هل يستمر نزيف الجنيه المصري أمام نار الدولار, أم أن المشهد المالي حالة استثنائية سرعان ما يعاد ترتيبها ويصمد الجنيه؟وماهي الاجراءات الوقائية التي اتخذتها الحكومة والبنك المركزي للحاق بحالة الاستقرار والسيطرة علي تقلبات المشهد الاقتصادي الذي يتحكم في قيمة الجنيه.. علامات استفهام عديدة تطرح نفسها في توقيت اقتصادي صعب. في هذا التحقيق وضعنا هذا الملف أمام نخبة من بعض الخبراء والمتخصصين لنعرف الخطوة القادمة في رحلة الجنيه.. الدكتور نبيل حشاد الخبير الاقتصادي قال إن سعر صرف الجنيه في مصر يتحدد بناء علي قوي العرض والطلب, وإن الطلب علي النقود هو طلب مشتق من الخدمات أو الوظائف التي تؤديها هذه العملة, وبالتالي يتحدد سعر الصرف أيضا علي أساس حجم التجارة الخارجية والمتمثلة في الطلب علي الصادرات والواردات بالإضافة إلي الاستثمارات المباشرة وغير المباشرة. ويشير د.نبيل إلي أن الاحتياطيات الدولية بلغت36 مليار دولار منذ عامين وهذا الحجم من الاحتياطيات كان يعتبر حجما متميزا لأنه كان يساعد علي تلبية جميع التزامات مصر من الواردات والمديونية الخارجية بالإضافة إلي الدفاع عن سعر الصرف إذا جنح بالزيادة أو النقصان في فترات معينة, أما الآن فقد وصلنا الي مستوي الحد الأدني الحرج وهو15 مليار دولار وهذا لن يكفي جميع احتياجاتنا من سداد قيمة الواردات وأيضا سداد التزاماتنا من الديون الخارجية وأسعار الفائدة عليها, بالإضافة الي متطلبات الأفراد والشركات وهذا ما جعل البنك المركزي يتبني آلية جديدة لتحديد سعر الصرف تتمثل في عطاءات تقوم بها البنوك وتحدد السعر في إطار هذه الآلية. وهذا يعني ببساطة كما يضيف الخبير الاقتصادي أن هناك نقصا في المعروض من العملات الاجنبية وعلي رأسها الدولار, أما بالنسبة للطلب علي العملات الأجنبية فهو طلب متزايد من قبل الافراد نظرا لما حدث في الفترة الأخيرة من اهتزاز ثقة كثير من المودعين ورغبتهم في تحويل أموالهم من العملة المحلية الي الأجنبية, مما يؤدي الي الضغط علي سعر صرف الجنيه. ويري الدكتور عبد الله شحاته استاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة أن الإجراءات الأخيرة التي اتخذها البنك المركزي كانت لحماية الجنيه من المضاربة عليه في السوق, ولكن هذه الاجراءات جاءت متأخرة وكان لابد من اتخاذها منذ فترة لأن سياسة الاعتماد علي التضحية بجزء من الاحتياطي للحفاظ علي قيمة العملة سياسة ليست مستديمة وتؤدي إلي انهيار الاحتياطي, ولو أن البنك المركزي ترك الجنيه يتحرك خلال العام الماضي حتي لو بشكل تدريجي كأن يفقد قرشا أو قرشين كل شهر من قيمته ما كان حدث هذا التراجع المفاجئ. ولكن النقطة الأساسية كما يؤكد د.عبد الله أن هناك عمليات مضاربة مقصودة علي الجنيه, ومن ثم كان علي البنك المركزي ضرورة التدخل لحمايته. ويحذر د. شحاته المضاربين علي الجنيه المصري بأنهم سوف يخسرون كثيرا اذا استمروا في عمليات المضاربة المفتعلة, ودعاهم أن يتقوا الله في وطنهم. الدكتور أنور النقيب أستاذ الاقتصاد المساعد بأكاديمية السادات يقول إن سعر الصرف هو قيمة أي عملة مقابل العملات الأخري, والذي يعكس قوة الاقتصاد القومي, فالجنيه المصري عملة محلية تستخدم داخل حدود الدولة فقط ومن ثم تتحدد قيمته بشكل داخلي, وطبقا للنظرية الاقتصادية فإن هناك عوامل تؤثر في سعر الصرف هو قيمة أي عملة مقابل العملات الأخري, والذي يعكس قوة الاقتصاد القومي, فالجنيه المصري عملة محلية تستخدم داخل حدود الدولة فقط ومن ثم تتحدد قيمته بشكل داخلي, وطبقا للنظرية الاقتصادية فإن هناك عوامل تؤثر في سعر الصرف, كسعر الفائدة الداخلي مقابل سعر الفائدة العالمية وكمية النقود المعروضة محليا. لا يوجد أي تأثير وبناء علي دراسة لكل العناصر المؤثرة علي سعر الصرف علي سعر الجنيه المصري وهذا يؤكد أن الجنيه يحدد بقرارات إدارية من البنك المركزي والحكومة. وفي سياق آخر يري الدكتور محمد جودة المتحدث الرسمي للجنة الاقتصادية بحزب الحرية والعدالة أن البنك المركزي بسبب حرصه علي دعم قيمة الجنيه المصري طوال العامين الماضيين اضطر الي ضخ أكثر من22 مليار دولار أمريكي من احتياطي النقد الاجنبي مما أدي الي وصوله الي مستوياته الدنيا الحالية وقد كانت هناك ملاحظات علي هذه السياسة النقدية, وكان من الممكن إدارتها بشكل أكثر رشدا من ذلك خلال الفترة الماضية. ويتفاءل د.جودة بمستقبل الجنيه المصري خلال النصف الأخير من العام المالي الحالي نظرا إلي اتجاه الأوضاع السياسية والأمة نحو الاستقرار وجدية الحكومة في تطبيق خطة إصلاح مالي ونقدي جيدة, كل هذا سيؤدي الي زيادة معدلات مواردنا من النقد الأجنبي الي معدلاتها الطبيعية, بالإضافة الي حزمة التحويلات التي ستحصل عليها مصر والتي تقدر بنحو11 مليار دولار ستدعم احتياطي النقد الاجنبي والذي من المتوقع أن يصل الي نحو28 مليار دولار في نهاية السنة المالية. ويري سلطان أبو علي وزير الاقتصاد الاسبق أن سعر الجنيه المصري تراجع بدرجة حادة بسبب ما تمر به مصر من انفلات أمني, وصراع سياسي وعدم انتظام العمل والإنتاج وعدم اتخاذ الحكومة للقرارات الناجزة المطلوبة.