قامت ثورة25يناير, ولكن حال المرأة المصرية لم يتغير وربما لن يتغير قبل عقود. تغير المصريون وأصبحوا اكثر وعيا والتزاما سياسيا, لكن التغير الاجتماعي لم يحدث بعد فمازال بيننا من يرون أن الأنثي لا ينبغي أن تتساوي مع الذكر في الحقوق, حتي وإن ناءت بأعباء الواجبات جميعها باستثناء واجب وشرف الدفاع عن الوطن, وهنا مربط الفرس. فمنذ آلاف السنين والذكور يتولون شرف حماية وطنهم من الاعتداءات وردها ودحر الأعداء.. فلماذا لا تحظي الإناث بهذا الشرف..؟ إن المسلمات في عصر الرسالة كن يشاركن الرسول( ص) في القتال وكانت مهامهن تتعدي سقيا الماء وصنع الطعام للمقاتلين ومداواة الجرحي في الميدان إلي القتال أحيانا جنبا إلي جنب الرجال رغم ضراوة ودموية القتال في ذلك العصر, وقد ذكر المؤرخون أسماء عديدة منهن أم سليم وأم عطية ورفيدة وغيرهن. واليوم انتهي عهد القتال بالسيوف والبنادق أو بالمصارعة المباشرة بين الجنود وكلها أساليب عنف لم تكن المرأة قادرة علي ممارستها وكان من الطبيعي إعفاؤها منها. ولكن يظل الدفاع عن الوطن والتفاني في خدمته شرف لابد أن يحظي به كل مواطن. فالحكومة الإسرائيلية علي سبيل المثال تعفي اليهود المتدينين( حوالي60 الف شاب) والاقلية العربية( مسلمين ومسيحيين) من الخدمة العسكرية, وقد ارتفعت مؤخرا أصوات اعتبرت ذلك الإعفاء مخالفا للدستور, مع العلم بأن مدة الخدمة العسكرية الالزامية في اسرائيل ثلاث سنوات للرجال وسنتان للنساء. وحتي سنة2000 كانت المجندات الإسرائيليات يقتصر عملهن علي الأعمال المساندة. حتي سمح للنساء بالخدمة في الوحدات القتالية إذا عبرن عن إرادتهن بذلك. وبمناسبة إنشغالنا اليوم بصياغة دستور جديد, فإنني أطالب اللجنة التأسيسية للدستور بأن يذكر في الدستور الجديد فتح باب التطوع للفتيات المصريات في جميع أفرع القوات المسلحة. إن بلدانا كثيرة تفتح أبواب التطوع للخدمة العسكرية لبناتها. وهو ما يتيح للمتطوع التدريب علي فنون القتال بالاضافة إلي التعود علي النظام والالتزام بالقوانين والتعليمات واحترام الكبار والتعاون مع الزملاء. وفي أوقات السلم يتم محو أميته وتعليمه أنواعا من الحرف, وهو ما يفيده كثيرا في حياته العملية بعد انتهاء فترة الخدمة فيصبح مواطنا منتجا يمكنه ان يعمل ويوفر لنفسه ولأسرته دخلا. وإقصاء بنات مصر حرمان لنصف الأمة من فرصة كبيرة للترقي والتدريب ومحو الأمية التي تصل بينهن إلي أكثر من أربعين في المائة, وهن50% من التعداد فضلا عن أنه يوفر الاستفادة من الذكور في المهام القتالية العسكرية, ويمكن تكليف المتطوعات بالعمل خارج التشكيلات المقاتلة بعيدا عن الأعمال الخطرة أو العنيفة, والحاقهن بالخدمة الطبية وأعمال السكرتارية وادارات التعيين, وهناك بالفعل عدد من الضابطات والممرضات العسكريات اللاتي يعملن في مستشفيات الجيش, وهي تجربة أثبتت نجاحها. إن كل ما حاق بالمرأة المصرية من تهميش وظلم كان نتيجة لإقصائها عن الأعمال المهمة. إن إعفاء الفتاة المصرية من شرف الالتحاق بالجيش ظلم كبير لها ولشقيقها الذكر أيضا إنه نوع من التمييز الذي اصبح عالم القرن الحادي والعشرين يرفضه.