كتب رأفت أمين: خرجت علينا مؤسسات التصنيف العالمية تعلنا بتراجع تصنيف مصر الائتماني,B-] والحقيقة أن هذا يأتي كمحصلة لمجموعة متراكمة من السياسات الاقتصادية ونتيجة لأداء الحكومات المتعاقبة والسؤال الذي يتبادر علي الذهن خاصة لدي العامة.. ماذا يعني ذلك ومدي تأثيره علي حياته اليومية ؟ السؤال يجيب عليه الدكتور خالد حنفي الخبير الاقتصادي والمستشار الاقتصادي لاتحاد الغرف التجارية ويقول أن دول العالم تصنف من قبل المؤسسات الدولية وتعد هذه التصنيفات المحرك الأول للاستثمارات الدولية حيث تعكس درجة الثقة في هذا الأقتصاد ومن ثم معامل المخاطرة علي الأستثمار والعائد المطلوب لرأس المال المستثمر داخل الدولة, بمعني أنه كلما ارتقي الترتيب كلما أصبحت الدولة أكثر جاذبية لتدفقات رؤوس الأموال والاستثمار وأن تدني هذا الترتيب كما هو الحالة في مصر يجعل الاستثمار في مصر من وجهة نظر أصحاب رؤوس الأموال أكثر خطورة بل أنه ينعكس أيضا سلبا علي درجة الثقة في الجهاز المصرفي المعني بالمعاملات الخارجية المعنيه بتمويل التجارة الدولية وتحديدا الواردات وعلي هذا تكون النتيجة بصرف النظر عن مدي صحتها في الواقع أو عدمه هي ضعف الثقة في أقتصاد هذا البلد. وبلغة أبسط فإن هذا الأنخفاض في التصنيف سيؤثر في أتجاهين رئيسيين أولهما: تدفق الواردات التي قد تبدأ في الأنخفاض نتيجة لارتفاع التكلفة التمويلية من قبل البنوك والمؤسسات المالية الأجنبية, ومن ثم قد تبدأ بعض السلع بالتدريج في الأنسحاب من السوق, مما يعني إختفاء بعض السلع من الاسواق وأرتفاعات أسعار كبيرة في سلع أخري. ويضيف ان الانخفاض في الإستثمار المباشر الذي من شأنه تعزيز الطاقات الإنتاجية والصادرات وزيادة الدخل وخلق فرص العمل والتوظف, فمع هذا الأنخفاض في التصنيف تسود التوقعات بانهيار في القيمة الخارجية للجنيه المصري وهو مايعني بلغة التمويل الدولي التحول من الأستثمار في مصر إلي وجهة أخري لها قدر أكبر من الإ ستقرار المالي. وعن الأسباب التي أدت إلي ذلك يقول الدكتور خالد حنفي إن العجز في الموازنة العامة يعد أحد المعطيات الرئيسية للحكم علي قدرة الأقتصاد علي الوفاء بالتزاماته داخليا ثم خارجيا, حيث أن تخفيض العجز وضبطه يعد شرطا ضروريا للثقة في أقتصاد الدولة, لأن العجز المستمر والمتزايد يتطلب مصدرا تمويليا لسده وذلك اما عن مصدر محلي, اومصدر أجنبي. وقد درجت الحكومات المصرية في الفترة الأخيرة إلي الإرتكان إلي المصدر الداخلي لسد العجز عن طريق الإستدانه بشكل أو بأخر من الجهاز المصرفي الأمر الذي حد وبشده من قدرة الجهازالمصرفي ورغبته في تمويل الأستثمار الخاص والوطني وهو ماعزز من ظاهرتي الركود والبطالة من ناحية, ورفع تكلفة التمويل للإستثمار المحلي من ناحية أخري, وبعد أن قارب المصدر الداخلي علي النضوب وظهر أن الجهاز المصرفي في مصر قد يعجز عن سداد نصف العجز بعدما أوضح أن طاقته في الأقراض قد لاتتجاوز80 مليار. أصبح أمام من يدير السياسة المالية مخرج وحيد وهو المصدر الثاني ألا وهوالتمويل الخارجي. وبهذا الخيار يصبح لدينا نتيجة واحدة مؤداها تحقيق الأمريين معا, وهما كل عيوب الخيار الأول في التمويل الداخلي بزيادة الضغط علي الجهاز المصرفي, بالإضافة إلي عودة مصر مرة أخرة لفخ الأستدانة الخارجية بداية من قرض الصندوق( الذي لا نعترض عليه مبدئيا) والذي سيفتح الباب كما يأمل واضعوا السياسة الأقتصادية في مصر أمام تدفق القروض العربية والأجنبية لسد عجز الموازنة وبيع وترويج الصكوك الإسلامية الجديدة. إلا أن هذا الأمر الذي يعد هدفا لواضعي السياسة الأقتصادية وأن تحقق يتطلب جاهزية الحكومات ومن ثم الشعب المصري في المستقبل لسداد فتورتين أحداهما داخلية, والأخري خارجية وهو مايرحل المشكلة إلي المستقبل القريب جدا. حيث أنه لايو جد ما يبشر بأي تغيير في هيكل الموازنة العامة أو في الفكر القائم علي إدارتها فإن الأمر يجعل كل من ينظر إلي إقتصاد مصر خارجيا أو داخليا يتوقع الأسوأ, والمؤسسات الدولية لا تعد استثناءا لهذه القاعدة.