في اجتماع شرم الشيخ لوزراء الري في دول حوض نهر النيل, رفضت مصر والسودان التوقيع علي الاتفاق الاطاري المقترح لتنظيم موارد المياه في حوض نهر النيل لأن الاتفاق المقترح لا يتضمن الحفاظ علي الحقوق والاستخدامات المائية الحالية, وأن ذلك يضر بالحقوق المقررة لمصر بمقتضي الاتفاقيات الدولية التي مازالت سارية بين مصر ودول المنبع: أود بهذا الخصوص إبداء الملاحظات التالية: 1 كان لمصر في فترة الرئيس جمال عبد الناصر نفوذ وسطوة كبيران علي الدول الافريقية, نظرا للدور الذي لعبته في تحرير دول القارة الافريقية, ومن بينها بعض الدول المنتمية الي حوض نهر النيل, وللأسف لم ننتهز هذه الفرصة لإحلال الاتفاقيات المبرمة بين دول هذا الحوض ومصر إبان الفترة الاستعمارية باتفاقات جديدة. ولو حدث ذلك في حينه لتجنبنا الحجة التي تدعيها دول المنبع الآن. أن توزيع حصص المياه من دول الحوض غير عادل, وأنه لم تكن لها إرادة في إبرام مثل هذه الاتفاقيات, خاصة أن مشكلة موارد المياه لم تكن بالحدة التي عليها الآن. 2 ومع ذلك فليس من حق دول المنبع تجاهل هذه الاتفاقيات, أو إيقاف العمل بها أو تجاهلها ولكن ماتملكه هو حق طلب إعادة التفاوض, والوصول الي حل يرضي جميع الأطراف, ومن ثم فإن الاتفاقيات القائمة تظل سارية ونافذة في حق دول المنبع لحين تغييرها. 3 اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لسنة1969 تحظر علي الدول إنهاء المعاهدات السارية بإرادتها المنفردة, وفي حالة حدوث ذلك فإن ذلك يعد عملا غير مشروع من وجهة نظر القانون الدولي تتحمل عواقبه. 4 المستقر عليه في فقه القانون الدولي واتفاقية الأممالمتحدة لسنة1997 بشأن مجاري المياه الدولية هو أن توزيع حصص المياه يتم وفق معايير من بينها الحقوق التاريخية والاستخدامات الحالية للمياه, وعدد السكان في كل دولة, ومدي توافر مصدر آخر للمياه لدي كل دولة, وهذه المعايير جميعها تصب في مصلحة مصر. 5 أعتقد أن دول المنبع في حوض نهر النيل لا تعاني حاليا من أي مشكلة أو نقص في المياه, فمن زار هذه الدول يكتشف أنه يسقط عليها أمطار استوائية غزيرة, ومن ثم فهي ليست بحاجة ملحة أو عاجلة لمياه نهر النيل. 6 ظني أن دول المنبع تستخدم حجة توزيع حصص مياه الحوض كنوع من الابتزاز الاقتصادي, فهي تريد مبادلة المياه بفوائد اقتصادية وقروض ومشروعات, وربما هناك بعض الدول تدفع دول المنبع إلي اتخاذ هذا الموقف. 7 طبقا للاحصائيات الدولية يسقط علي الهضبة الاثيوبية مايعادل1600 متر مكعب من المياه, يتبدد معظمها, ولا يصل مصر منها إلا مايعادل45 مليار متر مكعب, ومن ثم فإن أي إدارة رشيدة لهذا الحجم الهائل من المياه يجعل دولا مثل إثيوبيا والسودان ومصر ليست بحاجة الي أي موارد إضافية من المياه. 8 أظن أن محاولة مصر للوصول الي حلول مرضية مع دول المنبع لن تزيد هذه الدول إلا إصرارا علي موقفها, ولذلك اقترح أن تقوم مصر بإثارة هذه المشكلة أمام الاتحاد الافريقي, وحركة عدم الانحياز والجمعية العامة ومجلس الأمن, والبنك الدولي, وذلك بهدف إخطار الدول والمنظمات الدولية المعنية بأن هناك مشكلة لم يتم حلها, ومن ثم يمتنع علي هذه الدول والمنظمات الدولية تمويل إقامة سدود, أو مشروعات تضر بحقوق مصر التاريخية في المياه. 9 أعتقد أنه لا خوف من عرض هذه المشكلة علي محكمة العدل الدولية, أو محكمة تحكيم, فقواعد القانون الدولي العرفية والاتفاقية تصب في مصلحة مصر. د. عبدالعزيز مخيمر عبد الهادي رئيس قسم القانون الدولي العام بحقوق المنصورة