البعض قال إنها كذبة أبريل متأخرة, والبعض الآخر قال إنها بالتأكيد مزحة, ولكن هناك من يري أن فوز الاتحاد الأوروبي بجائزة نوبل للسلام لعام2012 يعد حدثا تاريخيا كبيرا لإسهامه في إحلال السلام في القارة العجوز منذ أكثر من نصف قرن ونضاله الناجح من أجل المصالحة والديمقراطية وحقوق الانسان في المنطقة. منح هذه الجائزة للاتحاد الأوروبي الغارق اليوم في أزمة منطقة اليورو بدت كمحاولة لانتشاله من أعمق أزمة اقتصادية يعانيها منذ تأسيسه قبل55 عاما, وتذكيرا بالأهمية التاريخية للاتحاد الذي خرج من رماد حربين عالميتين دمرتا القارة, وبالرجوع إلي تاريخ نشأة الإتحاد الأوروبي سنجد أنه بعد الإستقرار والرخاء الاقتصادي الذي شهدته المنطقة الأوروبية بعد عدة حروب مدمرة سارت أوروبا بخطي واثقة نحو مزيد من التقدم, فارتفع مستوي المعيشة ونمت أسواقها الداخلية وظهرت عملتها الموحدة التي اصبحت تنافس الدولار الامريكي, واصبح لأوروبا كلمة قوية في العالم, وربما هذا ما دفع هذه الدول إلي إنشاء كيان أوروبي مستقل يهدف إلي تأسيس المواطنة الأوروبية,الحقوق السياسية,حرية التنقل,الحقوق المدنية والسياسية, ويضمن الحرية والأمن والعدل. النشأة أول محاولة للوحدة الأوروبية سجلت بدعوة فرنسية منطلقة من قلب أوروبا في أعقاب الحرب العالمية الثانية بخمس سنوات, إذ نادت فرنسا رسميا في9 مايو1950 بالتكتل القاري الأوروبي, فاستجابت لتلك الدعوة منذ إطلاقها6 دول هي: بلجيكاوألمانيا وإيطاليا ولوكسمبورغ وهولندا بالإضافة إلي فرنسا, ثم إنضمت دول أوروبية أخري للاتحاد علي التوالي وهي الدنمارك, أيرلنده, المملكة المتحدة, اليونان, إسبانيا, البرتغال, النمسا وفنلندا والسويد ثم ضمت10 دول دفعة واحدة لاحقا. ويعتبر الاتحاد الأوروبي منظمة إقليمية رسمية أو تكتلا جغرافيا وسياسيا واقتصاديا قاريا ل27 دولة متقاربة جغرافيا, ومتباينة اقتصاديا وثقافيا ولغويا وتاريخيا, وقد تأسس الإتحاد الأوروبي وفقا لإتفاقية معروفة باسم( معاهدة ماسترخت) الموقعة عام.1992 ومن أهم مبادئ الإتحاد الأوروبي تحول صلاحية وولاية الدول القومية الأوروبية إلي المؤسسات الدولية الأوروبية, وتتبوأ فرنساوألمانيا وبريطانيا الصدارة في عملية الدمج والإندماج الجزئية للدول الأوروبية الأعضاء بالاتحاد الأوروبي. ففرنسا أكبر دول الإتحاد مساحة, بينما تعتبر ألمانيا أكثر الدول سكانا. وتتمتع دولتان من دول الإتحاد بعضوية دائمة في مجلس الأمن الدولي هما: فرنسا وبريطانيا. ويعتبر الإتحاد الأوروبي سوق اقتصادية وجمركية موحدة, تتبادل17 دولة منهما البضائع باليورو منذ عام2002, بينما هناك10 لم تعتمد اليورو كعملة وطنية محلية لها. أجهزة الإتحاد الأوروبي تتعدد الأجهزة السياسية والبرلمانية والاقتصادية والقضائية للإتحاد الأوروبي وذلك رغم عدم فعاليتها القوية حتي الآن. وقد دخلت فعليا معاهدة لشبونة عام2009 لتقوية مسيرة بناء مؤسسات الاتحاد الأوروبي وتفعيل دور الإتحاد علي الساحة الدولية متسلحا بالشفافية والديمقراطية بعد8 سنوات من المفاوضات الشاقة بين الدول الأعضاء, ولا يوجد دستور للإتحاد الأوروبي حيث رفض الناخبون الفرنسيون والهولنديون عام2005 هذا الدستور علما بأنه يتحتم نيل موافقة جميع الشعوب الأوروبية الأعضاء علي هذا الدستور الأوروبي المقترح. ويدير شئون الإتحاد الأوروبي خمس مؤسسات رئيسية وينبثق عنها فروع مختلفة هي:( مجلس الإتحاد الأوروبي والذي يترأسه حاليا الرئيس القبرصي ديميتريس كريستوفياس لمدة6 أشهر, المفوضية الأوروبية, والبرلمان الأوروبي, والقضاء الأوروبي( محكمة العدل الأوروبية, وديوان المحاسبة) وهيئات إدارية أخري.