محافظ الأقصر الجديد يتسلم مهام عمله.. رسميا    حماس: وافقنا على التخلي عن مطلب التزام إسرائيل بوقف دائم لإطلاق النار قبل توقيع الاتفاق    اتحاد الكرة يكشف حقيقة الاتفاق مع الأندية لترك لاعبي المنتخب الأولمبي    الدبيس: انضمام النني وزيزو إضافة في أولمبياد باريس    طلاب الثانوية العامة بالشرقية: الكيمياء أفضل من الفيزياء لكن كان يحتاج لوقت أطول    شديد الحرارة نهارا واضطراب الملاحة.. الأرصاد تكشف حالة طقس الغد    الكيمياء والجغرافيا ترسم البهجة على وجوة طلاب الثانوية العامة بالفيوم    «الداخلية» تواصل فعاليات مبادرة «كلنا واحد» لتوفير مستلزمات الأسرة المصرية    المعهد القومي للحوكمة وكلية ثندر بيرد للإدارة العالمية يوقعان بروتوكول للتعاون    حزب الجيل: «حياة كريمة» أضخم مشروع تنموي لتطوير الريف المصري    جامعة بنها تتقدم 65 مركزا في مؤشر التأثير العلمي بتصنيف ليدن الهولندي 2024    الاتحاد الأوروبي يرفض قصف وإجلاء المدنيين صباحا ويدعم الاحتلال بالأموال ليلا    رئيس الفلبين يهنئ رئيس وزراء بريطانيا الجديد بفوزه في الانتخابات التشريعية    إنجلترا ضد سويسرا.. الإنجليز يتفوقون فى تاريخ المواجهات قبل موقعة اليورو    عضو مجلس الشيوخ: الحوار الوطني بات همزة وصل بين الحكومة والشارع المصري    محافظ بورسعيد الجديد يصل مكتبه: سأبذل قصارى جهدي لخدمة المواطنين    استمرار غياب بيرسى تاو عن الأهلي في الدوري    محافظ الدقهلية في أول يوم عمل: نواجه مرحلة تحديات حقيقية    توقيع بروتوكول تعاون بين جامعتي الإسكندرية والسادات    لليوم السادس.. التموين تواصل صرف مقررات يوليو    مصرع عامل استقل سطح القطار فاصطدم بكوبري علوى بسوهاج    «الداخلية»: ضبط 12 طن دقيق مدعم قبل بيعها في السوق السوداء    مدبولى: مبادرة 100 مليون شجرة على أجندة اهتمامات الحكومة    رئيس الوزراء يوجه بالإسراع في تنفيذ مبادرة «100 مليون شجرة»    باع 11.7 ألف تذكرة في 24 ساعة.. تعرف على إجمالي إيرادات فيلم عصابة الماكس    إصابة شابين بالرصاص الحي خلال مواجهات مع قوات الاحتلال في شرق نابلس    بهذه الكلمات.. نبيل الحلفاوي ينعى اللاعب أحمد رفعت    ب "الشماريخ ورقص خالد أنور".. 40 صورة من حفل خطوبة الفنانة مروة أنور    حكم صيام أول محرم.. «الإفتاء» تحسم الجدل    هيئة الدواء تحذر من تفاعل فيتامين الحديد مع هذه الأطعمة    لطلاب الثانوية العامة، أفضل مشروبات للتخلص من التوتر    وزير الخارجية: مصر تسعى لدعم دول الجوار الأكثر تضررًا من الأزمة السودانية    وزير الصحة يستقبل المدير الإقليمي للتنمية البشرية بالبنك الدولي لتعزيز سبل التعاون    فرحة بين طلاب الثانوية العامة بالدقي لسهولة الجغرافيا.. وطلاب العلمي: امتحان الكيمياء طويل    بعد وفاة أحمد رفعت.. رئيس وادي دجلة: يجب إلغاء الدوري حتى لا يموت الآخرون    ملك تايلاند يستقبل شيخ الأزهر ويشيد بجهود الأزهر في نشر وتعزيز قيم الحوار والتسامح والتعايش المشترك    وزير التعليم يتابع سير امتحانات الثانوية: «وضع مصلحة الطلاب وتوفير كافة سبل الراحة لهم على رأس الأولويات»    اعتدى عليها جنسيًا.. وصول المتهم بقتل الطفلة السودانية «جانيت»    خبيرة فلك: ولادة قمر جديد يبشر برج السرطان بنجاحات عديدة    رئيس «قيد الصحفيين» يعلن موعد جلسة مقابلة المتقدمين ل«تحت التمرين» (تفاصيل)    مفتى الجمهورية: التهنئة بقدوم العام الهجرى مستحبة شرعًا    ما الحكمة من اعتبار أول شهر المحرم بداية العام الهجري؟ الإفتاء تُجيب    مصر وسوريا تشددان على الرفض التام لمحاولات تصفية القضية الفلسطينية أو تهجير الفلسطينيين.. الرئيس السيسى يؤكد ل"الأسد" مواصلة الجهود الرامية لوقف إطلاق النار بقطاع غزة وإنفاذ المساعدات الإنسانية بصورة مستدامة    ‫وزير الزراعة يبحث الملفات العاجلة وتطوير الثروة الحيوانية    ماذا يريد الحوار الوطنى من وزارة الصحة؟...توصيات الحوار الوطنى تضع الخطة    الصحة تطمئن على جودة الخدمات المقدمة بمستشفى عين شمس العام    قائد القوات الجوية الأوكرانية: إسقاط 24 مسيرة روسية من طراز شاهد    اسعار الأسماك اليوم 6 يوليو بسوق العبور    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 6-7-2024    يورو 2024| تشكيل منتخب إنجلترا المتوقع لمواجهة سويسرا    عاجل.. الزمالك يرد على أنباء حرمانه من الجماهير أمام الأهلي بالسوبر الأفريقي    «في الساحل الشمالي».. شوبير يكشف عن أولى صفقات الأهلي (فيديو)    الداخلية الإيرانية: تقدم بزشيكان على جليلي بعد فرز أكثر من نصف الأصوات    وفاة اللاعب أحمد رفعت إثر تدهور حالته الصحية    احتفالات السنة الهجرية الجديدة 1446 في العراق    رأس السنة الهجرية 1446.. أجمل التهاني والأدعية    «هنمنع عنكم طائرات الأباتشي».. نبيل فهمي يكشف تهديد أوباما بعد ثورة 30 يونيو (فيديو)    الصحة العالمية تحذر من مادة مسرطنة يستخدمها الملايين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في المعركة مع الاكتئاب‏..‏ من يكسب؟
نشر في الأهرام اليومي يوم 03 - 05 - 2010

وحتي كتابة هذه السطور لم يتفق أطباء النفس علي تعريف جامع مانع لواحد من اقسي أمراض النفس البشرية وأعني به الاكتئاب‏,‏ فهم يتراوحون بين أعراض عديدة‏,‏ قد تبدأ من احساس الإنسان بأن حياته بلا جدوي‏,‏ أو السباحة في بحر الاحساس بالذنب علي أفعال قديمة ارتكبها الإنسان وهو يجهل نتائجها‏,‏ أو أن يشعر بأن ما تأتي به الأيام لم يكن هو ما يخطط له أو يتمناه‏,‏ أو تتسع المسافة بين ما يحلم به وبين امكاناته ليحقق تلك الأحلام‏,‏ وأن يتوهم في نفسه قدرات لتحقيق ما يريد‏,‏ لكن أنفاسه تتلاحق وهو يلهث من أجل ما يرغب‏,‏ ثم تنقطع الأنفاس ليخر صريع الحزن الذي لا يجرؤ علي كشف أسبابه أو تخفي نفسه عنه تلك الأسباب‏,‏ ومن الطبيعي أن ما يحدث للأفراد ينطبق علي المجتمعات أيضا‏,‏ وفي كل الحالات يتعامل الفرد أو المجتمع مع العديد من الحيل اللاشعورية التي تمارسها النفس البشرية أو الضمير المجتمعي‏,‏ حين ترزح الأكتاف تحت ثقل كلمات الواجب والمسئولية وبين الأمنيات التي تبرق في الخيال‏,‏ فهي أمنيات قد لا يتحملها الضمير‏,‏ أو لا تستطيع امكانات الفرد‏-‏ أو المجتمع‏-‏ أن تصل إليها دون اخلال بالقواعد الاجتماعية والأخلاقية‏,‏ وقد تقود تلك الأمنيات صاحبها إلي فقدان تصور النتائج المترتبة علي بعض من الأفعال‏,‏ كما يحدث في الجرائم التي يظن مرتكبوها أنهم قد أخذوا من الحيطة والحذر ما ينجيهم من نتائج تلك الجرائم‏,‏ ثم لا يلبثون أن يجدوا أنفسهم واقفين أمام النيابة والقضاء‏,‏ ثم تلقي العقوبة المناسبة‏,‏ وهو ما حدث أيضا علي مستوي المجتمعات مثلما انجرفت ألمانيا إلي النازية تحت قيادة هتلر فتم سحقها بالحرب العالمية الثانية‏,‏ وهو سحق لم تكن ألمانيا تضعه في الحسبان‏.‏
ويظل السؤال الفعال والمهم القائل‏:‏ كيف يقيس الإنسان‏-‏ أو المجتمع‏-‏ خطواته ليسير بمجمل قدراته في طريق تحقيق أحلامه؟
وهذا النوع من الاسئلة يتطلب قدرا من الحكمة المصحوبة بطاقات من الاصرار علي بلوغ تلك الأحلام إن كانت ممكنة‏,‏ دون أن تقوده خطواته إلي الارتباك أو الهزيمة‏.‏
ونوعية الحكمة المطلوب في تلك الرحلات كما يشرحها د‏.‏ أرون بيك الطبيب والعالم النفسي في كتابه الحب وحده لا يكفي‏,‏ وهو يعرض في كتابه خبراته في العلاج النفسي للاكتئاب‏,‏ وهي رحلة قطعها عبر طريق طويل بدأه كطالب ثم دارس إلي أن تولي منصب رئيس قسم العلاج النفسي بجامعة بنسلفينيا‏,‏ ويصف د‏.‏ آرون الحكمة المطلوبة بقوله عليك أن تفكر في أنك من تأليف غيرك بداية من الاب والام والبيئة المحيطة وظروف التعليم‏,‏ وأن ما يخص احتياراتك إنما ينبع من مدي ايمانك بأن للآخرين أيضا اختيارات قد تتفق وقد تختلف عما تريد‏,‏ فإن استطعت أن تجد نقاط تلاقي بين ما تختاره وبين ما يمكن أن ينسجم مع اختيارات غيرك‏,‏ فأنت توسع لنفسك طاقات من القوة تفوق خيالك لتصل إلي ما تريد‏,‏ ولكن هل يمكن أن يقيم الإنسان تقديرا حقيقيا لاختيارات الآخرين؟
عن نفسي أنا كاتب هذه السطور اعترف أني أحاول تطبيق ذلك باتباع القاعدة الذهبية في قيادة السيار‏,‏ وهي ضرور ترك مسافة لا تقل عن أربعة أمتار بيني وبين السيارة التي أمامي‏,‏ وكثيرا ما أسمع صرخات أبواق السيارات التي تسير خلفي عندما أطبق تلك القاعدة التي تحميني من الاصطدام بالسيارة التي أمامي‏,‏ إن قام أحدهم بفرملة مفاجئة لتفادي ما أمامه‏,‏ بل وفي بعض الأحيان قد أسمع ما لا يسرني‏,‏ وكثيرا ما افتح زجاج السيارة الذي بجانبي لأقول لمن أسمعني كلمات لا تليق‏:‏ آسف لم أقصد مضايقتك ولكن اتبع قواعد المرور الأساسية واللازمة لانقاذ حياتي أو حياتك‏,‏ وقد اسمع كلمات هل هناك قاعدة يمكن أن تسير بها في تلك الشوارع المزدحمة؟ وغالبا ما لا أرد علي من يتناسي تلك القواعد الأساسية لأنه يقع في وهم تصور أنه أكثر أهمية من الآخرين‏,‏ ويجهل أن وصوله إلي المكان الذي يرغب في الوصول إليه لا يعتمد علي ارادته وحده‏,‏ بل تتحكم في ارادات غيره‏,‏ فإن احترام القواعد المنظمة لترتيب الأولويات التي تسمح لكل فرد أن تتناسق ارادته مع ارادات غيره‏,‏ فلسوف يصل قطعا إلي الهدف الذي يبغي الوصول إليه دون اجهاد نفسي يسرق منه الحيوية اللازمة له حين يصل إلي ما يرغب‏.‏
وما ينطبق علي القواعد الذهبية في المرور ينطبق أيضا في السياسة‏,‏ فعلي سبيل المثال لم يدخل هيلموت كول مؤسس وحدة ألمانيا المعاصرة في بئر التنافس مع الاتحاد السوفيتي‏,‏ بل أعاد ترتيب الأولويات واستخدم خياله علي أساس واقعي ليحقق وحدة ألمانيا‏,‏ إن سقط النظام الشيوعي هناك‏,‏ ورأي بعيون السياسي المقتدر أن امكانيات ألمانيا الغربية التي يحكمها قادرة علي تحمل مسئولية الوحدة مع ألمانيا الشرقية‏,‏ فوضع تصورا واقعيا لما يمكن أن يتحقق عندما يسقط حائط برلين وترك مهمة توسيع رقعة الثقوب في القيادة السوفيتية للسيدة مارجريت تاتشر رئيسة وزراء انجلترا في تلك الأيام‏,‏ وعندما سقط حائط برلين لم تسقط ألمانيا في بئر الفرح المزيف‏,‏ بل طبقت ما كانت تستعد له من امكانيات تشغيل القدرات المعطلة في ألمانيا الشرقية‏,‏ بما يحقق سرعة الانسجام بين من عاشوا في القهر الشيوعي وبين من عاشوا في ربيع ألمانيا المقتدرة من بعد الحرب العالمية الثانية أي ألمانيا الغربية‏.‏
هكذا يمكن أن نري أهمية ترتيب الأولويات مع احترام ارادات الغير والايمان بأن حسن تقدير المواقف هو الطريق لتحقيق الأهداف سواء في مشوار تقطعه من منزلك إلي عملك بسيارتك أو صناعة وحدة بين شعب واحد قسمته الحرب العالمية الثانية إلي دولتين‏,‏ وفي كل من الموقفين صيانة للإنسان من أنياب التصورات الخاطئة التي تقود إلي الاكتئاب المرئي أو غير المرئي‏,‏ فتجارة الاكتئاب تربح كثيرا عندما تغيب القدرة علي رصد الامكانيات وحسن استخدامها لتحقيق الأحلام‏.‏
المزيد من مقالات منير عامر


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.