عادة لاتحظى كتب المرثيات باهتمام كبير من القراء والمثقفين، إلا أن هذا الكتاب يحمل بين دفتيه الكثير من المشاعر عن حياة أحد أنبياء السياسة والكتابة فى مصر المعاصرة. محمد سيد أحمد كان شخصية فريدة من نوعها.. يحترمه الجميع لأنه شخص آمن بأفكاره.. سعي الي الانغماس فيها.. مارسها بحيوية متدفقة. دفع الثمن.. تخلي عن رغد العيش عن طيب خاطر.. دخل السجون والمعتقلات.. ثم بعد خروجه من محبسه في الستينيات عينه النظام الناصري في جريدة الأهرام ليعمل في الكتابة لمدة40 عاما وينخرط في حوارات سياسية عميقة حول الحرب والسلام في الشرق الأوسط وغيرها من دول العالم. لقد بدأ الكتاب بمقدمة غير تقليدية من الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل تحمل تقديرا كبيرا للمثقف والكاتب والانسان انهاه بعبارة يقول فيها: ان دور اي كاتب أصيل وكل مفكر خلاق يظل شعاعا في المستقبل وليس كفنا في الظلمات. ثم دعوني مشيرا الي نجم يلمع بعيدا عند حافة الأفق أقول له معكم: تحرك حول مدارك فنحن نراك. وتكلم عبر كتابك فنحن نسمعك. هذا كتاب فريد من نوعه جمع بين دفتيه عددا من الكتابات الراقية. في البدء كتب عنه أفراد عائلته: زوجته السيدة مايسة طلعت وأخته هدايت سيد أحمد, وصديق الصبا والعمر محمد الشواربي وصديقه العائلة أمينة رشيد وابنة زوجته نايرة عجة وأبناه طارق وعمرو. وفي القسم الثاني تحت عنوان سنوات الصراع كتب عنه زميل الليسيه فرنسية البير آرييه. ثم المفكر الكبير أنور عبد الملك: ثلاثة مشاهد من حياة غنية حين بدأت المعرفة مبكرا في عام1942 في منزل مدرس اللغة الفرنسية رينيه جراينيه الذي علمهما الفلسفة الماركسية ثم مشهد الاعتقالات في10 يوليو1946 ثم القاهرة ابريل1964 حين تمت تصفية المعتقلات من الشيوعيين وبدء عمل محمد سيد أحمد في مجلة الطليعة مرورا بأربعين عاما من الكتابة. ثم يكتب عنه في هذا القسم نهاد أحمد سالم ومحمود حسين وهو الاسم الذي يستخدمه الكاتبان المصريان المقيمان في فرنسا بهجت النادي وعادل رفعت في الكتابة المشتركة اللذان شاركا محمد سيد أحمد المعتقل حين تم القبض عليهما مع آخرين عام1959. ويكتب أيضا أحمد ماهر السيد والكاتب اللامع جميل مطر, أما القسم الثالث تحت عنوان: تحية لمحمد سيد أحمد فقد كتب فيه ريتشارد فولك مقالا بعنوان( مابعد الأيديولوجية والصحف) والكاتب الفرنسي اريك رولو: رجل من طراز فريد ويتحدث فيه عن موقف ادوارد سعيد في التسعينيات عند نشر كتاب محمد سيد أحمد. بعد أن تسكت المدافع.. أما كلوفيس مقصود فكتب عنه براءة المرجع وكريم مروة البقاء في التفاؤل وحسين عبد الرازق الباحث عن الحقيقة والدكتور رشدي سعيد الجيولوجي الكبير القديس ومني مكرم عبيد حالة خاصة ومحمود عبد الفضيل النزاهة الفكرية وهاني شكر الله السعادة في البحث عن الحقيقة وسمير مرقس المثقف المستقبلي وياسر علوي عمر من الخيارات. أما القسم الرابع من الكتاب فهو تحت عنوان: هكذا تكلم محمد سيد أحمد وهي شهادة قدمها للجنة توثيق تاريخ الحركة الشيوعية المصرية يتحدث فيها عن طفولته ودوره في الحركة وعن التنظيمات الشيوعية في الأربعينيات وعن السجن والموقف من حركة الضباط الأحرار. ثم عن دراسته في ثلاث كليات واليهود والحركة الشيوعية المصرية وينتقد انعدام الديمقراطية داخل الأحزاب الشيوعية. هذه سيرة حياة لمثقف وسياسي مصري كبير أثري الحياة المصرية بكتاباته. تحرير مني أنيس صادر عن دار الشروق. [email protected]