هكذا كان يفضل ساحر الموسيقي عمار الشريعي أن يطلق علي نفسه فيما يخص علاقته بعالم المسرح.. عاشق المسرح سيئ الحظ. فرغم شهرته الواسعة في مجال تلحين أغنيات وتترات والموسيقي التصويرية للدراما التليفزيونية والسينمائية وحتي الإذاعية, فإنه كشف ذات يوم في المؤتمر الصحفي لمسرحية يمامة بيضا عن أنه بالفعل عاشق للمسرح فقد تربي علي موسيقي فنان الشعب سيد درويش والأخوين رحباني, لكن أحلامه المسرحية لازمها دائما سوء حظ, خاصة في مسرح الدولة وذلك بسبب تخلي الدولة عن تقديم الدعم الحقيقي للمسرح الغنائي الاستعراضي بالشكل الذي يرضي طموحاته الفنية, لذا فقد اكتفي بتقديم ثلاث مسرحيات فقط لمسرح الدولة, الأولي كانت في السبعينيات بعنوان رابعة العدوية والتي كتبها يسري الجندي بالفصحي ولعبت البطولة فيها سيدة المسرح العربي سميحة أيوب, والثانية كانت مسرحية لولي بطولة محمد الحلو والتي اعتبرها أهم تجارب المسرح الغنائي المصري فقد وفر وقتها الفنان الراحل عبدالغفار عودة كل الإمكانات المادية المتاحة ليتمكن مخرجها مراد منير من تحقيق رؤاه الفنية فيها, اما آخر أعمال الشريعي للدولة فكانت يمامة بيضا التي ألفها وكتب كلمات أغنياتها جمال بخيت ملخصا رؤية توفيق الحكيم السياسية في كتابيه عودة الروح وعودة الوعي, وفيها أبدع مروض النغم عمار الشريعي في كشف كل مواهب علي الحجار وتلميذته النجيبة هدي عمار تمثيليا وغنائيا أيضا مستغلا في ذلك بولوفونية صوتيهما في مناطق موسيقية جديدة بشكل حر طالما افتقدها في أحلامه الموسيقية, وظهر ذلك في الأغنيات الثورية التي تضمنها العمل مثل ياعم بيع ويمامة بيضا وغيرهما, وبرغم أن المسرحية حققت نجاحا واسعا لدي عرضها علي مسرح السلام فإنها لم ترض طموح الشريعي الفني في مجال المسرح الغنائي الاستعراضي. من هنا كانت أعمال عمار الشريعي مع القطاع الخاص بحثا عن تحقيق حلم المسرح الاستعراضي, فتألقت شريهان, بمرونتها وإمكاناتها المبهرة في الرقص والغناء, علي ألحانه في إستعراضات مسرحية عشان خاطر عيونك تأليف بهجت قمر وإخراج حسين كمال عام1987, وحتي الفنان الراحل فؤاد المهندس استغل الشريعي مساحات صوته ليشركه مع شريهان في أغنية أو اثنتين بما يتناسب مع الحدث الدرامي, وهي ميزة أخري من ميزات الشريعي الفنية وهي أن تسمع ممثلا يغني دون أن تستغرب الأمر, وهو ما حدث أيضا مع عادل إمام في مسرحية الواد سيد الشغال عام1993, فقد لحن أغنيات المسرحية بنغمات ودرجات موسيقية تتناسب مع ممثل لا يتمتع بمهارات المطرب, بما لا يجعلك تشعر بأن الأغنيات مقحمة علي الحدث الدرامي, كما أمتعنا في مسرحية إنها حقا عائلة محترمة عام1979 مع شويكار والمهندس أيضا, ثم مسرحية تصبح علي خير ياحبة عيني مع صفية العمري وهشام عبدالحميد, وأخيرا حب في التخشيبة عام1985 مع دلال عبدالعزيز وجورج سيدهم, والتي تعد أول مسرحية بعد انفصال جورج عن سمير غانم فنيا.. والحقيقة التي لم يدركها عمار أنه لم يكن يوما عاشقا سييء الحظ للمسرح ولكن المسرح نفسه هو من خسر برحيله دون أن يملأ الدنيا صخبا وضجيجا بألحان الوريث الشرعي للنوتة الموسيقية.