شاهدت مقاطع من الفيلم الهابط والمقزز الذي أراد صانعه أن يسيء الي من أرسله الله رحمة للعالمين (صلي الله عليه وسلم). وفي الحقيقة فإنني لم ألحظ أي جديد في هذا العمل السخيف, بل نفس الشبهات المثارة من حين لآخر, والبذاءات التي تعج بها كتابات المغرضين ومن في قلوبهم مرض.. وأرد علي ماجاء بالعمل الهابط من افتراءات بعيدا عن التبجيح والعصبية في النقاط التالية. { إن النبي محمد لم يكن ينتظر النبوة أو يطلبها أو يسعي اليها قبل ان يصطفيه الله ويختاره خاتما للمرسلين, بل خاف وارتجفت أوصاله عندما نزل عليه الوحي فجأة لأول مرة, وذهب الي أهل بيته يتزمل ويتدثر, ولو كان ممن يطلبون الجاه والسلطة لقبل ماعرضه عليه كفار قريش فيما بعد لترك الدعوة. { شخصية محمد في صباه ومقتبل شبابه ودماثة طبعه وجميل خلقه وصدقه وأمانته وقوة عزيمته وثبات ارادته وحسن فطنته ونقاء فطرته.. هذه الصبغات جعلت أهل مكة يحترمونه ويرتضون برأيه الشديد حتي قبل النبوة فهو لم يشرب خمرا أو يحضر للأوثان عيدا.. فضلا عن أنه كان من أشرف العرب بيتا ونسبا. (وما تركته قريش من تراث يؤكد ذلك). { الادعاء بأن النبي محمد قد أخذ من الكتب السماوية السابقة ادعاء باطل وساذج, فلو أنه فعل ذلك فكيف يعارضها في كثير من المواضيع كإنكار ألوهية الأنبياء, وكيف لإنسان أمي أن يختار ويكتب هذا الكلام الرصين الذي أذهل العرب برغم فصاحتهم. ولقد أنزل القرآن الكريم الأنبياء والرسل السابقين منزلة شامخة يستحقونها بعكس ماتعج به الكتب الموضوعة عنهم من افتراءات وأباطيل, وفي القرآن الكريم قصص أنبياء لم يرد ذكرها في كتبهم مثل قصة هود وصالح وشعيبا (عليهم السلام):.. ويلح علي سؤال هنا وهو: ألم تكن كتبهم وصحائف رهبانهم مكتوبة بغير العربية؟ ومن الثابت أن أول ترجمة لأسفارهم كانت في العصر العباسي أي بعد وفاة النبي محمد بعشرات السنين. { الادعاء بأن محمد صلي الله عليه وسلم كان شهوانيا لا هم له إلا النساء باطل ويتنافي مع واقع حياته, فقد عاش صباه وشبابه, قبل التكليف بالرسالة عفيفا شريفا لم يمارس الرذيلة كما كان يفعل شباب مكة وشيوخها حينها ولو كان شاركهم مجونهم ولهوهم لعايروه بذلك وتصيدوا له الأخطاء في عداء له مع فجر الدعوة. وفي سن الخامسة والعشرين عنفوان شبابه اختار لنفسه زوجته الأولي وكانت قد جاوزت الأربعين بسنوات وهي امرأة ثيب وليست بكرا وعاش معها سنوات شبابه ورجولته ولم يتزوج غيرها حتي توفاها الله وقد تخطي عليه الصلاة والسلام سن الخمسين. لو كان محمد شهوانيا كما يدعون فلماذا لم يتزوج بفتاة جميلة عذراء في مقتبل شبابه وكان هذا حقه وبإمكانه وهو من أشراف قريش؟! وهل هناك مجال للحديث عن الشهوانية مع رجل تعدي الرابعة والخمسين من عمره وكانت سنواته التسع التي عاشها بعد ذلك ذاخرة بالأحداث والفتوحات واستكمال نزول القرآن ونشر الدعوة والتشريع للمسلمين؟ { أما عن زواجه بالسيدة عائشة فإننا نتعجب من تلك الحرب الشعواء التي تهب كل حين.. فعائشة لم تكن طفلة, كما يصورونها, بل لقد كانت فتاة وخطبت لشخص آخر قبل النبي ولم تستكمل قرانها له, ولم تزف الي النبي إلا بعد ان نضجت عاطفيا وجسمانيا, ولاشك أن مقاييس النضج كانت منذ أكثر من أربعة عشر قرنا مختلفة تماما عما هي عليه الآن, وهناك كتب تقول إنها جاوزت الثانية عشرة من العمر (وهي نفس السن التي حملت فيها السيدة مريم العذراء بالمسيح عليه السلام), وكانت حكمة الله أن يمتد العمر بالسيدة عائشة لتعيش سنوات عديدة بعد وفاة النبي لتنقل تعاليم وتفاصيل الرسالة النبوية الشريفة, فكان صغر سنها ميزة كبري علاوة علي ذكائها وحضور ذهنها ووعيها. سؤالي الأخير أوجهه الي علماء الإسلام وبين أيديهم الأدلة القرآنية والقرائن العلمية التي تدحض كل المزاعم وتفند كل الافتراءات.. متي تتحركون؟ د. صبحي محمد الفحل