السؤال الذي ظل يلاحق الرئيس أوباما في جولته الآسيوية كان كيف يمكن لقوة تتراجع قوتها الاقتصادية تدريجيا أن تتناطح مع القوة الصينية الصاعدة العازمة علي تعزيز مكانتها في محيطها الاقليمي. المؤكد أن توقفه في ميانمار كان هدفه تشجيع براعم الاصلاح السياسي فيها ولكنه كان أيضا دلالة قوية علي أن واشنطن عازمة علي احتواء الصين بالنفاذ إلي مواقع حصينة لها في ميانمار وكمبوديا في إطار سياستها لتوجيه البوصلة العسكرية نحو شرق آسيا. لا شك أن المفردات الصعبة التي تحكم العلاقة بين هاتين القوتين قد انعكست سلبا علي صيغة التوافق الجماعي التي ظلت عنصرا جوهريا في إطار التعاون بين أعضاء رابطة دول جنوب شرق آسيا. وربما كان الاجتماع الأخير قد دشن نهاية هذا التوافق حين احتضنت كمبوديا ولاوس المطلب الصيني بالتوافق علي عدم تدويل الصراع حول مزاعم السيادة في بحر الصين الجنوبي والشرقي في محاولة لإزاحة الطرف الأمريكي, وهو ما رفضته الفلبين وفيتنام اللتان تمسكتا بحقهما في الاستعانة بأي طرف دولي للدفاع عن مصالحهما في الجزر المتنازع عليها والزاخرة بثروات بترولية فضلا عن حيوية بقاء الممرات البحرية مفتوحة أمام الجميع. هناك بالتأكيد مكاسب اقتصادية وسياسية تحققها الدول الصغيرة في شرق آسيا من خلال التنافس الأمريكي الصيني علي كسب ودها وضمها إلي الاصطفاف المؤيد لها ولكن لن يتجاوز دور مخلب القط في صراع ستحكمه في نهاية الأمر اعتبارات المصالح الاقتصاية المتشابكة بين القوتين الصاعدة والهابطة. ولهذا فمن الأفضل لها البحث عن إطار للتفاوض الجماعي داخل الرابطة حول ميثاق للسلوك يجنبها تداعيات المواجهات العسكرية ويوفر لها إطارا سلميا لتسوية الخلافات حول السيادة علي الجزر. الصين من جانبها ترفض الالتزام بالتفاوض متعدد الأطراف وتفضل حل الخلافات ثنائيا رغم أنه الإطار الملائم لإبعاد شبح التدخل الأمريكي في نزاعات تمس محيطها الحيوي ولكن المهم أولا هو تدخل أطراف محايدة لإعادة صيغة التوافق. المزيد من أعمدة سجيني دولرماني