اخلاق الناس تظهر معادنها علي امتداد فترات العمر.. ما بين الطموح.. والأحلام والنجاح والمناصب.. هناك من يزيده الطموح إصرارا.. وتزيده الأحلام إرادة وإذا نجح ازداد تواضعا.. وإذا جلس علي خاذوق اسمه المنصب استخدم عقله وحكمته وادرك انه يجلس علي بركان وان الذي بين يديه الأن يمكن ان يهرب منه غدا وان اسوأ الأشياء في الدنيا ان تري اقدارك في يد شخص آخر وهذا ما يحدث عادة في لعبة الكراسي.. علي امتداد سنوات طويلة في كواليس السلطة شاهدت اسماء ترتفع ثم تهوي إلي الحضيض لأن الكراسي لا تصنع بشرا انها فقط تمنحك لحظة ضوء قد تضيء وقد تحرق والعاقل من عبر بها دون ان تحرقه.. والذين يرفضون المناصب يدركون انهم اكبر منها ومن الجالسين عليها.. هناك المشتاقون إلي الوزارة وهناك من رفضوها لأنهم لا يحتملون عفن النفاق وانتهازية الأفاقين وحملة المباخر.. وعلي مسرح الحياة سقطت اسماء كثيرة اضاءت ولكنها سريعا ما انطفأت بعد ان مسحت كل الأحذية ولعقت كل انواع التراب لكي تصل ولكنها سرعان ما اكتشفت وهي تنام في اقرب علب القمامة ان المنصب لعبة حقيرة ومقلب كبير إذا كان مجرد ضوء كاذب بعض الناس استخدم منصبه ليجمع حب الناس.. وهناك من استخدمه ليجمع مواكب الكراهية.. وهناك من ظلم ومن عدل ومن كان شريفا في كل مواقفه وقراراته وحتي خصوماته.. وهناك ايضا من افرج عن عقده ومركباته النفسية وجوانب النقص في شخصيته وقد قابلت في حياتي كل هؤلاء وكنت عادة انظر إليهم بإشفاق لأنهم مرضي ويحتاجون لعلاج نفسي وكنت عادة أنتظرهم عند مصب النهر وهم يتساقطون مثل الفئران في لعبة الكراسي.. ولهذا كرهت المناصب طوال عمري وكانت جميعها امامي ابوابا مفتوحة واخترت نفسي واخترت هذا القلم الذي وجدت عنده المأوي والملاذ.. وفي آخر مصب النهر تجد نفايات كثيرة وبقايا اجساد واخلاق وضمائر ميته ولكنك لن تجد فيها ابدا صاحب قلم شريف لأن مكانه القلوب وبيته الصدق وغايته الكرامة. [email protected] المزيد من أعمدة فاروق جويدة