خبير مياه يكشف حقيقة مواجهة السد العالي ل«النهضة الإثيوبي» وسر إنشائه    الشعب الجمهوري بالمنيا يناقش خريطة فعاليات الاحتفال بذكرى 30 يونيو    «دفاع النواب»: 30 يونيو ستظل عنوانا للإرادة المصرية القوية التي لا تقهر    جامعة القاهرة تحتل المركز 271 عالميًا بتصنيف يو إس نيوز (US-News) ل 2024    رئيس البورصة يستعرض أهمية إطلاق مؤشر الشريعة خلال لقائه بقيادات شركات السمسرة    إزالة فورية لبناء مخالف في قنا    هيونداي تكشف عن سيارة كهربائية بسعر منخفض    تنفيذ فعاليات "يوم الأسرة" بمركز شباب قرية الديرس بحضور 50 أسرة بالدقهلية    مذكرة تفاهم بين المعهد القومي لعلوم البحار والهيئة العربية للتصنيع    الجيش الإسرائيلى يستعد لخوض حرب مع حزب الله    كيف سترد روسيا على الهجوم الأوكراني بصواريخ "أتاكمز" الأمريكية؟    قوات الاحتلال الإسرائيلي تعتقل 28 فلسطينيًا من الضفة الغربية    أستاذ علوم سياسية: الشعب الأمريكي يختار دائمًا بين رئيس سيء وأخر اسوأ    ملخص وأهداف مباراة فنزويلا ضد المكسيك في كوبا أمريكا    الدفاع الروسية تعلن تدمير 12 مركزًا للتحكم بالطائرات المسيرة في أوكرانيا    اللواء محمد إبراهيم الدويرى: التحركات المصرية فى القارة الأفريقية أساسية ومهمة    راحة لمدة يومين، قبل انطلاق منافسات دور ال16 من البطولة "ليورو 2024"    إعلامي: الأفضل لأمير توفيق التركيز على الصفقات بدلًا من الرد على الصفحات    الأرصاد تكشف موعد انكسار الموجة الحارة (فيديو)    خلافات أسرية.. استمرار حبس المتهم بقتل زوجته ضربًا في العمرانية    ضبط سلع منتهية الصلاحية بأرمنت في الأقصر    تحرير 24 ألف مخالفة مرورية متنوعة    يدير 5 جروبات.. ضبط طالب بالجيزة لزعمه قدرته على تسريب امتحانات الثانوية العامة    مصرع عامل بنزيما إثر حادث تصادم في بني سويف    مصدر أمني يكشف حقيقة سوء أوضاع نزلاء مراكز الإصلاح والتأهيل    تعرف على إيرادات فيلمي ولاد رزق 3 واللعب مع العيال    تفاصيل إطلاق "حياة كريمة" أكبر حملة لترشيد الطاقة ودعم البيئة    "الأوقاف": ندوات ب 4 محافظات اليوم عن "مفهوم الوطنية الصادقة" بمناسبة ذكرى 30 يونيو    أمين الفتوى: المبالغة في المهور تصعيب للحلال وتسهيل للحرام    لجان مرورية وتفتيشية على المنشآت الصحية بمراكز المنيا    رئيس الرعاية الصحية يُكرم الصيادلة والأطباء الأكثر تميزًا    الصحة تطلق حملة «صيفك صحي» للحماية من مخاطر ارتفاع درجات الحرارة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 27-6-2024    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : ماذا نقصد من قراراتنا000!؟    وفاة النجم الأمريكي بيل كوبس المعروف بأدواره في «ليلة في المتحف» و«الحارس الشخصي» عن 90 عاما    مواجهات نارية.. مجموعة السعودية في تصفيات آسيا النهائية المؤهلة ل كأس العالم 2026    جامعة بنها تتقدم 370 مركزا على مستوى العالم بالتصنيف الأمريكي "US news"    محطات فنية بحياة الفنان الراحل صلاح قابيل فى ذكرى ميلاده    شوبير: أزمة بين الأهلى وبيراميدز بسبب الثلاثى الكبار بالمنتخب الأولمبى    السيسي يصدر قرارا جمهوريا جديدا اليوم.. تعرف عليه    الدوري المصري، زد في مواجهة صعبة أمام طلائع الجيش    لطلاب الثانوية العامة 2024، تعرف على كلية العلوم جامعة حلوان    وزير إسرائيلي: تدمير قدرات حماس في غزة هدف بعيد المنال    الصحة تحذركم: التدخين الإلكترونى يزيد من خطر الإصابة بالنوبات القلبية    حظك اليوم| برج السرطان الخميس 27 يونيو.. «يوم مثالي لأهداف جديدة»    طارق الشناوي: بنت الجيران صنعت شاعر الغناء l حوار    حظك اليوم| برج الحوت 27 يونيو.. «اتخذ خطوات لتحقيق حلمك»    جيهان خليل تعلن عن موعد عرض مسلسل "حرب نفسية"    «هو الزمالك عايزني ببلاش».. رد ناري من إبراهيم سعيد على أحمد عفيفي    ما تأثيرات أزمة الغاز على أسهم الأسمدة والبتروكيماويات؟ خبير اقتصادي يجيب    الكشف على 1230 مواطنا في قافلة طبية ضمن «حياة كريمة» بكفر الشيخ    هل يوجد شبهة ربا فى شراء شقق الإسكان الاجتماعي؟ أمين الفتوى يجيب    10 يوليو موعد نهاية الحق فى كوبون «إى فاينانس» للاستثمارات المالية    ميدو: الزمالك بُعبع.. «يعرف يكسب بنص رجل»    شوبير يُطالب بعدم عزف النشيد الوطني في مباريات الدوري (تفاصيل)    الحكومة تحذر من عودة العشوائية لجزيرة الوراق: التصدى بحسم    الكنائس تخفف الأعباء على الأهالى وتفتح قاعاتها لطلاب الثانوية العامة للمذاكرة    بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم.. والأرصاد الجوية تكشف موعد انتهاء الموجة الحارة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هذا هو الإسلام
كلمات عن الأئمة الأربعة‏..‏ الإمام مالك رحمه الله (9‏)

استقر الإمام الشافعي في مكة المكرمة بعد أن قضي سنوات في البادية‏,‏ وكان يجالس العلماء‏,‏ وينصت لأحاديثهم‏,‏ فإذا ما رجع إلي داره‏,‏ كتب ما يراه مناسبا مما سمعه ووعاه‏.‏ وكان ملازما للمسجد الحرام‏,‏ وكان جميل الصوت‏. فإذا ما قرأ القرآن التف الناس من حوله‏,‏ لحسن ترتيله‏,‏ حتي قال بعضهم‏:‏ كنا إذا أردنا أن نبكي قال أحدنا لغيره‏:‏ قوموا إلي هذا الفتي المطلبي الذي يقرأ القرآن‏,‏ قراءة تخشع لها القلوب‏.‏
وكان يتردد علي حلقات العلم بشغف وتدبر‏,‏ ومن أبرزها حلقة مسلم بن خالد الزنجي وحلقة سفيان بن عيينه‏....‏
وفرح به مشايخه الذين كان يتردد علي حلقاتهم‏,‏ وقدروا مواهبه‏,‏ ووصفوه بالفطانة وسلامة التفكير‏.‏
وأذن له شيخه مسلم بن خالد الزنجي بالإفتاء وهو لم يبلغ العشرين من العمر‏,‏ وكان يقول له‏:‏ افت يا أبا عبدالله فقد آن لك أن تفتي‏.‏
وبلغ الحال بسفيان بن عيينه أنه كان إذا سأله سائل في الحديث الشريف‏,‏ التفت إلي الشافعي وقال للسائل‏:‏ سل هذا‏,‏ فإنه أفضل فتيان أهل زمانه‏.‏
وكان في إمكان الإمام الشافعي أن يقف عند هذا الحد من العلم‏,‏ إلا أن همته العالية‏,‏ وعزيمته الماضية‏,‏ وعشقه للعلم‏,‏ كل ذلك جعله عندما بلغه خبر الإمام مالك رحمه الله وما منحه الله تعالي من علم نافع‏,‏ واطلع علي كتاب الموطأ وحفظ منه ما حفظ‏,‏ عندما علم ذلك‏,‏ ما كان منه إلا أن عقد العزم علي السفر إلي المدينة المنورة للقاء إمام دار الهجرة‏.‏
واستعان بوالي مكة المكرمة ليعطيه رسالة يوصي فيها الإمام مالك باستقباله‏,‏ فأعطاه رسالة إلي والي المدينة لكي يتوسط له في لقاء الإمام مالك‏.‏
وأخيرا وصل الإمام الشافعي وهو في حدود العشرين من عمره إلي المدينة المنورة‏,‏ والتقي بالإمام مالك وقال له‏:‏ أصلحك الله‏,‏ إني رجل مطلبي أي‏:‏ من بني المطلب بن عبد مناف ومن حالي ومن قصتي كذا وكذا‏,‏ وأخذ يقص عليه جانبا من أحواله‏.‏
فلما سمع الإمام مالك صاحب الفراسة العميقة كلام الشافعي‏,‏ نظر إليه وقال له‏:‏ ما اسمك؟ قال‏:‏ محمد‏.‏
فقال له‏:‏ يا محمد اتق الله‏,‏ واجتنب المعاصي‏,‏ فسيكون لك شأن من الشأن‏,‏ وإن الله تعالي قد ألقي علي قلبك نورا فلا تطفئه بالمعصية‏.‏
وظل الإمام الشافعي ملازما للإمام مالك زهاء عشر سنوات‏,‏ يقرأ عليه الموطأ‏,‏ ويرجعه في بعض المسائل‏,‏ وينتفع بعلمه الغزير‏.‏
وكان الإمام مالك معجبا بعقل الشافعي‏,‏ وبفهمه العميق للأحكام الشرعية‏,‏ وكان يقول عنه ما أتاني قرشي أفهم من هذا الفتي‏.‏
وكان الشافعي رحمه الله يحترم إمام دار الهجرة‏,‏ ويضعه في أسمي درجات التوقير والمحبة ويقول‏:‏ مالك أستاذي عنه أخذت العلم‏,‏ وإذا ذكر العلماء فمالك هو النجم الثاقب‏.‏
وعندما لحق الإمام مالك بربه سنة‏179‏ ه‏,‏ كان الشافعي في التاسعة والعشرين من عمره‏,‏ وكان قد بلغ في العلم شأنا عظيما‏.‏
‏***‏
‏*‏ خلال تلك الفترة من حياة الإمام الشافعي وكان قد جاوز الثلاثين من عمره‏,‏ تعرض لمحنة قاسية‏,‏ ولكن الله تعالي نجاه منها‏,‏ وذلك أنه خلال عمله واليا علي إحدي بلاد اليمن‏,‏ وشي به الواشون بأنه من العلويين الذين ضد الدولة‏,‏ فأرسل إليه هارون الرشيد‏,‏ وأحضر الشافعي ومعه تسعة من الرجال اتهموا بهذه التهمة‏,‏ فقتلوا جميعا‏,‏ وجاء الدور علي الإمام الشافعي‏,‏ ودارت بينه وبين هارون الرشيد محاورة انتهت بالعفو عنه‏,‏ لقوة حجته‏,‏ وسلامة منطقه ووضوح أدلته علي براءته‏.‏
ويبدو أن هذه المحنة كانت سببا في تفرغه للعلم وتركه للوظائف‏,‏ فقد لازم بعد هذه المحنة محمد بن الحسن الشيباني صاحب أبي حنيفة‏,‏ الذي وقف إلي جانبه في محنته‏,‏ فأخذ الشافعي يدارسه في بغداد العلم‏,‏ ويراجع كتبه‏,‏ ويستمع إلي آرائه‏,‏ وينقل عنه أفكاره‏,‏ ويري فيه الإمام الفقيه المحدث‏.‏
وقد قابل محمد بن الحسن هذا الأدب من الإمام الشافعي بأدب مثله‏,‏ فكان يكرمه‏,‏ ويفرح بمجالسته‏,‏ ويقدم له عن سخاء ما هو في حاجة إليه‏.‏
‏***‏
‏*‏ توجه الإمام الشافعي بعد ذلك إلي مكة‏,‏ وأخذ يلقي دروسه في المسجد الحرام‏,‏ والتقي به أكابر العلماء في موسم الحج‏,‏ واستمعوا إليه واستمع إليهم‏,‏ ورأوا فيه فقيها متميزا‏,‏ يجمع بين فقه أهل المدينة الذي يقوم في مجموعه علي الأثر‏,‏ وفقه العراق الذي يقوم في مجموعه علي الرأي‏.‏
وكان فقهه نتاج عقل ألمعي ذكي أنضجه فهمه لكتاب الله تعالي ولسنة رسوله صلي الله عليه وسلم .‏
وقد أقام رحمه الله في مكة زهاء عشر سنوات‏,‏ استوعب فيها ألوانا من العلم النافع ومن الفقه العميق‏,‏ وتكونت لديه الثقافة الرفيعة من روافد متعددة‏,‏ منها شيوخه وأساتذته ومنها مطالعاته وقراءاته‏,‏ ومنها رحلاته إلي المدينة وإلي اليمن والكوفة وبغداد‏,‏ ومنها مناظراته ومساجلاته‏,‏ ومجادلاته لغيره من المحدثين والفقهاء واللغويين والمتكلمين‏.‏
ولقد كان رحمه الله يؤمن بأن تعدد المصادر أمر ضروري للحصول علي العلم النافع‏,‏ ويقول‏:‏ من تعلم القرآن عظمت قيمته‏,‏ ومن كتب الحديث وحفظه قويت حجته‏,‏ ومن نظر في الفقه نبل قدره‏,‏ ومن نظر في اللغة رق طبعه‏,‏ ومن نظر في الحساب جزل رأيه‏,‏ ومن لم يصن عرضه لم ينفعه علمه‏.‏
وخلال هذه الفترة الطويلة التي قضاها بمكة‏,‏ علا قدره‏,‏ واشتهر أمره‏,‏ واتسع علمه‏,‏ وتبحر في دراسة ما يتعلق بالقرآن والسنة والاجتهاد وأصول الاستنباط والقواعد الكلية في الفقه‏.‏
المزيد من مقالات د‏.‏ محمد سيد طنطاوي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.