الثلوج التي لاتزال تغطي قمة الجبل الذي يطل من شاهق علي العاصمة الإيرانيةطهران لم تفلح في تبريد المشهد السياسي الساخن في إيران. وذلك علي خلفية المواجهة المشتعلة حول البرنامج النووي الإيراني ، تلك المواجهة التي ازدادت حدة أخيرا عندما لوح الرئيس الأمريكي باراك أوباما بأن إيران وكوريا الشمالية ليستا في حصانة من استخدام السلاح النووي. تصريحات أوباما التي اعتبرتها إيران ترقي إلي أن تكون ابتزازا نوويا ضد دولة غير نووية وعضو في معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية, جاءت بينما كانت طهران تستعد لاستضافة المؤتمر الدولي لنزع الأسلحة يومي18 و19 أبريل الماضي. ممثلو60 دولة شاركت في المؤتمر أكدوا في البيان الختامي أن نزع الأسلحة النووية في العالم يشكل أولوية للمجتمع الدولي, ودعوا إلي نزع أسلحة الدمار الشامل من خلال اتفاق شامل يمنع إنتاج وتخزين واستخدام هذه الأسلحة, مطالبين في الوقت نفسه بإتاحة الاستخدام السلمي للطاقة النووية النظيفة. كما دعا البيان الختامي إلي العمل علي إيجاد عالم خال من الأسلحة النووية, خاصة منطقة الشرق الأوسط, وفقا لقرارات الأممالمتحدة, وحتي تحقيق ذلك, وكخطوة ضرورية يجب أن ينضم الكيان الصهيوني إلي معاهدة حظر الانتشار النووي, وتخضع منشآته النووية لإشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية. كما طالب البيان بالعمل علي تنظيم معاهدة شاملة وملزمة لا تميز أحدا تمنع إنتاج وتخزين واستخدام السلاح النووي والتهديد به. واعتبر البيان أن مهاجمة المفاعلات النووية السلمية يمثل تهديدا للبيئة والمجتمع البشري, وانتهاكا صارخا لمبادئ الأممالمتحدة وحقوق الإسان. المواجهة إيران في مواجهة أمريكا, وثالثتهما معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية التي دخلت عامها الأربعين, والتي يشار إليها اختصارا بمعاهدةNPT. وبموجب المعاهدة فإن الأطراف في معاهدة عدم الانتشار لها حق غير قابل للتصرف في تطوير الطاقة النووية للأغراض السلمية وإجراء الأبحاث في هذا المجال وإنتاج هذه الطاقة واستخدامها لتلك الأغراض دون تمييز. وبخلاف مخالفة الدول النووية لمعاهدة منع الانتشار عبر احتفاظها بترساناتها من الأسلحة وتطويرها والتهديد باستخدامها فإن هناك مخالفة أخري تتمثل في عدم تطبيق القرار الخاص بالشرق الأوسط الذي تم اتخاذه في مؤتمر سنة1995 والذي تم فيه تمديد معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية إلي ما لانهاية, واتخاذ الإجراءات العملية من أجل إقامة منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط. هناك أيضا قرار مجلس الأمن رقم687 الصادر في عام1991 والذي نص علي أن إزالة أسلحة الدمار الشامل في العراق خطوة أولي نحو هدف إنشاء منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط. الرئيس محمود أحمدي نجاد اعتبر في كلمته أمام المؤتمر الدولي لنزع الأسلحة أن تهديد أوباما باستخدام الأسلحة النووية فضح الامريكيين أكثر من أي وقت مضي واعتبر إنتاج وتخزين الأسلحة النووية واحتكارها من قبل بعض الدول أكبر عنصر لزعزعة الأمن والاستقرار, ورأي أن السبيل الوحيد لتوفير الأمن هو القضاء علي هذه الأسلحة الفتاكة لخدمة الشعوب. وقال نجاد إن أكبر خيانة يرتكبها المحتكرون للأسلحة النووية هي عدم الفصل بين السلاح النووي والطاقة النووية فهم يريدون احتكار الطاقة والسلاح معا للحيلولة دون تقدم الشعوب التي تطالب بحقوقها المشروعة عبر الحصول علي الطاقة النووية واستخدامها لأهداف سلمية بحتة. واقترح نجاد لنزع الأسلحة النووية والحيلولة دون انتشارها تشكيل مجموعة دولية مستقلة للتخطيط والإشراف علي نزع هذه الأسلحة الفتاكة وتعليق عضوية المالكين والمستخدمين والمهددين بالأسلحة النووية في الوكالة الدولية للطاقة الذرية وإعادة النظر في معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية من قبل الدول المستقلة التي تفتقد إلي امتلاك الأسلحة النووية, حيث إن حضور الدول المحتكرة لهذه الأسلحة خاصة الحكومة الامريكية يؤدي إلي الحيلولة دون صياغة قرار عادل قوي وحازم. وأشار وزير الخارجية الإيرانية منوشهر متكي إلي أن نزع الأسلحة النووية يجب أن يكون من أولويات المجتمع الدولي. أما آية الله خامنئي قائد الثورة الاسلامية فقد أكد استعداد الشعب الإيراني لوضع كل إمكاناته لمواجهة التسلح, وقال إن اكتساب الخبرات عن الشئون الذرية وفوائد العلوم النووية يعتبر من أكبر الإنجازات البشرية التي يجب توظيفها في خدمة شعوب العالم من اجل تنميتها وتطويرها مشددا علي ضرورة استخدام الطاقة النووية لأهداف سلمية بحتة. الحق والشك إيران تقول إن لها حقا لا ينازع في إنتاج الطاقة النووية مثلها مثل أي دولة من الدول الموقعة علي اتفاقية حظر انتشار الأسلحة النووية, وأن سياستها هي نعم للتخصيب لكن لا للأسلحة النووية, وأصدر المرشد الأعلي آية الله خامئني فتوي ضد الأسلحة النووية, ولكن المتشككين يجادلون بأنه ليس لإيران الحاجة لصنع وقودها النووي لأن آخرين سيزودونها به, وبالتالي هم يستنتجون أن إيران لابد أنها تنوي صنع قنبلة نووية يوما ما. قائد الثورة الاسلامية آية الله خامنئي اعلن استعداد الشعب الإيراني لوضع كل إمكاناته لمواجهة التسلح و أكد أن اكتساب الخبرات عن الشئون الذرية وفوائد العلوم النووية يعتبر من أكبر الإنجازات البشرية التي يجب توظيفها في خدمة شعوب العالم من اجل تنميتها وتطورها مشددا علي ضرورة استخدام الطاقة النووية لأهداف سلمية بحتة. وتطرق إلي أهمية استخدام الطاقة النووية لأهداف سلمية بحتة موضحا أن استخدام الطاقة المذكورة يوفر الكثير من الاحتياجات الطبية والصناعية التي يحتاجها الانسان في الوقت الراهن وأن شعوب العالم التواقة للسلام والامن والتقدم لها الحق في استخدام هذه الطاقة لتحقيق التطور والتقدم والازدهار الاقتصادي والعلمي ومنها شعوب منطقة الشرق الاوسط. وزير الخارجية فوق المنبر من فوق منبر مسجد جامع طهران دوت كلمات وزير الخارجية الإيرانية منوشهر متكي أن منطق الشعب الإيراني يتمثل في أن تكون الطاقة النووية للجميع, والسلاح النووي ليس لأحد, مضيفا أن معاهدة منع الانتشار النووي لم تكن ناجحة لأن الأمريكيين والدول الغربية انتهكوا قواعد اللعبة ووضعوا العراقيل أمام تقديم التكنولوجيا النووية, وتحولت المعاهدة إلي فضيحة, وتم وضع المسمار الأخير في نعشها من خلال التعامل مع الملف النووي الإيراني الذي كان يمكن أن يستمر في مسار صحيح وسليم لولا وجود بعض المزايدات الأمريكية التي أسفرت عن ظهور عدد من المشكلات. أما حشود المصلين فإنها كانت تردد بأصوات مدوية: الموت لأمريكا.. الموت لإسرائيل, وقد زادت حدة الهتاف من جانب أناس مهددين بالموت بالسلاح النووي الذي هددهم به أوباما, لذا لم يكن غريبا أن يقام علي هامش مؤتمر طهران لنزع السلاح معرض صور لضحايا القنابل النووية الأمريكية علي اليابان, وأن يتم عرض فيلم تسجيلي مؤثر عن تلك الفاجعة الإنسانية في افتتاح المؤتمر, وقبل كلمات الافتتاح. حماس الناس في مسجد جامعة طهران لا يعني أن الحياة متوقفة وبانتظار حسم المواجهة, فالواقع أن الناس ينتجون ويصدرون ويكتفون ذاتيا تقريبا من الغذاء, ويقرأون6 آلاف إصدار جديد من الكتب سنويا, ويهتمون بالشعر والسينما التي حفرت لها مكانا بارزا علي الساحة العالمية.