الاثنين الماضي لن يمر مرور الكرام فالثابت أنه ترك شرخا تشير شواهد أنه قد يتسع شيئا فشيئا! وها هم المباركون للعدالة وخطواته يعودون يبدون مخاوفهم وتحفظاتهم في الوقت ذاته فالدستور عمل ضخم يحتاج إلي تمحيص وتروي والأهم توافقه مع القوي السياسية الأخري فلماذا العجلة فليس مقبولا أن تعد النصوص وتوضع جميعها في حزمة ثم يا أحزاب تعالوا وقولوا موافقين! بالطبع هذا لا يليق بتركيا ثم مضوا يتساءلون لماذا لم يلتفت العدالة إلي مقترحات من قبل منظمات المجتمع المدني ونقابات المحامين واساتذة الجامعات وحزب الشعب الجمهوري رغم ما تضمه من اطر واساليب مبتكرة وتتسق مع معايير الاتحاد الأوروبي. أن احدا لم يشر إلي واقعة مهمة ففي الفترة الفاصلة بين جولتي التصويت الاولي والثانية وقعت جرائم ورغم انها معتادة إلا أنها دقت علي وتر حساس لدي عموم الشعب التركي فمجموعة من العسكريين يلقون حتفهم في هجوم شنه ارهابيون علي ثكنتهم في جنوب شرق البلاد والفاعلون ينتمون إلي منظمة حزب العمال الكردستاني ورغم أنها محظورة إلا أنها تجد دعم من قبل حزب السلام والديمقراطية فكيف اذن للنواب الموافقة علي شئ سيجعل من غلق هذا الكيان المؤيد للإنفصاليين مستحيلا. وهكذا جاء رفضهم فحين أنهم يدركون أن سيف الغلق مسلط علي رقبة حزبهم في أي لحظة ولكن هناك الأهم وهو هنا الوطن والجيش الذي يحميه وتلك في حد ذاتها دلالة أخري تعكس بشكل أو بأخر إمتعاض البعض داخل الحكم من تلك المحاكمات والاعتقالات والتي طالت عسكريين حاليين وسابقين وليس هناك في الأفق تهم نهائية مشفوعة بأدلة قاطعة!! ويصبح السؤال ماذا عن الخطوة المقبلة والسيناريو المحتمل أن المعارضة صارت في موقف أكثر قوة من ذي قبل وهي تنتظر نهاية مراحل التصويت ونقل الحزمة إلي' الكشك' رئاسة الجمهورية للحصول علي توقيع الرئيس عبد الله جول الذي سبق وطالب بالتروي وضمان وجود توافق من طوائف المجتمع المختلفة حولها لكن الاتجاه الغالب أنه سيوقع عليها حتي ولو أبدي تحفظا علي أحدي المواد بعدها سيقدم الشعب الجمهوري طعنه المرتقب إلي المحكمة الدستورية باعتبار التعديلات منافية لمبادئ الدولة ولابد من مرور أيام حتي تقرر قبول النظر من عدمه لكن الأغلب أنها ستقبل دراسة الطعن حينئذ سينتظر الجميع شهورا حتي تصدر حجمها الحاسم وبالتالي لن يكون هناك إستفتاء ومع افتراض إقرارها بدستورية التعديلات لن يكون هناك أيضا استفتاء فالاخير يجب ألا يجري والانتخابات العامة علي الابواب أما إذا قررت عدم دستورية ما أقدم عليه العدالة والتنمية في هذه الحالة لن يكون أمام الحكومة سوي الدعوة إلي انتخابات مبكرة وفي النهاية لن تري التعديلات بصورتها الحالية النور وهذا هو المطلوب!!