جاء العدوان الاسرائلي الاخير ضد قطاع غزة ليوقظ اهتمام موسكوبالقاهرة في توقيت مواكب لما كشفت عنه الاسابيع القليلة الماضية من تدهور لعلاقات روسيا مع بلدان مجلس التعاون الخليجي لاسباب يرتبط معظمها بتباين المواقف بين الطرفين تجاه دعم المعارضة السورية والاصرار علي تنحية الاسد, في نفس الوقت الذي اختفت فيه كل من سوريا وليبيا وبلدان عربية اخري من دائرة التأثير والوجود الدولي. في اتصال تليفوني اجراه مع الرئيس محمد مرسي اعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ادانته لتصعيد العنف حول قطاع غزة مؤكدا ضرورة وقف المواجهة المسلحة, فيما دعا الاطراف المعنية الي ضبط النفس ووقف كل الاعمال القتالية ضد المدنيين.وقالت مصادر الكرملين ان الرئيس بوتين اعرب عن تاييده لما تبذله القاهرة من مجهودات من اجل تسوية الاوضاع في المنطقة.وكانت الفترة القليلة الماضية كشفت عن تصاعد اهتمامات موسكوبالقاهرة بعد طول غياب, وبعد ان كان بوتين افصح صراحة ابان حالة الفوضي والارتباك التي سادت الاوساط المصرية عقب ثورة25 يناير عن انه لا يجد في القاهرة من يتحدث اليه. ونذكر ان الكرملين اعرب غير مرة عن عدم ارتياحه تجاه ارتباك الاوضاع في مصر, في وقت اعرب فيه مسئولون دبلوماسيون في معرض لقاءاتهم مع الاهرام في العاصمة الروسية عن اسفهم تجاه اضطرار مصر الي الانصراف الي ترتيب اوضاعها الداخلية وابتعادها عن ساحة العمل العام في توقيت, كم كانت موسكو في امس الحاجة للتنسيق معها فيه, وهو ما كانوا يقصدون به دورها المحوري التقليدي المؤثر الذي قالوا انهم كانوا في امس الحاجة اليه لترتيب اوضاع المنطقة عقب انفجار الموقف في سوريا وتعويض عدم قدرة الاطراف الدولية علي تسوية الاوضاع في ليبيا بعد مصرع القذافي. ولذا كان من الطبيعي ان تعرب موسكو عن ارتياحها لاستئناف الاتصالات مع القاهرة,والتطرق الي مناقشة القضايا الثنائية. وكانت المصادر الروسية قد كشفت عن ان الرئيسين بوتين ومرسي اكدا اهتمامهما المشترك تجاه توسيع التعاون بين البلدين, فيما توصلا الي اتفاق حول زيارة الرئيس مرسي لروسيا والتي قالت مصادر دبلوماسية ل الاهرام انها يمكن ان تتم في مطلع العام المقبل. واذ اعرب بوتين عن قلقه تجاه ما وصفه ب تصاعد الأوضاع في الشرق الاوسط, فقد عاد وتوقف بالمزيد من التفاصيل عند هذه القضية خلال لقائه مع المستشارة الالمانية انجيلا ميركل, وفي مكالمته الهاتفية مع رجب طيب اردوغان رئيس الوزراء التركي, الي جانب مطالبته بنيامين نيتانياهو رئيس الحكومة الاسرائيلية بسرعة وقف اطلاق النار. ومن جانبها بادرت الخارجية الروسية باعلان موقف مماثل طالبت فيه بالوقف الفوري للمواجهة المسلحة وعدم السماح بتصعيد النزاع واحترام أصول القانون الإنساني الدولي المتعلقة أولا وقبل كل شيء بإلحاق أضرار بالمدنيين. وكان سيرجي لافروف وزير الخارجية الروسية اعرب في حديثه الي الاهرام عن اسفه تجاه رفض الولاياتالمتحدة دعوة موسكو الي اجتماع الرباعية الدولية علي هامش الدورة الاخيرة للجمعية العامة للامم المتحدة, وقال انه من الواضح من وجهة نظرنا أن أهمية عقد مثل هذا الاجتماع تظل كبيرة الي جانب أننا ننادي علي الدوام بانضمام ممثلي الجامعة العربية الي مثل هذه اللقاءات, وإن اشار الي انه ليس كل اعضاء الرباعية علي استعداد لقبول ذلك. واشار لافروف ايضا الي ضرورة تحقيق التقدم علي طريق تحقيق الوحدة الفلسطينية الذي قال ان موسكو تعدها في صدارة الجوانب المحورية للقضية. واضاف قوله: انه من غير الممكن بدون الانتهاء من هذه العملية علي ارضية منظمة التحرير الفلسطينية ومبادرة السلام العربية, التوصل الي تسوية فلسطينية اسرائيلية شاملة ومن باب اولي تحقيقها عمليا, مشيرا الي قلق بلاده تجاه استمرار النشاط الاستيطاني الاسرائيلي في الاراضي الفلسطينية المحتلة وهو ما لا يساعد علي تحقيق الاجواء المناسبة لسرعة استئناف عملية المفاوضات علي الاسس الدولية المشروعة المعترف بها. وأعرب الوزير الروسي عن عالي تقديره لما تقوم به مصر من جهود في هذا المجال. ومن اللافت في هذا الصدد ما تبديه الخارجية الروسية من حرص واهتمام خاص بتوطيد اواصر الاتصالات واللقاءات الثنائية المستمرة مع القاهرة من خلال سفيرها الجديد محمود الديب علي نحو غير مسبوق, وهو ما يعتبره دبلوماسيون كثيرون تعبيرا عن عودة القاهرة الي موقعها المتميز علي خريطة اهتمامات الدبلوماسية الروسية. ويزيد من اهمية هذه الخطوةانها تجئ في توقيت مواكب لصحوة غير عادية من جانب ممثلي اللوبي الصهيوني في موسكو ممن يواصلون الترويج لسياسات اسرائيل ومنهم الكسندر شوميلين ويفجيني ساتانوفسكي وآخرون كثيرا ما نجدهم في صدارة المدعوين الي احتفالات وفعاليات بعض السفارات العربية!!.علي أنه ينبغي في الوقت ذاته عدم اغفال مسئولية موسكو الرسمية عن تبجح امثال شوميلين وساتانوفسكي( والاسم مشتق من الترجمة الروسية لكلمة الشيطان) وعربدتهم عبر العديد من الاذاعات والقنوات التليفزيونية من خلال بث سمومهم المعادية للعرب وللسياسات الرسمية للدولة, ناهيك عن تقدير السفارات العربية لهؤلاء رغم مواقفهم العدائية السافرة لكل القضايا العربية.