واحد.. اثنين.. الحادثة الجاية فين؟ هذه الهواجس تطارد الآن كل من يستخدمون قطارات السكك الحديدية أو يعبرون خطوطها من خلال كمائن الموت المعروفة باسم المزلقانات.. فلم يكن حادث مزلقان أسيوط هو الأول ومن المؤكد انه لن يكون الأخير, فإن بوابات الاهمال مازالت مفتوحة علي مصراعيها ليس علي قضبان السكك الحديدية فقط بعد أن تحولت حياتنا إلي مزلقانات مفتوحة يفتح لنا الموت فيها ابوابه عبر برج سكني بدون ترخيص أو عبارة تبتلعها أمواج البحر أو ميكروباص يشق طريقه ليستقر في قاع النيل. وبرغم فداحة كارثة مزلقان أسيوط فإن العناية الإلهية وحدها قد منعت حدوث كوارث مماثلة بعد ساعات وأيام من وقوع الحادثة الأولي, ليشتعل الجدل حول مدي جدية أعمال الإصلاح والصيانة التي تتم إلا أن الخبراء يؤكدون عدم امكانية الإصلاح إلا من خلال استراتيجية للتطوير لا تتغير بتغير الوزراء والمسئولين. واليوم فإن صفحة المحافظات تواصل رصد مظاهر الإهمال في عمل مزلقانات السكك الحديدية في مصر في عدد من المحافظات وتعرض لاستراتيجية التطوير التي قدمت لرئيس الوزراء الأسبق أحمد نظيف وكان مصيرها الحفظ في الادراج. في الاسكندرية.. الجاني مزلقان والمجني عليه بلا ثمن مز لقانات بلا خفير والمرور فيها بلا رقيب والطرق الصحراوية سقطت من حسابات المسئولين السكك الحديدية أصبحت كلمة مرادفة للموت المتحالف مع اللامبالاة.... وا لغياب التام للمسئولية... وا لصمت المخيف علي اخطبوط الاهمال... وعدم احترام الادمية والاستخفاف بارواح المواطنين... كما أصبحت السكك الحديدية من اخطر المشكلات التي تواجه المجتمع المصري بعد حوادثها الجسيمة وبعد أن اصبحت مزلقاناتها أكمنة للموت المحقق, الإسكندرية تحتضن بين جنباتها(16) مزلقانا بداية من محطة الاسكندرية وحتي ابوقير بالاضافة الي نحو(5) مزلقانات علي الطريق الصحراوي سقطت من حسابات المسئولين بالهيئة القومية للسكك الحديدية, بل قد لايعلمون عنها شيئا علي الاطلاق تلك المزلقانات هي كمين موت متربص بأرواح المواطنين ولا مفر منه وهنا يصبح المجاني مزلقان والمجني عليه بلا ثمن.... وعند محاكمة الجاني تتضح حقائق غاية في الخطورة يكاد العقل لايصدقها.... فمن خلال الاحداث الدامية نكتشف ان المزلقان يعمل من خلال عنصرين غاية في الاهمية.... الاول العنصر البشري وهو خفير المزلقان او كما يطلق عليه في الهيئة خفير منفذ وهو يعمل طوال(12) ساعة يوميا وفي حالة مرض زميله لابد ان يستمر بالعمل علي المزلقان علي مدي(24) ساعة بلا انقطاع نظرا لعدم وجود عمال بالقدر الكافي وهنا يطفو سؤال مهم... ماذا يحدث في حالة اصابة خفير المزلقان بغيبوبه او اغماء او بمرض مفاجي؟ من سيتابع حركة القطارات بالمزلقان لاندري ؟كما يفتقد المزلقان وجود رجل المرور من اجل تنظيم مرور القانون, فمعظم مزلقانات محافظة الاسكندرية لايوجد عليها رجال المرور, كما نص القانون, فمعظم مزلقانات الإسكندرية لا يوجد عليها رجل مرور من اجل تنظم مرور المواطنين والسيارات علي المزلقان ومنعهم اثناء مرور القطارات وكأن الامر ترف متروك حسب الرغبة وتتوالي الحقائق من خلال جولتنا حيث نجد ان معظم المزلقانات مفتوحة تماما وغير آمنة نظرا لعدم وجود الشادوف والذي حل محله حبل أو سلسلة حديدية وهنا يقوم المواطن بنزع الحبل ليمر دون رادع حتي اثناء مرور القطار, وبعد مزلقات فيكتوريا وسيدي بشر مثلا صارخا علي هذا المشهد المميت وعند البحث عن العنصر الثاني وهو السيمافور الذي اصبح مجرد ديكور في العديد من المزلقانات فهو نوعان, الاول يدوي يقوم بتشغيله ملاحظ البلوك وايضا لايتم تشغيله وهنا نتحالف الظروف الجوية مع الاهمال والغياب المستمر عن مواقع العمل في ساعات العمل الرسمية ففي فصل الشتاء تؤثر الشبورة علي السيمافور الاتوماتيك الضوئي فلا يعمل علي الخط الطوالي وبهذا تتولد اركان الكارثة وتكتمل حينما نعلم ان المزلقانات تحتاج الي صيانه دورية للتأكد من صلاحية الاجراس والاشارات.... تلك الاجراس مرتبطة بغرفة التحكم سير القطارات والتي تقع في منطقة القباري وللاسف هذه الغرفة لا تعمل ويكون الاعتماد الرئيسي علي التليفونات الداخلية الموجودة بالابراج التي تتابع وصول ومغادرة القطارات من كل محطة. وهناك يطفو سؤال آخر غاية في الاهمية ماذا يحدث في حاله انقطاع الخدمة التليفونية وفقد التواصل مع القطارات ؟؟ ومن المفترض ان هناك بغرفة تحكم سير القطارات بالقباري مراقبة الكترونية لكل القطارات التي تسير علي خط ابو قير ذهابا وايابا من اجل حساب مواعيد التقاطر حتي لا تصطدم القطارات بعضها ببعض...وللاسف هذه العملية لا تتم والدليل كثرة حوادث القطارات حيث تشهد قضبان السكك الحديدية مصرع آلاف من المواطنين سنويا فمن يصدق وجود مزلقانات بالاسكندرية بلا خفير ولا حتي شادوف فأصبحت اكمنة للموت المحقق, ما ساعد علي ذلك ايضا السلوك الخاطيء للمواطنين حيث قام العديد منهم خاصة بالمناطق الشعبية والعشوائية المكتظة بالسكان بعمل فتحات عشوائية بأسوار المحطات وبالقرب من المزلقان من اجل المرور منها فضاعفت الكارثة خاصة اذا علمنا ان اطفال المدارس وكبار السن يستخدمون تلك الفتحات في المرور حتي اثناء مرور القطار رافضين استخدام الكباري العلوية الموجودة عند بعض المزلقانات تحت دعوي ارتفاعها المبالغ فيه وتكون النتيجة حوادث دامية تحصد الافا من الارواح في مشهد رهيب دائم التكرار طالما كان السكوت علي اخطبوط الاهمال وغياب المسئولية, حيث تفقد كل المزلقانات بلا استثناء لمرور المشرفين والمسئولين بالهيئة وكأنها خارج الاختصاصات الوظيفية للعاملين بها ومن اكثر المزلقانات التي تشهد اهمالا شديدا من قبل مسئولي الهيئة القومية لسكك حديد مصر هي المزلقانات الموجودة علي الطرق الصحراوية وهي مزلقان العامرية وبرج العرب والحمام والضبعة ورأس الحكمة وهذا الاخير اكثر المزلقانات خطورة حيث يشهد العديد من الحوادث خاصةفي فصل الصيف نتيجة تدفق اعداد مهولة من المواطنين علي مصيف مرسي مطروح تلك المزلقانات بلا خفير ولا ملاحظ بل الادهي من ذلك ان المسئولين بالهيئة لا يعلمون عنها شيئا عنها!.