في محاولة للسيطرة علي أسعار الأراضي, التي تسبب نظام المزادات في زيادتها بشكل كبير جدا, مما أثر علي التنمية العمرانية, تعد وزارة الإسكان حاليا اللائحة العقارية الجديدة التي تعيد نظام تخصيص الأراضي. بجانب الأنظمة المعمول بها حاليا كالمزادات والمشاركة وحق الانتفاع, لتكون بمثابة دستور يحدد أسس وقواعد التعامل بين أطراف المنظومة العقارية. وكشف المهندس نبيل عباس النائب الأول لوزير الإسكان لشئون المجتمعات العمرانية الجديدة, في حواره لالأهرام عن خطة لإنشاء44 مجتمعا عمرانيا جديدا علي مراحل حتي عام2052, ومنح الأراضي الصحراوية مجانا للمستثمرين لتحقيق التنمية.. والي نص الحوار: هل تأثر مجال الإسكان والعمران بما كان يحدث في البلاد في الفترات السابقة؟ بالفعل تأثر بشكل كبير حيث انتشر الفساد عبر آلية مخططة لتدمير الدولة بإصدار تشريعات وقرارات تؤخر ولا تقدم ولذلك لابد من إيجاد منظومة متكاملة للاصلاح, تشمل الموضوعات الخاصة بالأراضي والاستثمار العمراني, لأننا وللأسف الشديد أهدرنا قيمة هذه الموارد وأهدرنا الكفاءات التي تستطيع تنمية هذا المجال, كما أصبحت المجتمعات العمرانية تدار بنظام المتاجرة وليس التنمية, لدرجة أن أصولها لم تعد تقدر بالقيمة الاسمية الحقيقية لها كما أن مزادات الأراضي أصبحت المجال المناسب لبعض عمليات غسيل الأموال, فسعر المتر الذي لا يتعدي الف وخمسمائة جنيه وصل الي7 آلاف وهذا مؤشر علي أن هذه الأموال غير موجهة للتعمير, وبالتالي تأثرت وأصبحت الفئة التي تستطيع التعامل علي هذه الوحدات لا تزيد علي10% فقط من المجتمع, لذلك نعمل علي تصويب هذه الأخطاء ولكن قانون المناقصات والمزايدات رقم89 لسنة98 يقف حائلا دون تحقيق الاصلاح, خاصة أنه لم يمنع الفساد في الماضي, فقد كان في وجوده يتم منح الأراضي للحظوة بالأمر المباشر. وما الحل الذي تراه لهذه الإشكالية؟ الحل في أنه يجب أن تتميز عمليات طرح الأراضي بالديناميكية, بمعني أن المشروعات التي تخص الدولة لابد أن يتم دعم أسعارها بالكامل لتتحقق العدالة, فمثلا لا يصح أن نبني مساكن للشباب ثم نطرحها عليه بأسعار فوق طاقته ولكن المفروض أن أمنحها له بقيمة إيجارية تعادل10% من راتبه, ولكي يتحقق ذلك لابد أن تكون أسعار الأراضي معقولة ولا يتم رفع أسعار مواد البناء المغالي فيها جدا, في حين أن الخامات أساسا ملك الدولة ويتم شراؤها بأسعار متدنية جدا ولذلك نقوم بالاشتراك مع مركز بحوث الاسكان والبناء باستنباط أساليب بناء حديثة تتيح عدم استخدام حديد التسليح ونقلل من استخدام الأسمنت مما يخفض من تكلفة الوحدة نحو30 الي40%, كما نتجه لتعميم نظام العمارة الخضراء. وكيف يمكن التحكم في أسعار الأراضي وعدم وصولها لأسعار فلكية في المزادات؟ هذا ما نقوم بعمله الآن من خلال اعداد لائحة عقارية جديدة وفقا لقانون الهيئة رقم59 لسنة1979, والذي لا يلزمني بالتعامل بقانون المناقصات والمزايدات بل يمنحني الحرية في طرح الأراضي وفقا لمحددات وضوابط صارمة, وهذه اللائحة ستكون بمثابة دستور يحدد أسس وقواعد التعامل بين كل أطراف المنظومة العقارية ومن خلال المرونة التي توفرها من الناحية الفنية سنعمل وفق مخططات متكاملة لتحقيق التنمية السياحية والصناعية والتجارية والسكنية, كذلك القيام بأنشطة مختلفة مثل إنشاء المعارض وأيضا استخدام أسلوب حديث في التعمير وطرح الأراضي, وهو نظام التنمية المستدامة المتكاملة الذي يؤدي الي زيادة عوائد الهيئة, ثم الاستفادة من الأراضي التي حولها التي تصل في قيمتها الاسمية في هذه الحالة الي مبالغ كبيرة. وما هي الطريقة التي سيتم اتباعها في طرح أراضي التنمية المستدامة؟ توجد أكثر من طريقة نناقشها حاليا مع وزير الإسكان, منها أن تطرح هذه الأراضي بالمزاد, وهذا لا يعد غسيل أموال لأن قيمة الأرض الاسمية مرتفعة وكذلك من الممكن أن ندخل مشاركة مع أحد المستثمرين أو أن يتم تقييم سعر الأرض وطرحها للمستثمرين وفقا لضوابط وشروط تتضمنها اللائحة. وما هي نوعية المشروعات التي سيتم إنشاؤها لتحقيق التنمية المتكاملة في المناطق المقترحة؟ سنختار قطعة أرض ونبدأ في جانب منها بإنشاء فندق خمس نجوم أو مستشفي استثماري ضخم أو ناد رياضي وذلك عن طريق الطرح للقطاع الخاص أو المشاركة معه. من الواضح أنكم تعولون كثيرا علي اللائحة العقارية الجديدة فما هي أهم البنود التي ستتضمنها؟ ستشمل أسلوب التعامل مع المقاول وطريقة تخصيص الأراضي وطريقة التعامل مع البرامج الزمنية, كما ستراعي تحقيق الاتزان بين حق الدولة وحق المواطن وحق المستثمر عن طريق اقرار بنود واضحة لعقد متوازن بين كل الأطراف, تحدد فيه تنفيذ المشروع والمدد الاضافية, كما يتم تحديد مدة زمنية حقيقية لمراحل المشروع المختلفة, كذلك مدة زمنية تفصيلية( مكثفة) تحدد ما يتم الانتهاء منه كل سنة, وأن المدة الاضافية ستكون نظير مبلغ متفق عليه في العقد باستثناء الأحداث القهرية مثل الاضطرابات والكوارث وغيرها, وبذلك فإن كل الحقوق تكون واضحة. كما أن كل التعاقدات التي ستبرمها الهيئة مستقبلا وفقا لهذه اللائحة ستوضع علي الموقع الالكتروني للوزارة بكل تفاصيلها, كما سيوضع علي الموقع أيضا كل ما يتصل بالمشروعات الجديدة واستخدامات الأراضي بحيث يستطيع أي شخص التقدم للحصول علي قطعة أرض الكترونيا من أي مكان في العالم, بجانب ارسال العرضين المالي والفني للمشروع, وسيتم الانتهاء من الموافقات والإجراءات اللازمة خلال أسبوع واحد فقط من التقديم, كما أن المخطط عندما يتم عرضه سيكون قد تم الحصول علي الموافقات اللازمة من الجهات المختلفة. وهل هذه اللائحة يتم إعدادها بمبادرة منكم أم نتيجة لطلب المستثمرين؟ عندما تسلمت المسئولية وجدت أن الوزير لديه تحفظات علي هذه اللائحة, ثم قمت بعمل تصور للتعديل ثم عقدت اجتماعات مع جمعيتي المستثمرين ورجال الأعمال وجميع المهتمين حيث أدلوا بآرائهم ومقترحاتهم, ثم عقدنا اجتماعا مع رؤساء أجهزة المدن الذين أدلوا بمقترحاتهم وسنعقد اجتماعا مع المستثمرين للاستقرار علي الشكل النهائي, وقد وضعنا شرطا بأن يتم مراجعتها كل3 سنوات ضمانا للتطوير. هل أسلوب حق الانتفاع من ضمن النظم المطروحة؟ الأرض المصرية لابد أن تظل مصرية ولا يحصل عليها إلا المصريون, ولذلك ندرس طريقة حق الانتفاع المناسبة للمستثمرين غير المصريين مثل مقترح أن تكون بالحصول علي قيمة ايجارية سنوية وبعد فترة معينة لا تزيد عن25 سنة تعود الأرض للدولة ليتم طرحها للمستثمرين مرة أخري. البعض يري أن تكون المدة99 سنة لتشجيع المستثمرين علي التعامل بهذا النظام؟ لا اتفق مع هذا الرأي, لأن قيمة حق الانتفاع تتناقص مع مرور الزمن وحتي لو وضعنا زيادة بنسبة معينة تكون معادلة لنسبة التضخم فانها قد تكون ظالمة للدولة, لان متغيرات السوق العقارية مختلفة, وعموما الموضوع قيد الدراسة. لكن يهمنا بشكل واضح معرفة ضوابط نظام التخصيص وكيفية تحديد أسعاره؟ توجد لجان فنية لتقييم العروض المقدمة ودراسة قدرات كل شركة أو مستثمر من خلال سابقة أعماله وكذلك العروض الفنية والمالية المقدمة, حيث يتم وضع ابناط علي كل بند من البنود والذي يحكمني في النهاية العقد والبرامج الزمنية المحددة, وبالنسبة لتحديد الأسعار فيكون ذلك عبر لجان متخصصة تحدد القيمة الاسمية لمتر الأرض. وما هي المناطق التي سيتم فيها استخدام اسلوب التنمية المستدامة وكم عدد المناطق المستهدفة؟ الصحراء الغربية والصحراء الشرقية وسيناء والجنوب الغربي والمناطق الحدودية مثل السلوم, وسيتم البدء بها خلال6 أشهر وعلي مراحل, حيث تنتهي المرحلة الأولي عام2017 ثم الثانية حتي عام2022, ثم الثالثة حتي عام2032 ثم الرابعة حتي عام2052, ثم مرحلة ما بعد عام2052 والتي سيتم فيها وضع مخططات جديدة, وسيتم طرح الأراضي بأسعار مخفضة وكل مرحلة ستكون لها أسعارها المختلفة, هذه المناطق سيتم وضعها جميعا علي الخريطة الرقمية بدلا من الخريطة الورقية غير الدقيقة ولذلك نقوم بإعداد كوادر مؤهلة لذلك بالاشتراك مع الهيئة القومية للاستشعار عن بعد, التي ستمدنا بمعلومات كاملة عن هذه المناطق ومحددات التنمية الخاصة بها لتحديد افضل تخطيط لها, وذلك سيتيح طرح فرص للاستثمار في المناطق التي سنعمل بها بعد15 سنة من الآن, وسيتم تقديم حزمة حوافز كبيرة للمستثمرين لتشجيعهم علي الاستثمار في هذه المناطق, منها طرح الأراضي مجانابضوابط وشروط واضحة للإسراع في التنمية. لكن ألا تري أن نظام التخصيص من الممكن أن يفتح بابا للفساد وانتشار الشائعات والشبهات؟ أولا نحن نتقي الله في عملنا كما أننا نعمل علي أن تشمل اللائحة كل الاحتياطات والنظم التي تؤمن عدم استغلال أي شخص لموقعه, فنحن نستخدم الشفافية الكاملة كما أن لدينا وسائل لردع الفساد عن طريق آليات الاتصال السريعة والرقابة الدائمة عن طريق تصوير فضائي يتم كل3 شهور يحدد أي تعاملات علي هذه الأراضي, كما انشأنا وحدة لتحليل الصور الفضائية لاكتشاف أي خلل في مراحل تنفيذ المشروعات القائمة وذلك بجانب الزيارات الميدانية. وهل سيتم أيضا منح المواطنين البسطاء أراضي بنظام التخصيص مثلهم مثل المستثمرين؟ اذا تحررنا من قانون المناقصات والمزايدات سنمنح المواطنين أراضي بالتخصيص ولكن بشروط تجعل الأرض تذهب لمن يستحقها, كأن يكون من خريجي الجامعة ويعمل في وظيفة ثابتة, كما سيتم وضع شرط بعدم البيع خلال فترة زمنية قد تكون خمس أو عشر سنوات, علي أن يكون للهيئة نسبة من عائد البيع بعد هذه المدة وسننسق في ذلك مع الشهر العقاري والجهات المعنية الأخري لضمان عدم البيع, ولعلم فإننا سنطرح مساحات كبيرة من الأراضي خلال الفترة المقبلة لأن زيادة العرض ستؤدي الي تحقيق احتياجات الناس وحل المشكلة تدريجيا, فمثلا في يناير القادم سنطرح مساحة003 فدان بالقرعة بعد تقسيمها في مجموعة من المدن الجديدة. وماذا عن ملف التسويات مع الشركات العقارية المخالفة الذي وعدتم بإنهائه سريعا؟ لا نقف عائقا أمام الاستثمار والمستثمر الجاد نمنحه فترة سماح جديدة مع سداد فوائد التأخير المطلوبة, وقد تم حتي الآن الانتهاء من التسوية مع15 شركة وجامعة خاصة, منها شركة تقوم بإنشاء فندق خمس نجوم بالقاهرة الجديدة, وأخري قطرية قامت بسداد4.6 مليار جنيه, وشركة للاسكان التعاوني المملوكة لأحد رجال الأعمال المصريين والتي التي كانت قد حصلت علي قطعة أرض مساحتها2000 فدان مقابل10 جنيهات للمتر ولكنها لم تقم بتعمير إلا350 فقط وتم سحب1650 فدانا وقد اتفقنا معها علي اعادة هذه المساحة إليها مقابل تسديد مبلغ120 مليون جنيه لخزينة الهيئة وانهاء النزاع القضائي, وكذلك كلفت القطاع العقاري بإعداد حصر شامل للشركات التي توجد معها نزاعات واتصلت بهم لتسوية الأمور, وسيتم انهاء هذا الملف بالكامل خلال اسبوع. لكن ألا تري أن هذه الأراضي لو تم عرضها بالمزاد ستدر مبالغ ضخمة تصل للمليارات؟ هدفنا هو التنمية واذا فعلنا ما تقول فإننا نقضي علي شركات واستثمارات وفرص عمل بجانب مصداقية الدولة مع المستثمرين.