هو القمح..أبو الغذاء بلا منازع.تعتمد عليه معظم شعوب العالم في صنع المخبوزات والعجائن والحلويات..والأدهي من ذلك والأكثر مرارة انهم بدأوا يصنعون منه الوقود الحيوي! ولأنه مهم باعتباره غذاء رئيسيا فان زراعته تنتشر في مائة وثماني دول.. وهو ينقسم إلي نحو ثلاثين نوعا, تزرع مصر نوعا جيدا منه قياسا إلي نسبة البروتين في حبة القمح.ولكن انتاجه الغزير يجئ من عدة دول في مقدمتها: الصين والهند والولاياتالمتحدةالأمريكيةوروسيا الاتحادية وفرنسا. إن هذه الدول الخمس تنتج نحو خمسين في المائة من الانتاج العالمي الذي يصل حجمه إلي618 مليون طن سنة2005 طبقا للاحصاءات المتاحة ومع ان الاستهلاك العالمي لم يتجاوز في تلك السنة610.5 مليون طن أي أقل من الانتاج بنحو7.5 مليون طن الا ان الأسعار كانت ولا تزال مرتفعة لأن43.1 في المائة من الانتاج تستهلكه خمس دول فقط هي: الصين الهند روسيا الاتحادية الولاياتالمتحدةالأمريكيةباكستان..لأن تعداد شعوبها يقترب من الثلاثة مليارات نسمة أي نصف تعداد العالم! ولهذا فان تجارة القمح..رائجة, لكن لها حساباتها وموازينها وأربابها وليس من السهل ان يقتحم أحد ميدانها وفي مصر مثلا فان الذين يتولون استيراده مع غيره من الحبوب لا يزيد عددهم علي عشرة وهم اجمالا لا يحبون الأضواء ولقد بلغ حجم التجارة العالمية في نفس ذلك العام 2005 نحو120.2 مليون طن قمح وكانت في مقدمة الدول المصدرة: الولاياتالمتحدة وفرنسا وكندا واستراليا والأرجنتين..إذ ان هذه الدول الخمس وحدها قامت بتصدير نحو68.2% من اجمالي الصادرات العالمية للقمح.ويستلفت نظرنا ان مصر كانت في تلك السنة هي ثاني أكبر دولة مستوردة علي مستوي العالم..بينما كان ترتيبها قبل خمس سنوات أي سنة2000 السابعة..أما الآن فانها في المرتبة الثالثة.اذ كانت تستورد نحو مليوني طن عام1975 ثم ارتفع الرقم إلي7.3 مليون طن عام2005 والآن وهذا رقم جديد مثير فان حجم الاستيراد بلغ8.2 مليون طن هذا العام منذ اول يناير حتي31 أكتوبر,2009 أي من المتوقع ان يرتفع الرقم إلي نحو عشرة أطنان حتي نهاية هذا الشهر!! من هنا..فان قضية القمح في مصر خطيرة لأن اعتمادها علي القمح المستورد يتزايد ووصل المستورد إلي أكثر من44% من إستهلاكها..لأن رغيف الخبز أصبح يعتمد اساسا علي هذا المحصول الاستراتيجي ولأن هذا الخبز هو' العيش' الذي يعيش به أغلبية المصريين..ولقد صار هذا' الرغيف الأسمر' أبو الغذاء ليس فقط في مصر انما أيضا في معظم دول العالم وتراجع أمامه الخبز الأبيض بأنواعه لما في هذا' الأسمر' من فوائد صحية..وبديهي ان السبب في ارتفاع حجم الاستيراد إلي مصر هو عدم ارتفاع حجم الانتاج قياسا علي الارتفاع في تعداد المصريين رغم ارتفاع انتاج الفدان من نحو ثمانية إردب منذ نحو عشر سنوات إلي نحو ثمانية عشر إردبا للفدان في المتوسط الآن..ورغم ان المساحة المنزرعة كانت1.8 مليون فدان سنة2000 ثم ارتفعت إلي مليونين و918 ألف فدان العام الماضي..ورغم جودة القمح المصري مما يجعله في مقدمة أفضل الأقماح علي مستوي العالم..لكن اذا كان ذلك كذلك فلماذا لا تتوسع مصر في زراعة القمح؟! ان هذا هو السؤال المحوري في ندوة' الأهرام' والتي كشفت في حوارها عن مشكلات وأيضا عن استراتيجية نفذتها وزارة الزراعة ومؤسساتها لتحديث الزراعة المصرية ومستهدفة استصلاح3.5 مليون فدان حتي عام2030.. ومضاعفة الانتاج خاصة الحبوب وفي مقدمتها القمح لنصل إلي انتاج ثمانين في المائة من الاستهلاك وليس56% كما هو الآن..لكن المهم وهذا ضروري وحتمي تضافر وتعاون كل وزارات ومؤسسات وعقول الدولة..دون العمل في جزر منعزلة!! ولهذا برز اقتراح بتشكيل مجلس أعلي للزراعة والأمن الغذائي يضم كل المؤسسات الحكومية التنفيذية والعلمية والمدنية المعنية مع مجموعة من أهل الخبرة والرأي..و..نبدأ الحوار.. * محمود مراد: هكذا..فان القمح هو عصب الأمن الغذائي..وهو لأهميته الاستراتيجية يخضع للعوامل السياسية باعتباره سلاحا للضغط..ترهيبا وتغريبا..ولذلك من الضروري ان نناقش القضية بأبعادها..وأين نحن وماذا نخطط له؟!. * الدكتور أيمن أبو حديد: أود في البداية ان أتوقف عند مقولات شائعة لمناقشتها..ومنها ان مصر كانت سلة الغلال للامبراطورية الرومانية بما تنتجه من القمح..ولماذا لا نعيد هذا الآن.. وهنا لابد من معرفة ان التغيرات المناخية التي حدثت عبر العصور هبطت بمعدلات الأمطار التي تهطل علي الساحل الشمالي الغربي لمصر من400 ملليمتر وقتها إلي ما لا يزيد علي120 ملليمترا الآن.كذلك فان الموارد المائية قد صارت محدودة ومعروف ان نصيبنا من مياه النيل هو5.5 مليار متر مكعب ويذهب80% منها إلي الزراعة ولذلك نعاني من قلة المياه..اذا فكرنا في التوسع. واذا درسنا التطورات خلال الخمسة والعشرين عاما الماضية فسنجد ان مساحة الأرض الزراعية في بداية الثمانيات كانت6.5 مليون فدان والآن أصبحت8.5 مليون فدان.وكانت المساحة المنزرعة بالقمح نحو2.5 مليون فدان وكانت تنتج ما بين 25 و30% من حجم الاستهلاك الذي بلغ نحو خمسة ملايين طنوالآن وصل الانتاج إلي أكثر من سبعة ملايين طن وهي تساوي نحو56% من الاستهلاك بسبب الزيادة السكانية حيث وصل التعداد الآن إلي أكثر من80 مليون نسمة. كذلك فان هناك ملاحظات علي نمط الاستهلاك الغذائي المصري من القمح حيث يصل معدل استهلاك الفرد في السنة إلي185 كيلو جراما قمح بينما المعدل العالمي90 كيلو جراما للفرد في السنة.وأتصور ان هذا الاستهلاك دون مبرر بدليل زيادة معدلات وزن الفرد..أي ان خفض الاستهلاك لا يضر بل انه مفيد صحيا. أيضا..فانه يجب تنوع الاستهلاك الغذائي ليشمل الخضراوات والبقول وغيرها..مما يفيد الصحة وينمي الذكاء..اذن فان ترشيد استهلاك الخبز مفيد ولابد من التوعية لهذا..نجئ بعد ذلك إلي الزراعة..ونحن نزرع نحو ثلاثة ملايين فدان بالقمح ومثلها بالبرسيم..وعمليا فانه لا يجب زيادة المساحة المزروعة بالقمح حتي لا تتدهور انتاجية الأرض..كما ان خفض مساحة البرسيم يؤدي إلي نقص انتاج اللحوم والألبان وما إلي ذلك وهي ضرورة مطلوبة.. كذلك فان عملية نقل القمح من الحقول إلي أماكن التخزين والطحين..بها فجوات تؤدي إلي فاقد في القمح..ليس بالقليل! ومن ناحية أخري فان مزارع التربية الحيوانية والدواجن تعتمد علي القمح والخبز في' العلف' أي ان الدعم الذي تقدمه الدوله يذهب إلي غير مستحقيه.واذا امتنع هذا سيوفر كمية كبيرة من القمح. أما عن الاكتفاء الذاتي فيجب النظر اليه بمنظور الاكتفاء الاقتصادي.فنحن الآن ننتج56% من استهلاكنا فاذا وصلنا إلي80% فان هذا يعني الاكتفاء100% من الاكتفاء الاقتصادي..وهذا هدف رئيسي قابل للتحقيق. وبالنسبة لاتجاه الدولة إلي الزراعة خارج الحدود..فان هذا اتجاها حميد.. * محمود مراد: نعم..انه اتجاه حميد.خاصة اذا اتجهنا إلي دول حوض نهر النيل..لكن لابد ان يكون في اطار خطة محددة ووفق منظومة تسهم فيها الحكومة بشكل ما..مع القطاع الخاصضمانا لهذا القطاع وتشجيعا له وأيضا ضمانا لزراعة المحاصيل المحددة المطلوبة..ووصول النسبة المقررة منها إلي السوق المصرية..ومنعا للتصرف في المشروعات التي ستحظي بالتيسيرات والدعم وبيعها إلي أطراف أخري!! * الدكتور أيمن أبو حديد: اذا كان هذا يكون جيدا..فان السودان بلد شقيق..ودول الحوض الأخري أشقاء ولابد من التعاون معها بما يحقق المصالح المشتركة.. وأضيف بالنسبة للزراعة ان السعر المحدد الآن وهو270 جنيها لإردب..مناسب للمزارع..لكن وليحقق مكسبا اكبر لابد من ترشيد استخدامه لمدخلات ومستلزمات الزراعة..بدءا من الري بالرش والتنقيط..الي تحديد مقدار وأنواع السماد والمبيدات التي يستخدمها..وكذلك زراعة' التقاوي' الجيدة المعتمدة التي تعطي انتاجا جيدا دون الحاجة إلي أسمدة ومبيدات كثيرة..وحاليا فان انتاجية الفدان تصل في المتوسط إلي18 إردب ويمكن زيادتها إلي24 أردبا..ومعروف ان القمح يستمر في الأرض نحو خمسة أو ستة اشهر.. الي جانب كل ذلك لابد من تجميع المساحات الزراعية..فان الملكيات الآن صغيرة..ومعها لا يتمكن المزارع من التحديث..لذلك فان الحل هو احياء دور التعاونيات بشرط تطوير آلياتها واساليبها..ولابد من العودة إلي سياسة التركيز المحصولي وتحديد نوعية الزراعات علي أن نبدأ بالتوعية ليقتنع المزارع بأن هذا أفضل له وبه يربح أكثر عندما ترتفع الانتاجية إلي24 إردبا وأكثر.. تحديث الزراعة المصرية * الدكتور محمد ابو زيد النحراوي: ان التركيب المحصولي مهم..وعندما يري المزارع نتائج المحاصيل في المزارع الارشادية فهو الذي سيسارع بطلب انضمامه إلي هذا النظام في اطار النظام التعاوني حتي يكسب..كما سيجد تسهيلات في كل مراحل الزراعة والتسويق..وهذا ما نقوم به في مركز البحوث الزراعية..إذ ننفذ استراتيجية زراعية اقتصادية.. * الدكتور عبد السلام جمعة: ان القمح يرتبط بمجموعة' الحبوب الخمسة' التي تكمل بعضها البعض وهي: القمح الأرز الذرة الرفيعة الذرة البيضاء الشعير..وهي تزرع في نحو نصف المساحة المحصولية التي تصل إلي نحو15.5 مليون فدان..وبعضها مثل: القمح والشعير تزرع شتاء..والاخر مثل: الأرز الذرة البيضاء والذرة الرفيعة..تزرع صيفا..اذن فان الفرصة متاحة لتطبيق نظام التجميع والتركيب المحصولي. وأقولها..انه قد آن الأوان لتحدث الزراعة المصرية..فان المزارع الغني هو الذي يستطيع الآن تحديث زراعته والربح..أما الفقير فهو لا يقدر..ولهذا فان انتاجية الفدان من القمح حاليا نحو18 إردبا في المعدل بينما كان يمكن بالتحديث ان تكون قد وصلت إلي24 إردبا وتزيد فيما بعد.. * الدكتور محمد أبو زيد النحراوي: هذا صحيح..لأن التقاوي المنتقاة الجيدة.. لا تستخدم الآن الا في نحو20% من المساحة..واذا كنا نغطي المساحة كلها..لكان الانتاج قد تضاعف..وهذا لا يتحقق الا بالتعاونيات حيث تعطي الزارع التقاوي وغيرها بالأجل لأنه الآن لا يستطيع دفع ثمنها مع علمه بأنها الأفضل. * الدكتور عبد السلام جمعة: نعم..التعاونيات هي الحل لأن متوسط معدل ملكية الأراضي نحو12% من الفدان للفرد المزارع..كذلك فان المساحة المعمورة في مصر نحو ستة في المائة مما يجعل متوسط الكثافة تصل إلي نحو1500 فرد في الكيلو متر المربع, بينما المعدل العالمي هو35 فردا في الكيلو متر..ومن هنا لابد من تحديث الزراعة المصرية وما ستتبعه وهي تنفذ حتي سنة2030. وهي تركز علي مجموعة الحبوب التي تتوافق مع احتياجات ورغبة الشعب.وبالنسبة للقمح..فنحن نزرع حاليا نحو ثلاثة ملايين فدان..والمستهدف ان ترتفع المساحة إلي أربعة ملايين فدان حتي سنة2030 باستصلاح3.5 مليون فدان..وفي نفس الوقت ولرفع كفاءة الاستفادة من كل قطرة مياه..فان الاستراتيجية تستهدف تطبيق نظم الري الحديثة في مساحات من الأراضي القديمة.وفي كل مساحة الأراضي الجديدة مع تطوير عملية الزراعة نفسها..ومن المخطط ان ينتج عن هذا توفير12 مليار متر مكعب من المياه تستخدم في الأراضي المستصلحة.. وبالارقام فان التكلفة المالية لاستراتيجية التحديث حتي سنة2030 تصل إلي نحو مائتي مليار جنيه.. * الدكتور أيمن أبو حديد: انها تحديدا تتكلف150 مليارا بما في ذلك تكلفة استصلاح3.5 مليون فدان غرب الدلتا وفي الصحراء الغربية وسيناء وغيرها..والعائد المستهدف من الاستراتيجية بعد تنفيذها180 مليار جنيه.. * محمود مراد: هل من المستهدف زراعة القمح والحبوب في الأراضي الجديدة..وهل تصلح لذلك. * الدكتور عبد السلام جمعة: نعم..تصلح..وتوجد تجارب ناجحة..بشرط الاهتمام والرعاية..فالأرض الجديدة تعني وتطلب: إقامة واستقامة واقتدار..وأيضا الصبر. وبهذا كما قال الدكتور أيمن فانه يمكن انتاج80% من استهلاكنا من القمح..وهذا يعد أمرا جيدا..خاصة اذا وضعنا في الاعتبار زيادة التعداد بنحو مليوني مواطن سنويا..ومع استصلاح الأراضي الجديدة فانه لابد ان يكون لدينا باستمرار أربعة محاور للتنمية نعمل علي تنفيذها وهي: 1- محور التنمية الرأسية..بزيادة الانتاجية.. 2- محور التنمية الأفقية..باستصلاح الأرض الجديدة.. 3- محور ترشيد الاستهلاك..للنزول بمعدل استهلاك الفرد من185 كيلو جرام في السنة إلي120 كيلو جرام..وذلك تدريجيا.. 4- محور سياسة التسعير..وهذا ما نطالب به لتحديد سعر الإردب قبل الزراعة ليغري المزارع ويقبل علي زراعة المطلوب.. وهنا لابد من الاشادة بالفلاح المصري..فهو الذي يدعم..لأن القمح الذي ينتجه أكثر جودة من القمح المستورد..فان هذا المستورد من أنواع سيئة لكنه يحقق الربح الوفير!! ولقد كانوا يرددون مقولة انهم يستوردون الأجنبي لكي يخلطونه بالمحلي لتحسينه..بينما في الحقيقة..ان العكس هو الصحيح..فالانتاج المحلي أجود وهو الذي يحسن. * محمود مراد: ما هو تصنيف القمح المصري..عالميا؟ * الدكتور عبد السلام جمعة: للأسف لم نعمل هذا التوصيف ونضعه في مكانه الصحيح مع انه جيد..ونحن لدينا نوعان من الأقماح..قمح الخبز..وقمح المكرونة الذي من المفروض ان يزيد سعره بنسبة25% عن الأول لأن نوعيته فاخرة ويباع عالميا بسعر مرتفع.. وأعود إلي استراتيجية الزراعة..وفي ضوئها جري خفض زراعة الأرز من2.2 مليون فدان لكي نصل إلي1.35 مليون فدان..حتي اذا ما وصلنا إلي سنة2030 فإننا لن نصدر الأرز إلي الخارج..والهدف هو اتاحة المساحة لزراعة' الذرة' الأبيض والأصفر لتصل مساحتها إلي مليون و350 ألف فدان..للحد من الاستيراد ونحن مثلا نستورد نحو خمسة ملايين طن ذرة صفراء وفي نفس الوقت يكون لدينا فائض من الذرة البيضاء لتلبية احتياجات صناعة' النشا' وغيرها..كما لابد ان تدخل الذرة في صناعة الخبز بنسبة80% أو100%.. كما كان يحدث ويصبح خبزا مفيدا..وهذا يمكن ان نصل اليه بعد أربع أو خمس سنوات..كما سنوفر المياه لزراعة القمح.. * محمود مراد: متي يحدث هذا التحديث والترشيد؟ * الدكتور أيمن ابو حديد: اننا في هذا العام والعام القادم..ننفذ مع المزارعين في البحيرة وكفر الشيخ وغيرهما اعداد الترع والقنوات.. لتطوير الري الحقلي في مساحة24 ألف فدان..ثم سنعمل في مائة ألف فدان بتمويل من البنك الدولي..وبعد ذلك سنة2011 سننفذ برنامجا لتحسين الري الحقلي في الوادي والدلتا بمعدل نصف مليون فدان سنويا..بحيث نكون قد انتهينا من التطوير في كل الأراضي سنة..,2020 مما يوفر نحو12 مليار متر مكعب يعاد تخصيصها للزراعة لتغطية احتياجاتها..واحتياجات البشر.. ان الانسان يحتاج ستة لتر مياه في اليوم للشرب..ويحتاج من الغذاء إلي2000 كالوري..وكل كالوري يحتاج لانتاجه إلي لتر مياه..أي ان الانسان يحتاج إلي مترين مكعب(2) مياه لكي يأكل..وهذه لابد ان تكون مياه صالحة نظيفة.. لكن مياه الصناعة بل ومياه الشرب يمكن ان تكون مياه بحر محلاة.. * محمود مراد: ما هو الموقف من توفير الطاقة من الحبوب * الدكتور أيمن أبو حديد: ان موقف مصر واضح وهو ضد هذا..وعلينا ان نتوقع أزمة غذاء في القريب والمستقبل..ويجب لهذا ألا نخفض معدلات الزراعة عندنا..وأملنا في ضبط الزيادة السكانية. * محمود مراد: ان علينا بالتأكيد الاستمرار في رفع معدلات الانتاج..وفي زيادة المساحات المزروعة.. وفي تطبيق نظام التعاونيات مع تطويره..لكني هنا أركز علي ضرورة ان تخضع الأراضي الجديدة لتخطيط شامل بمعني انه اذا كان الاستهداف ان تكون متطورة في أساليب الري والزراعة وما يتصل بها..فانه يجب ان تكون مخططة معماريا بانشاء قري متطورة تحدد كثافتها السكانية بحسب زمام الأراضي التابعة لكل منها..وان تضم القرية كل الخدمات بما فيها الثقافية..لنحقق التنمية البشرية والمهنية.والاثتان مرتبطتان.ولتوليد مجتمعات جديدة يتوافر فيها العمل المنتج والسكن المريح..وبهذا نصل إلي مستوي حضاري متقدم للانسان..وهذا هو ما يعالج مشكلة الزيادة السكانية..فالاسرة المتحضرة لا تنجب كثيرا, بينما الأسرة الفقيرة تجد في الأطفال..عزوة..ومصدرا للرزق..وكما ترون فالحلقات متكاملة! الدعم والفاقد والحبة الصلبة! * الدكتور أحمد خورشيد: كلامك منطقي..لأن التكامل يحقق النجاح..وفي تجارب سابقة.جري توزيع الأرض علي شباب الخريجين بلا نظام متكامل..وبالكاد يستطيع الشاب ان ينتج لكن وقد رأيت هذا بنفسي يصيبه الإحباط لأنه غير قادر علي تسويق منتجه! فالتكامل ضروري.. والتعاونيات..حل مهم. أعود إلي القمح..فأقول أننا ننتج أنواعا جيدة..لكن يوجد نوع يسمي' الحبة الصلبة' وهو جيد ويهمني من الناحية التكنولوجية فإن القيمة الغذائية أكبر..وبه نسبة بروتين عالية ويعطي نسبة أكبر من الدقيق وهذا موجود في زراعات ببني سويف والمنيا..ولكن أرجو تعميمه في كل المحافظات..لتعميم الفائدة.. وبالمناسبة فقد كنت أخيرا في مؤتمر دولي.. وكان معي عدد من أرغفة' العيش' البلدي الأسمر..وقد أقر كل العلماء بأن قيمته الغذائية أكبر كما انه أكثر فائدة صحيا..وصار هناك اتجاه للإقلاع عن الخبز الأبيض الذي يسبب مشاكل في الهضم والقولون..واتجهوا إلي الرغيف الأسمر الذي أصبح أعلي سعرا..ونعرف ان' الردة' المستخرجة تتحول إلي' كبسولات' للعلاج.. وبالنسبة للزيادة السكانية..فأننا بسببها نحتاج كل عامين إلي نصف مليون طن قمح,أي إلي نحو400 ألف طن دقيق لمواجهة الاستهلاك المتزايد..ذلك رغم ان لي ملاحظات علي ما يقال من ان نصيب الفرد في مصر نحو185 كيلو جراما من القمح سنويا..فان هذه الكمية لا تذهب إلي الاستهلاك البشري..' رغيف العيش'.. وانما وحسب دراسة واسعة قمنا بها تذهب إلي ثلاثة اتجاهات.فان جزءا منها يضيع' فاقدا' بسبب سوء الاستهلاك..وإلقاء' رغيف العيش' المدعم أو أجزاء منه إلي الدواجن أو في القمامة..كما ان نسبة كبيرة تذهب إلي مزارع الماشية والدواجن لأن ثمن الرغيف أقل من العلف.أما الاتجاه الثالث فهو تسرب الدقيق.فان جوال الدقيق وزن50 كيلو جراما تباع للفرن بثمانية جنيهات فقط لأن الدقيق مدعم ويجد صاحب الفرن انه يكسب اكثر وبدون جهد اذا باعها بسبعين..أو..ثمانين جنيها لمصانع الحلويات والمكرونة والفطائر والعيش الفينو..وغيره.. وانتقل إلي نقطة أخري..هي أن مصر تنتج نحو ثمانية ملايين طن من القمح سنويا والمفروض أن تتجه كلها إلي' رغيف العيش' لكن وزارة التضامن المسئولة عن هذا لا تشتري سوي نحو ثلاثة ملايين طن فقط لأن طاقتها في التخزين لا تستوعب أكثر من هذا..فأين تذهب الكمية الباقية هذا سؤال..لابد من الإجابة عليه.. ان هذه الكمية تذهب الي الأسواق..ومن المؤكد انها لا تخدم' رغيف العيش الأسمر'.. وانما.. تخدم أغراضا وأنواعا أخري! وما أود التركيز عليه ان هذه الاتجاهات الثلاثة المذكورة لتسرب القمح والدقيق اذا جري منعها فانها ستوفر علي الأقل نحو مليون ونصف مليون طن قمح.. مما يزيد من نسبة الاكتفاء الذاتي ويخفض الاستيراد. أما النقطة الخطيرة فهي' الدعم' وهي قضية خطيرة.. وأقترح تحويله الي دعم نقدي.. وبهذا سيعود الفلاح الي ان يخبز بنفسه في بيته لأنه الآن يشتري الخبز المدعم, فإذا أخذ الدعم نقدا سيعود الي' الفرن' في بيته ويخبز' العيش الذرة' الذي يضاف اليه قليل من' الحلبة'.. وبالمناسبة فان' الحلبة' مفيدة جدا ويصنعونها الآن في أوروبا' كبسولات' مفيدة صحيا لمرضي السكر. و نستأنف الحوار الأسبوع المقبل بإذن الله اشترك في الندوة: د. أيمن أبو حديد: رئيس مركز البحوث الزراعية م. محمد سلمان علي شفيق: رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للرقابة علي الصادرات والواردات د. عبد السلام أحمد جمعة: رئيس مجلس الحبوب د. أحمد محمود خورشيد: مستشار تكنولوجيا الأغذية معهد بحوث تكنولوجيا الأغذية د. شريف مصطفي الجبلي: عضو لجنة الزراعة بالحزب الوطني وعضو مجلس إدارة اتحاد الصناعات المصرية ا.د. محمد أبو زيد محمد النحراوي: مدير معهد بحوث المحاصيل الحقلية م.د. سامي رضا صابر صبري: وكيل معهد بحوث المحاصيل الحقلية د. صلاح هلال: رئيس قسم تكنولوجيا البذور د. عبد الستار أحمد عشرة: المستشار العام لاتحاد الغرف التجارية المصرية أ. نور مصطفي: رئيس الإدارة المركزية للواردات الغذائية أ. سيد محمد السيد: مدير عام الواردات الغذائية