وسط الخلافات والتوترات السياسية والاقتصادية حول العالم، بدأت أمس أعمال قمة مجموعة العشرين فى اليابان بدعوة إلى »الاتفاق والانسجام« أطلقها رئيس الوزراء شينزو آبي. وفى كلمته الافتتاحية، قال رئيس الوزراء اليابانى »أهلا بكم فى أوساكا«، وأضاف »آمل أن نتوصل معا إلى انسجام جيد فى أوساكا»، فى إشارة إلى عصر »الانسجام الجميل«، شعار الإمبراطور الجديد أكيهيتو. ووقف آبى محاطا من جهة بالرئيس الصينى شى جين بينج ومن الجهة الأخرى بالرئيس الأمريكى دونالد ترامب طرفى الحرب التجارية المشتعلة حاليا، داعيا إلى »قواسم مشتركة بدلا من التركيز على المواجهات«. وفى بادرة على تلقى رسالة آبي، أطلق الرئيس ترامب تصريحات تصالحية وأظهر ودية كبيرة بعد سلسلة هجمات أطلقها مؤخرا، حيث أشاد ترامب على سبيل المثال ب»المصانع الرائعة« التى بناها صانعو السيارات اليابانيون فى الولاياتالمتحدة، بعد أن كان قد انتقد علنا اعتماد طوكيو عسكريا على الولاياتالمتحدة. وأعرب ترامب عن رغبته فى التوصل إلى »تفاهم« مع الهند التى ينتقد سياستها التجارية، فيما اعتبر أنه »لا داعى للعجلة« بما يتعلق بمسألة حل التوترات بين الولاياتالمتحدة وإيران، والتى أثارت مخاوف من نشوب صراع عسكري. وقبل التقاط الصورة التذكارية التقليدية أجرى ترامب حوارا وديا مع الرئيس الروسى فلاديمير بوتين الساعى إلى تهدئة الأجواء بين واشنطن وطهران، قبل أن يعقد معه لقاء ثنائيا على هامش القمة أشاد خلاله الرئيس الأمريكى بعلاقاته مع نظيره الروسى واصفا إياها بأنها »جيدة جدا«. وقال ترامب بسخرية ملتفتا إلى الرئيس الروسى »لا تدخل فى الانتخابات رجاء«، ذلك وسط مخاوف فى الولاياتالمتحدة من احتمال تدخل روسيا فى حملة انتخابات 2020. من جهته، أعلن يورى أوشاكوف مساعد الرئيس الروسى أن الرئيس فلاديمير بوتين وجه الدعوة للرئيس الأمريكى ترامب لزيارة روسيا خلال الاحتفال بالذكرى ال75 للانتصار فى الحرب العالمية الثانية. وقال أوشاكوف لقناة «روسيا 24»: »لقد وجهنا الدعوة للرئيس الأمريكى لزيارتنا خلال الاحتفال بالذكرى ال 75 للانتصار فى الحرب العالمية الثانية فى التاسع من مايو العام المقبل، وقد كان رد فعل الرئيس الأمريكى إيجابيا«. كما أظهر ترامب تقاربه مع نظيره البرازيلى جايير بولسونارو بصورة بدا فيها مبتسما ورافعا إبهامه سارع الأخير لنشرها على »تويتر«، كما عقد معه لقاء على هامش القمة أكدا خلاله على التوافق بينهما. كذلك وصف الرئيس الأمريكى المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بأنها «امرأة رائعة» وذلك خلال لقاء ثنائي، بعد أن كان قد اتهم ألمانيا بأنها شريك »مقصر« فى الإنفاق فى حلف شمال الأطلنطى »الناتو«. وسأل ترامب المستشارة الألمانية عن وضعها الصحى بعد أن أصيبت للمرة الثانية فى غضون بضعة أيام بنوبة ارتجاف، لكنها رفضت الإجابة. ومن المقرر أن يلتقى ترامب والرئيس الصينى شى اليوم السبت لبحث الخلافات التجارية بينهما، وقال الرئيس الأمريكى إنه يتوقع عقد لقاء «بناء» مع نظيره الصيني. وتهدد واشنطن بفرض رسوم جمركية على كل السلع الصينية التى تستوردها الولاياتالمتحدة وهو ما سيشكل نقطة مهمة فى نزاع تجارى وتكنولوجى بين العملاقين. وفى السياق نفسه، تبحث القمة ملفا شائكا آخر هو المناخ، حيث ترفض الولاياتالمتحدة أى حديث عن الاتفاق المناخى الموقع فى باريس، كما يرفض قادة آخرون على غرار الرئيس البرازيلى أى انتقاد غربى لسياساتهم البيئية. وقال أنطونيو جوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة إنه »من الواضح أنه سيكون من الصعب تحقيق اختراق« فى هذا الملف. من جهته، طالب جان كلود يونكر رئيس المفوضية الأوروبية قمة مجموعة العشرين بإصدار بيان قوى بشأن قضية التغير المناخي. وقال يونكر للصحفيين قبيل انعقاد القمة: »أعتقد أننا بحاجة إلى بيان قوى بشأن تغير المناخ«، مضيفا أنه »لا يمكن أن يقبل تخفيف« الأهداف الخاصة بالمناخ والتى تم تبنيها خلال قمة العشرين فى بوينس أيرس عاصمة الأرجنتين العام الماضي. وأضاف توسك: »لا يمكن أن يصبح المسرح العالمى ساحة يملى فيها القوى شروطه على الضعيف، حيث تسود الأنانية على التضامن، وتهيمن المشاعر القومية على المنطق السليم«. وأكد يونكر أهمية الحفاظ على النظام العالمى القائم على القوانين، فى رسالة أيدها رئيس المجلس الأوروبى دونالد توسك. وعلى هامش القمة، صرحت تيريزا ماى رئيسة وزراء بريطانيا بأنها تعتزم مطالبة الرئيس الروسى فلاديمير بوتين خلال قمة مجموعة العشرين التى تنعقد على مدار يومين فى مدينة أوساكا، تسليم المشتبه بضلوعهم فى محاولة تسميم الجاسوس الروسى السابق سيرجى سكريبال فى بريطانيا فى مارس من العام الماضي.