في كتابه الجديد الحرية جايه لابد.. جرافيتي الألتراس الصادر عن دار نهضة مصر مؤخرا يكمل الكاتب والمصور الفوتوغرافي شريف عبد المجيد, رحلته لتوثيق جرافيتي الثورة المصرية, ويأتي صدور الكتاب ضمن سلسلة من المبادرات الفردية لناشطين وفنانين بهدف الحفاظ علي هذه الذاكرة التي تتعرض لعمليات محو مستمرة وكان من أبرزها كتاب الجدران تهتف جرافيتي الثورة المصرية, الذي صدر قبل شهرين عن دار نشر زيتونة, وقام شريف البرعي بتحريره. وقدم فيه المصورين والفنانون صورهم تطوعا بلا أجر, وتضمن الكتاب الي جانب الصور, يوميات الثورة من يناير2011 حتي يونيو2012( ما سمي المرحلة الانتقالية) باللغتين العربية والانجليزية. وتضمن أيضا تقديما قصيرا من رشا عزب ومالك مصطفي. وتكتسب هذه المبادرات علي تفاوت قيمتها أهمية فريدة نظرا لتعثر عدة مبادرات رسميه كانت تستهدف توثيق الثورة المصرية في مساراتها المختلفة واكلتها عملية اعادة انتاج النظام القديم وعلي رأسها جهود اللجنة التي كان يرأسها المؤرخ البارز خالد فهمي وكانت تمارس عملها من خلال دار الوثائق القومية وتوقفت دون ابداء الاسباب. وقبل هذا الكتاب أصدر عبد المجيد العام الماضي كتابه أرض أرض عن الهيئة المصرية للكتاب, أرخ فيه لرسومات الجرافيتي التي انتشرت منذ قيام الثورة, و قام الفنان مؤخرا بعرض مجموعة من صوره في معرض أقيم تحت عنوان أرض أرض, بجاليري أورن واشتمل علي أكثر من ثلاثين لوحة فوتوغرافية, تصور علاقته بالناس وحوائط الشوارع التي شهدت مجموعة الأحداث السياسية الأخيرة, والتي تم استخدامها في الرسم الجرافيتي عليها بعد هذه الأحداث والاشتباكات المتخلفة سواء بالمشاهدة أو استخدامها أو الكتابة عليها مرة أخري. واذا كان الكتاب الاول استهدف رصد ظاهرة الجرافيتي فالكتاب الجديد يسعي الي رصد علاقة هذه الظاهرة الفنية بالحركات الاجتماعية السياسية التي أبرزت من حضور الجرافيتي في الحياة اليومية المصرية وهي ظاهرة الالتراس وفي صفحات المقدمة القليلة جدا يعمل عبد المجيد علي تلخيص محتوي ومسار الحركتين معا وهو تلخيص يبدو مخلا الي حد كبير يذكر ايضا بمقدمته التي كتبها لكتاب ارض, أرض وكانت عاجلة لم تلتفت الي المسار لعالمي للظاهرة نفسها سواء في ارتباطها بفنون البوب ارت أو في ارتباطها بفكرة الاحتجاج الي جانب انها لم تبرز المحتوي التقني لما يسمي ب الفن الزائل وهو فن الجرافيتي الذي يتجدد باستمرار. ومن وجهة نظري كان من الافضل للفنان ان يركز جهوده علي مهمة الرصد و توثيق الرسوم التي صورها جماليا بالاشارة الي فنانيها وأماكن تواجد تلك الصور واللوحات وتواريخ التقاطها كما فعل في الجزء الذي قام فيه بتصنيف الرسوم تصنيفا جغرافيا بحسب اماكن وجودها وفي المقابل كان عليه ان يترك مهمة تحليل الظاهرتين( الجرافيتي/ والالتراس) لكتابات أكثر تخصصا تأتي لاحقا, ويكفيه فخرا انه كان أسبق من الجميع في رصد الظاهرة وتتبع حضورها في الحياة اليومية وهي مهمة نبيلة مع فن يحاصر ويهدد بالزوال. وفي المقدمة يشير عبد المجيد الي اعتماده علي عدة كتابات اهتمت بظاهرة الالتراس وابرزها كتاب جيمي هود الألتراس, عندما تتحدي الجماهير الطبيعة وهو الكتاب الذي كشف العالم السري للالتراس الكروي, مؤكدا أن الثورة أدخلت الألتراس في قلب المشهد الاجتماعي كفصيل علي قدر عال من التنظيم وبطريقة لم ينافسهم فيها الا الافراد المنتمون لجماعة الاخوان المسلمين ويوضح الكتاب أن عناصر الالتراس كان بينها وبين فرق الأمن المصري نوع من الثأر اذ سعت قوات وزارة الداخلية الي ترسيخ نمط غير انساني في التعامل مع المشجعين في الملاعب, وبالتالي فقد كان لدي الالتراس خبرات في المواجهة مع الأمن مكنتهم من المناورة خلال الايام الاولي من الثورة ثم المبادرة بالهجوم. , ويرصد الكتاب جانبا من الاغنيات التي ظهرت في المراحل التالية للثورة وقدمها الالتراس ومنها يا غراب ومعشش, مش ناسيين التحرير و استهدفت السخرية من رجال الأمن والعمل علي القصاص للشهداء وتصفية عناصر الثورة المضادة., وكان اهم ما يشير اليه الكتاب في هذه النقطة أن المشاركة في الثورة لا تعني خلافا لاعتقادات كثيرة تحول الالتراس الي قوي سياسية بسبب عدم توافق عناصرها علي خط سياسي واضح وبالتالي فمطالبهم عمومية مقصورة علي الحرية والعدالة الاجتماعية. وعلي الرغم من الملاحظة السلبية التي تتعلق بالمقدمة يبقي للكتاب أهميته الفريدة لكونه التفت الي اهمية الربط بين ظاهرتي الالتراس وفن الجرافيتي وهو ربط علي المعنيين بالتحليل السياسي والنقد الثقافي ابراز خلفياته وافاقه مستقبلا.