التغطية الإعلامية الواسعة للمناظرة الثانية بين مرشحي الرئاسة الأمريكية لم تحجب الاهتمام العالمي بأمرين تصادف طرحهما في التوقيت ذاته. الأول تعلق بتحذير كريستين لاجارد مديرة صندوق النقد الدولي بشأن تدهور احتمالات الانتعاش السريع للاقتصاد العالمي. والثاني كان القلق من تراجع نمو الاقتصاد الصيني إلي 4,7% في الربع الثالث من العام الحالي للربع السابع علي التوالي وما يمكن أن يحدثه من صدمات في الاقتصادات الناشئة في أفريقيا وآسيا مع انخفاض الواردات الصينية من 78 دولة تمثل الصين الشريك التجاري الأول أو الثاني لها. لاجارد وجهت دعوة ملحة لإعادة النظر بشأن المغالاة في تطبيق برامج تقشف حادة وسريعة لا تحقق الهدف المقصود بخفض العجز في الموازنات العامة بل تدخل الاقتصادات في حلقة مفرغة من الركود والاستدانة, ودعت إلي الالتزام بتطبيق سياسات هيكلية لخفض العجز دون التشبث بأهداف رقمية توقف عجلات النمو, والتحلي بتدرج يعطي الحكومات هامشا أكبر لمواجهة أخطار البطالة. الأمر الثاني تعلق بمطالبتها بترجيح كفة زيادة الضرائب علي خفض الإنفاق العام في سلة السياسات المطبقة لخفض العجز نظرا للتأثير السلبي المضاعف الذي يحدثه خفض الانفاق علي نمو الناتج المحلي وتعميق التفاوت الاجتماعي. ما طرحته لاجارد يعد بالتأكيد خطوة جريئة من الصندوق لتصويب الجدل المتفجر داخل الاتحاد الأوروبي حول كيفية معالجة أزمات الديون السيادية لدول الأطراف, ويرجح رؤية أوباما علي منهج رومني في التعامل مع تراكم الدين العام, ويعطي إشارة ضوئية للقيادة الصينية القادمة بأن الطريق الي النمو المستقبلي هو فتح منافذ الاستهلاك المحلي وتحريرها بخطوات اصلاح واجبة. أهمية الدعوة الملحة تأتي من قناعة راسخة بأن الكثير من تعثر الانتعاش العالمي سببه قصر نظر الرؤية السياسية وعدم انتهاج سياسات صديقة للنمو وتناقض الحلول مع الأهداف, ومن ثم الحاجة لمعالجات أكثر بطئا ولكن أكثر عدلا وذكاء لإبقاء الاقتصاد العالمي علي قضبان النمو. المزيد من أعمدة سجيني دولرماني