هذه الأحداث تتكرر يوميا في معظم بيوتنا: يدق جرس المنبه مع أول ضوء للنهار فتهرول الأم لايقاظ أبنائها ليستعدوا للذهاب الي المدرسة وتجهز لهم السندويتشات وتبدأ في تجهيز طعام الغداء. ولاتسطيع التقاط أنفاسها حتي بعد أن يخرجوا الي مدارسهم, فتعد طعام الافطار لزوجها ثم تسرع بالخروج للحاق بأي مواصلة حتي لا تتأخر عن مواعيد العمل ورغم متاعب عملها تتحملها حتي ينقضي اليوم لتعود لمنزلها مسرعة لتعد الغداء لابنائها وزوجها العائدين من المدارس والعمل وغالبا ماينامون أثناء وجودها في المطبخ. وبعد تناولهم الغداء تبدأ مهمة المذاكرة معهم وتوصيلهم الي الدروس الخصوصية وخلال انتظارها لهم تشتري احتياجات المنزل ثم تعود بهم للبيت وتعد العشاء بينما ينفض الزوج يديه من أي أعباء منزلية ولاتجد هي أي وقت للراحة.. فهل يعني ذلك أننا نعيش عصر سي السيد بصورة مختلفة؟! وهل ربة البيت أفضل حالا من الزوجة العاملة؟! يجيب الدكتور محمد أحمد عويضة أستاذ الطب النفسي بجامعة الأزهر موضحا أن كلا الزوجين يحتاج للآخر علي المستوي الانساني وايضا المادي ولا تستطيع الاسرة الوفاء باحتياجاتها اذا ماتركت المرأة عملها اي أن الزوجة تتمتع بدرجة من المشاركة في تحمل اعباء الحياة الا أن هذه المشاركة المادية لاتنعكس علي المشاركة الاجتماعية للزوج الذي لايزال يريد القيام بدور سي السيد في زمن فرض علي الست أمينة فيه أن تخرج للعمل لمساعدة زوجها في تحمل اعباء الحياة.. هنا لابد لحل هذه الازمة والاستقرار علي وضع مناسب للاسرة اما بان تعمل الزوجة وفي هذه الحالة لابد للزوج والابناء أن يساعدوها أما الرجل الذي لايستطيع تحمل المشاركة مع زوجته في القيام باعباء المنزل وتربية الابناء من كل نواحيها فعليه أن يعمل صباحا ومساء لكي يلبي احتياجات اسرته وحده حتي يكفي بيته. ويضيف أن العلاقة بين الزوجين تمر بثلاث مراحل اولها مرحلة التفاعل المهذب وتبدأ من فترة الخطبة وتستمر طوال العام الاول من الزواج. في هذه المرحلة يتعامل الزوجان بحساسية ويراعي كل طرف مشاعر الاخر الي أبعد الحدود حيث يتذكران كل المناسبات و اعياد الميلاد والتواريخ الهامة والسعيدة في حياة كل منهما وفي حقيقة الامر هما في هذه المرحلة متباعدان المرحلة الثانية يطلق عليها مرحلة الكر والفر ويكثر فيها الشجار والخلافات في وجهات النظر في حين يعتقد الاخرون انهما في منتهي السعادة ولكن الحقيقة هي أنه لأنهما اقتربا من بعضهما أكثر بدأ كل منهما يري عيوب الاخر بوضوح فتبدأ المشاكل التي تكون هنا دليلا علي عمق العلاقة وازدياد قوتها وليس تفسخها..وهذه المرحلة تستمر من السنة الثانية وحتي السابعة تليها المرحلة الثالثة وفيها يدرك كل طرف تماما ما لدي الآخر من مميزات وعيوب ويتقبله بهما ويشير د. عويضة الي أن مايحدث في معظم البيوت المصرية منذ قرابة العشرين عاما هو أن الرجل يريد من زوجته ان تكون كما يريد هو وتغير نفسها حسب مفاهيمه هو وعاداته وهنا اما ان تقبل الزوجة ذلك, وهذا نادرا مايحدث الان, واما أن ترفض فتبدأ الصراعات والمشاحنات, هذا الصراع سيمر باحد احتمالين إما أن تنتصر الزوجة وهذا نادرا فالاغلب هو انتصار الزوج لأنه يرفع يده عن كل شئ ولايكلف نفسه عناء مشاركتها في اعباء الاسرة وتربية الابناء وتلبية احتياجات المنزل فتتحمل هي كل المتاعب وتعتقد في البداية انها هي التي انتصرت لأن البيت يسير كما تشاء بينما الحقيقة أنها تورطت في كل شئ وحدها! ومع استمرار هذا الوضع يأتي وقت تجد المرأة أن زوجها ليس الرجل الذي أحبته وتزوجته وكان يشاركها همومها ويتحمل مسئولية البيت وتكتشف أن الذي يعيش معها الأن رجل بلا لون ولا طعم وتشعر وكأنها هي التي تحولت لرجل البيت وان انوثتها ذهبت مع الريح فتتمرد علي هذا الوضع ولكن الظروف المحيطة والمجتمع لايساعداها علي هذا التمرد فتكتئب وهذا هو التفسير العلمي لتضاعف الاصابة بالاكتئاب عند النساء بالمقارنة بالرجال. والحل من وجهة نظر د. محمد أن المقبلين علي الزواج في مرحلة الخطوبة بدلا من يمضوا كل وقتهم في الرومانسية الحالمة فالافضل أن يخططوا لحياتهم فاذا كان عمل الزوجة ضرورة يتفقا من أن البداية علي تقسيم الادوار بينهما بالتساوي ثم يتفقان علي طريقة لحل اي خلاف محتمل سيحدث بينهما فيما بعد علي ان يكون لهما مرجعية محددة تتمثل في احد الاطباء النفسيين أو مستشاري العلاقات الزوجية أوكبير وحكيم العائلة علي أن يتم تحجيم اي خلاف بينهما مهما تكن حدته حتي لايصل للعلاقة الخاصة بينهما فيصعب حل المشاكل بعد ذلك.