لم يستطع مجلس التعاون لدول الخليج العربية, بعد13 عاما من نشأته و23 قمة دورية و41 قمة تشاورية لقادته و132 اجتماعا لمجلسه الوزاري و22 عاما من غزو العراق الكويت و12 عاما من تحريرها, أن يحقق الاتحاد بين دوله الست تنفيذا لما نص عليه نظامه الأساسي. وظل مؤسسة خليجية حققت الحد الأدني من التعاون فكان أقرب إلي التنسيق منه إلي الاتحاد بين دوله. وقد جاءت مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز التي طرحها في القمة الخليجية ال23 بالرياض في ديسمبر الماضي تتويجا لما قطعه المجلس الخليجي من تعاون وانطلاقا من رغبة حقيقية في أن تصبح دول التعاون موحدة وقوية في مجالات السياسة والاقتصاد والدفاع والأمن قادرة علي تحويل قوتها من نفط وطاقة وصناديق سيادية واستثمارات مالية إلي قوة صلبة تمنع وتردع كل من يحاول النيل منها, وتواجه التحديات والمخاطر الإقليمية وتوقف محاولات التدخل الإيراني في شئونها وتحقق الوحدة بين دولها والرفاهية لشعوبها. وبالرغم من ان هذه المبادرة قد باركها قادة التعاون الخليجي في البداية, فإن مشكلة الاتحاد تكمن في التفاصيل وما إذا كان فيدراليا أو كونفدراليا أو علي غرار الاتحاد الأوروبي, وهو مادفع هؤلاء القادة في قمتهم التشاورية الأخيرة الي تأجيل قيام الاتحاد لاخضاعه لمزيد من الدراسة, حيث بدا ذلك واضحا في قول وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل: إن قيام الاتحاد سوف يستغرق وقتا, فتم تأجيل البت فيه إلي قمة أخري تعقد بالرياض ولم يحدد موعدها. فقد تباينت المواقف تجاه الاتحاد الخليجي, فالمؤيدون يرون أنه ضروري كي تصبح دوله الست أكثر تكاملا وشعوبها أكثر أمنا, أما المتحفظون فيرون أن فكرة الاتحاد تحتاج إلي تأن ودراسة شاملة ومشاركة شعبية واسعة عبر الاستفتاءات ومناقشات المجالس النيابية والتشريعية والنقابات والجمعيات الأهلية حتي يكون اتحادا بين الشعوب لا الحكام والحكومات ولاينبغي الاستعجال في قيامه فيولد غير مكتمل بعد ولادة قيصرية متعثرة! المزيد من أعمدة فرحات حسام الدين