سعر الذهب خلال التعاملات الصباحية اليوم الاثنين.. استقرار ملحوظ    أسعار الأسماك اليوم الإثنين 13 مايو 2024 في الأسواق.. كم سعر السمك البلطي؟    تباين أداء مؤشرات الأسهم اليابانية في الجلسة الصباحية    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الاثنين 13 مايو    أخبار مصر: فرص عمل بالسعودية، حقيقة زواج ياسمين صبري، كاف يقرر تعديل موعد أمم إفريقيا، عرض 16 سيارة للبيع في مزاد علني، ماذا يأكل أطفال غزة؟    حزب الله اللبناني يستهدف مواقع وتجهيزات تجسسية تابعة للجيش الإسرائيلي عند الحدود    الرئيس الليتواني: إقالة شويجو إشارة موجهة إلى الشعب الروسي    بعثة الزمالك تغادر المغرب في طريقها إلى القاهرة بعد خوض مباراة نهضة بركان في ذهاب نهائي كأس الكونفدرالية    عقد مناظرة بين إسلام بحيري وعبدالله رشدي حول مركز "تكوين الفكر العربي"    "2100 مدرسة".. كيف استعدت التعليم لامتحانات الثانوية العامة 2024؟    حار نهارا، حالة الطقس اليوم الاثنين 13-5-2024 في مصر    الأقصر تتسلم شارة وعلم عاصمة الثقافة الرياضية العربية للعام 2024    اليوم| محاكمة متهمي قضية اللجان النوعية    مؤلفة مسلسل «مليحة»: استخدمنا قوة مصر الناعمة لدعم أشقائنا الفلسطينيين    الإثنين 13 مايو.. توقعات الفلك وحظك اليوم لكافة الأبراج الفلكية    مناقشة آليات تطبيق رسوم النظافة بمنظومة التخلص الآمن من المخلفات بالإسماعيلية    ارتفاع «حديد عز».. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الإثنين 13 مايو 2024    صابر الرباعي: أتطلع لمواكبة الأجيال الحديثة.. والنجاح لا يعتمد على الترند    مقتل وإصابة 15 شخصا في إطلاق نار خلال حفل بولاية ألاباما الأمريكية    هل يجوز التوسل بالرسول عند الدعاء.. الإفتاء تجيب    جيجي حديد وبرادلي كوبر يرقصان في حفل تايلور سويفت (فيديو)    وكيل «خارجية الشيوخ»: مصر داعية للسلام وعنصر متوازن في النزاعات الإقليمية    أزهري يرد على تصريحات إسلام بحيري: أي دين يتحدثون عنه؟    حدث ليلا| زيادة كبيرة في أراضي الاستصلاح الزراعي.. وتشغيل مترو جامعة القاهرة قبل افتتاحه    تشديد عاجل من "التعليم" بشأن امتحانات الشهادة الإعدادية (تفاصيل)    وزير التعليم: هناك آلية لدى الوزارة لتعيين المعلمين الجدد    بطولة العالم للاسكواش 2024.. مصر تشارك بسبع لاعبين في الدور الثالث    «اللاعبين كانوا مخضوضين».. أول تعليق من حسين لبيب على خسارة الزمالك أمام نهضة بركان    تدريبات خاصة للاعبي الزمالك البدلاء والمستبعدين أمام نهضة بركان    افتتاح مسجد السيدة زينب.. لحظة تاريخية تجسد التراث الديني والثقافي في مصر    بعد الخطاب الناري.. اتحاد الكرة يكشف سبب أزمة الأهلي مع حسام حسن    بعد تعيينها بقرار جمهوري.. تفاصيل توجيهات رئيس جامعة القاهرة لعميدة التمريض    لا أستطيع الوفاء بالنذر.. ماذا أفعل؟.. الإفتاء توضح الكفارة    دعاء في جوف الليل: اللهم إنا نسألك أن تستجيب دعواتنا وتحقق رغباتنا وتقضي حوائجنا    «من حقك تعرف».. هل المطلقة لها الحق في نفقة العدة قبل الدخول بها؟    منها تخفيف الغازات والانتفاخ.. فوائد مذهلة لمضغ القرنفل (تعرف عليها)    سر قرمشة ولون السمك الذهبي.. «هتعمليه زي المحلات»    مسلسل لعبة حب الحلقة 24، فريدة تعلن انتهاء اتفاقها مع سما    قصواء الخلالي تدق ناقوس الخطر: ملف اللاجئين أصبح قضية وطن    بسبب سرقة الكابلات النحاسية، تعطل حركة القطارات في برشلونة    «الإفتاء» تستعد لإعلان موعد عيد الأضحى 2024 ووقفة عرفات قريبًا    أمير عزمي: نهضة بركان سيلجأ للدفاع بقوة أمام الزمالك في الإياب    استثمار الذكاء الاصطناعي.. تحول العالم نحو المستقبل    كاميرون: نشر القوات البريطانية في غزة من أجل توزيع المساعدات ليس خطوة جيدة    المصريين الأحرار يُشيد بموقف مصر الداعم للشعب الفلسطيني أمام محكمة العدل الدولية    العدو يحرق جباليا بالتزامن مع اجتياج رفح .. وتصد بعمليات نوعية للمقاومة    وكيل صحة الإسماعيلية تتفقد مستشفى الحميات وتوجِّة باستكمال العيادات (صور)    أربع سيدات يطلقن أعيرة نارية على أفراد أسرة بقنا    مستقبل وطن بأشمون يكرم العمال في عيدهم | صور    الكشف على 1328 شخصاً في قافلة طبية ضمن «حياة كريمة» بكفر الشيخ    وقوع حادث تصادم بين سيارتين ملاكي وأخرى ربع نقل بميدان الحصري في 6 أكتوبر    ليس الوداع الأفضل.. مبابي يسجل ويخسر مع باريس في آخر ليلة بحديقة الأمراء    نقابة الصحفيين: قرار منع تصوير الجنازات مخالف للدستور.. والشخصية العامة ملك للمجتمع    وفاة أول رجل خضع لعملية زراعة كلية من خنزير    وزيرة الهجرة تبحث استعدادات المؤتمرالخامس للمصريين بالخارج    رئيس جامعة المنوفية يعقد لقاءً مفتوحاً مع أعضاء هيئة التدريس    الأعلى للصوفية: اهتمام الرئيس بمساجد آل البيت رسالة بأن مصر دولة وسطية    منها إطلاق مبادرة المدرب الوطني.. أجندة مزدحمة على طاولة «رياضة الشيوخ» اليوم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أسياد وعبيد

يقول الوحى الإلهى فى التوراة: قال الله نعمل الإنسان على صورتنا كشبهنا فيتسلطون على سمك البحر وطير السماء، وعلى البهائم، وعلى كل الأرض (تك 1: 26)، لكن لم يقل الرب إنه خلق الإنسان ليتسلط على أخيه الإنسان، ولا لكى يؤذيه ويعذبه. فإن مشكلة الإنسانية هى الإنسانية نفسها، فالقتل والسرقة والخيانة والحروب والمجاعات والفقر هى من صنع البشر. ولكن أخطر ما فى الأمراض البشرية هى محبة السلطة والتلذذ بقهر الآخر والشعور بالسيادة على الآخرين، فكل هذا نابع من مرض نفسى. وتلك التصرفات قد تصل إلى حد عبودية شخص لآخر، وهى قمة الانحطاط الأخلاقى والفساد البشرى، فيقول نيلسون مانديلا: الرجل الذى يحرم رجلاً آخر من حريته هو سجين الكراهية والتحيز وضيق الأفق.
وفى تاريخ البشرية قصص لهؤلاء المرضى الذين كانت لهم أساليب شريرة تفوق عمل الشياطين أنفسهم. وكتب سلومون نورثوب قصة هى تجربة ذاتية فى قصة اثنى عشر عاما من العبودية حكى فيها ما حدث له فيما بين عام 1841-1853م، فقد ولد سلومون فى ولاية منيرفا، ويقول إن أسلافه كانوا عبيدا عند إحدى العائلات، ولكن نبيل العائلة حين مات أوصى بعتق والده وبهذا صار حرا. وكبر سلومون وتزوج وأنجب ثلاثة أبناء. وتقابل ذات ليلة مع رجلين عرضا عليه العمل فى واشنطن بأجر مغر فوافق فورا، وذهب معهما. وأخذه الرجلان إلى واشنطن وبعد وجبة العشاء شعر بدوخة ثم أفاق على كابوس فقد وجد نفسه مكبلا بالأغلال فى مكان مظلم تحت الأرض. وفتح الباب ودخل رجل ضخم عرف فيما بعد أنه تاجر رقيق، وحين عرف سلومون ذلك قال له: إنه أسود اللون ولكنه حر، فقام بجلده وضربه ثم رحله مع مجموعة أخرى فى سفينة لسوق العبيد وجردوهم من ملابسهم.
واشتراه كاهن بروتستانتى، ثم باعه مع عبيد آخرين بعدما ساءت حالته المالية ليشتريه رجل آخر لا يحمل فى داخله رحمة ولا أخلاقا، فكان يجعل عبيده يعملون النهار والليل ولا يحق لهم الراحة. ويقول سلومون أنه كان يعود كل ليلة محملا بآلام جسدية ونفسية فقد كان قانون أمريكا يعطى الحق للسيد أن يفعل أى شيء فى جسد العبد ويمارس عليه أى استبداد جسدى ونفسى ولا يحق للعبد أن يتكلم أو حتى يتألم. ثم بيع إلى سيد آخر يقول عنه أنه لم يكن يمر يوم دون أن يجلده مرة واثنتين. ومضت عشر سنوات وهو يعيش العبودية لأسياد هم بشر مثله ولكنهم مرضى أغنياء فى عالم تُكتب أحياناً القوانين لمثل هؤلاء ولا حياة ولا حقوق للفقراء، فأقصى ما يحلمون به هو إشباع المعدة والنوم دون جروح فى الجسد أو إيذاءً للنفس.
وبيع سلومون لسيد آخر يعمل فى دبغ الجلود وأول ما اشتراه جعله يركع ويعرى ظهره وقال له: سأجرب طريقة لدبغ الجلود على ظهرك وألهب جسده بسياط فى يده حتى صار ظهره كله لونه أحمر من الدم.
وكانت صلاة هذا العبد أن يعجل الرب بموته، فالقبور لهؤلاء هى راحة يشتهونها، وسكنى ديار الموت أفضل من السكنى وسط أحياء متوحشة. ولكن كانت استجابة الرب أن أرسل له صديق لسيده وجد فيه قلبا طيبا فاستطاع أن ينفرد به وأعلمه أنه يحمل أوراق تثبت أنه ليس عبدا وطلب منه أن يكتب رسائل لعائلته ليتحركوا فى إجراءات عتقه. وهذا ما حدث بالفعل، وما إن وصلت الرسائل لعائلته حتى أقاموا محامين وذهبوا إلى واشنطن واستصدروا قرارا من حاكم الولاية بالعتق، وذهبوا إليه وأعادوه إلى عائلته.
ولعلك تظن عزيزى القارئ أن العبودية قد انتهت بقوانين ومواثيق الأمم المتحدة، الحقيقة العبودية لا تزال قائمة مادام هناك مرضى الذات والسيادة. فالعنصرية هى نوع من أنواع الشعور بالسيادة على الآخر. وحين تقوم بلد بحربٍ على بلد أخر لتركيعه وتجويعه أليست هذه عبودية؟ وحين يمارس صاحب عمل أمراضه النفسية على عماله أو مرءوسيه ليقهرهم ويسحقهم ويدمرهم نفسيا ليعودوا محطمين وفاقدى الأمل فى الحياة الكريمة أليست هذه عبودية؟ أو يمارس صاحب سلطة أمراضه النفسية فى القهر والذل للضعفاء والذين لا حول لهم ولا قوة أليست هذه عبودية؟ كما توجد عبودية أخرى وهى عبودية الأفكار يمارسها بعض الأشخاص الذين يوهمون آخرين أنهم أصحاب الحق المطلق وعلى التابعين ألا يفكروا بل ينفذون الأوامر فقط، كما فعلت داعش فى مسح عقول كثيرين تحت ستار الدين واستعبدت العقول والنفوس وحولتهم لآلات تدمير للشعوب واستعبادهم.
وإن كانت داعش فعلت هذا فى عصرنا فهناك عبر العصور دواعش الفكر والدين. ففى القرون الوسطى حتى عصور ما يسمونها بالتنوير كانت الكنيسة الغربية تمارس هذا النوع من عبودية الفكر، وفى قصة طريفة ذكرها هاينريش هاينى فى كتابه تاريخ الدين والفلسفة عن الرعب الدينى الذى كان سائداً حين ذاك، يقول عام 1437م كان بعض رجال الدين يقومون بنزهة فى إحدى غابات مدينة بازل، وكانوا يتحادثون فى أمور روحية ولاهوتية، وسمع الجميع طائرا مغردا جميلا فوق شجرة زيزفون وكان صوته عذباً حتى أن الجميع صمت وأنصت للطائر المغرد. وسارت فى نفوس الكل بهجة وسعادة إلا واحداً منهم الذى صاح فى وجوههم: إن هذا الطائر ما هو إلا روح شريرة، وهذا شيطان أراد أن يفسد كلامنا ويجذب الأنظار إليه. وتقول القصة التى بالطبع كانوا يسوقونها لكى يستعبدوا العقول أن الطائر اعترف فعلاً بأنه شيطان وأن كل الذين سمعوا واستعذبوا ألحانه ماتوا على الفور، ياللرعب والجهل.
إن هذا الخطاب الدينى هو طريق كل الدواعش عبر العصور لعبودية العقول، وتختلف أنواع العبودية ولكن كلها تخرج من أشخاص ذاتهم مريضة صاغوا مفردات حياتهم ووجودهم حول أنفسهم فقط، فلم يهتموا بالآخر ولا بآلامه، بل كانت عبوديتهم للآخرين سر سعادتهم لأنهم كانوا مرضى السيادة.
لمزيد من مقالات القمص أنجيلوس جرجس


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.