فرنسا ماضية في طريقها بكل عزم وحزم, نحو الحظر الكامل والشامل للنقاب, غير عابئة في ذلك, بما قد يثار من تحفظات قانونية. وليس أدل علي ذلك, ما حدث أخيرا, من أن رجلين من شرطة المرور قد أوقفا سيدة تقود سيارتها في أحد شوارع مدينة نانت والسبب أنها منتقبة, وهي فرنسية الأصل 31 سنة اعتنقت الإسلام وترتدي النقاب منذ تسع سنوات, طبعا طلبا منها أوراقها وأوراق السيارة وطلبا منها أيضا الكشف عن وجهها, وحررا لها مخالفة مرورية دفعتها المرأة, لأن احدي مواد قانون المرور تقضي بأن سائق السيارة يجب أن يكون دائما في وضع يحقق له الرؤية والسيطرة علي السيارة. ولم يقف الأمر عند هذا الحد, بل ان وزير الداخلية بريس هورتفيه قرر العمل علي اسقاط الجنسية عن زوج المنتقبة, ووجه خطابا بهذا المعني الي زميله اريك بيسون وزير الهجرة والاندماج والهوية الوطنية, وكشف عن أن الزوج, جزائري الأصل, حصل علي الجنسية الفرنسية عام1999, بزواجه من آن قائدة السيارة, ومتهم بأنه ينتمي الي جماعة التبليغ, ومتزوج من أربع نساء منتقبات, ومن ثلاث فقط وفق جيرانه, أنجب منهن12 طفلا. ليس هذا فقط, بل ان النساء الأربع يحصلن علي الدعم المخصص للأمهات المعيلات. يأتي ذلك وسط حركة متسارعة تتجه نحو إصدار قانون يحظر ارتداء النقاب في فرنسا, الرئيس ساركوزي في اجتماع أخير لمجلس الوزراء, دفع الحكومة الي أن تتقدم بمشروع يمنع ارتداء النقاب في جميع الأماكن العامة. وأكد الناطق باسم الحكومة أن ساركوزي كرر أن النقاب يشكل مساسا بكرامة النساء, مشيرا الي أن هناك ألفي امرأة يرتدين البرقع في فرنسا. رئيس الحكومة فرانسوا فييون أكد أن نص القانون يرتكز في أساسه الي مسألة كرامة الإنسان, وأعلن تحديه لأية تحفظات قانونية, حيث ان الحكومة مستعدة للدخول في أية مخاطرات قانونية, دفاعا عن هذا القانون. المعروف أن مجلس الدولة, أعلي سلطة للقضاء الإداري, كان قد أفتي باستبعاد فرض حظر شامل ومطلق للنقاب, لانعدام وجود أي سند قانوني, وأوصي في تقرير سلمه الي رئيس الوزراء في مارس الماضي بأن يقتصر الحظر علي المرافق العامة, والأماكن التي يتطلب فيها الأمر من الناحية الأمنية, التعرف علي الشخصية. التساؤلات تدور حول موقف المجلس الدستوري, والمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان من مثل هذا القانون, اذا ما تم تمريره في البرلمان, لأن الأغلبية البرلمانية من حزب ساركوزي, تقف وراء زعيم نواب الأغلبية, جان فرانسوا كوبيه, المساند للقانون. ويقترح البعض فترة انتقالية لستة أشهر, للتعريف بالقواعد الجديدة, بعد ذلك يتم منع السيدات اللائي ينتهكن القانون من دخول أماكن الخدمات العامة والمحلات التجارية, علي أن يطلب رجال الشرطة من المرأة المنتقبة رفع النقاب, للتحقق من شخصيتها, وارسال غرامة إليها في مقر اقامتها, بمبلغ لم يتم تحديده بعد, وفي حالة عدم الدفع, يتم الحجز علي الراتب, أو علي الدعم الاجتماعي, أو غير ذلك, أما اذا رفضت المنتقبة, رفع النقاب, فستقودها الشرطة الي قسم البوليس. مشروع القانون, من المتوقع أيضا أن يفرض عقوبات علي أولئك الذين يجبرون نساءهم علي التنقب, وذلك وفق ما اقترحه مجلس الدولة. البعض يعتقد بأنه لن تكون هناك صعوبة في تنفيذ هذا الحظر, ويقارن الوضع بقانون منع التدخين في الأماكن المغلقة الذي تم تنفيذه بيسر. غير أن السؤال الأكبر سيكون: كيفية التعامل مع العائلات الكبري الوافدة من الدول العربية, وهو أمر طرحه إرفيه موران وزير الدفاع, وزعيم حزب الوسط الجديد. ويشير البعض الي أنه في عام2004 فإن صدور قانون بمنع الحجاب في المدارس, قد أسيء فهمه بسبب عدم القيام بحملة شرح كافية. مصدر دبلوماسي يشير الي أن المشكلة بالنسبة لفرنسا, تكمن في أنها لا تستطيع تمرير الرسائل إلي العالم الإسلامي لتوضيح وتبرير مواقفها, هذه الفكرة جعلت برنار كوشنير وزير الخارجية ينشيء ما أسماه بقطب الأديان ادارة للأديان. محمد موسوي رئيس المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية الذي التقاه رئيس الوزراء فرانسوا فييون ومعه عدد من أعضاء المجلس, صرح بأنه نقل الي فييون قلق المسلمين في فرنسا من توجيه أصابع الاتهام بشكل مستمر الي الاسلام. ورفض موسوي الخوض في قضية اسقاط الجنسية عن زوج المنتقبة قائدة السيارة, وقال إن هذا أمر متروك للقضاء, وهو ما يؤكد شكاوي المهاجرين الحاصلين علي الجنسية, من التمييز في المعاملة, فإسقاط الجنسية يعني أنه مواطن من الدرجة الثانية, والمفترض أن القوانين فيها من العقوبات ما يكفي, ولكن إسقاط الجنسية هو أمر لايمكن أن يبرره أي خطأ أو مخالفة ترتكب!.