قطعت مصر شوطا طويلا فى طريق التحول للاقتصاد الرقمى وتعزيز الشمول المالي، حيث شهدت خلال السنوات الماضية طفرة هائلة فى صناعة التكنولوجيا المالية، للوصول إلى جميع شرائح المواطنين بسهولة ويسر، لدعم جهود التحول إلى مجتمع لا نقدى الذى كان حلما يقترب الآن من التحول إلى حقيقة، وذلك ضمن خطة متكاملة لتحويل مصر إلى مركز إقليمى لصناعة التكنولوجيا المالية فى المنطقة عربيا وإفريقيا. وجاءت فعاليات مؤتمر «سيملس الشرق الأوسط» الذى استضافه البنك المركزى أخيرا ليكشف عن الفرص الهائلة والدور الذى تلعبه التكنولوجيا المالية فى دفع الاقتصادات وتوفير فرص عمل ودعم خطط الإصلاح الاقتصادي، وظهر ذلك فى الاهتمام الكبير والتنافس بين الشركات الكبرى والبنوك على تقديم حلول وتطبيقات مبتكرة لدعم هذا التحول والاستفادة من الفرص الواعدة بالسوق. وأشاد الخبراء بالجهود التى بذلتها مصر للتحول إلى مجتمع لا نقدى وتحقيق الشمول المالي، وكان فى مقدمتها إنشاء المجلس القومى للمدفوعات برئاسة الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذى وضع الإطار العام للتحول إلى مجتمع لا نقدي، من خلال حزمة من المحاور تضمنت إنشاء منظومة بطاقات الدفع الوطنية، ووضع إطار تشريعى ورقابى لتعزيز خدمات الدفع الإلكترونى والتكنولوجيا المالية، وكذلك إنشاء مركز التكنولوجيا المالية، الذى يعمل كملتقى يجمع جميع أطراف منظومة التكنولوجيا المالية فى مكان واحد، وإطلاق مختبر تطبيقات التكنولوجيا المالية المبتكرة كبيئة اختبار رقابية توازن بين حرية الابتكار والحد من المخاطر المصاحبة، الذى بدأ عمله بالفعل يونيو الحالي. هناك الكثير من الخطوات التى يقودها البنك المركزى نحو التحول إلى مجتمع لا نقدي، حيث ارتفع عدد مستخدمى منظومة بطاقات الدفع الوطنية «ميزة» إلى 500 ألف مستخدم، التى جاء إطلاقها فى إطار خطط التحول إلى مجتمع أقل اعتمادا على أوراق النقد، وتنفيذا لتكليف المجلس القومى للمدفوعات للجهات الحكومية التى تقدم خدمات عامة للجمهور أو تدير مرافق عامة بأن تتيح للمتعاملين معها وسائل للدفع غير النقدي، بجانب الاعتماد على منظومة وطنية فى المدفوعات الحكومية. ومنح البنك المركزى رخصة إصدار بطاقات الدفع الوطنية لعدد 17 بنكا ضمن مخطط إصدار عشرين مليون بطاقة بنهاية عام 2021، كما تم إطلاق أول بطاقة وطنية لا تلامسية. وأشارت لبنى هلال نائبة محافظ البنك المركزى إلى أن من بين الجهود توقيع مذكرتى تفاهم بين البنك المركزى والهيئة العامة للرقابة المالية، ووحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، والجهاز القومى لتنظيم الاتصالات، للتنسيق والتكامل لتهيئة البيئة التشريعية والرقابية والتنظيمية المواتية فى مجال تكنولوجيا المعلومات، ومذكرة تفاهم مع وزارة التضامن الاجتماعى لدعم وميكنة مدفوعات شبكة الحماية الاجتماعية، موضحة أن ما يقوم به المركزى على مستوى التكنولوجيا المالية هو جزء من برنامج الإصلاح الاقتصادي، حيث إن وصول الخدمات المالية إلى جميع المواطنين خاصة الشباب والمرأة خطوة مهمة لتمكينهم اقتصاديا والمساهمة فى رفع مستوى المعيشة. ومن بين خطط التحول الرقمي، إطلاق أول بوابة الكترونية فى مجال التكنولوجيا المالية بمصر «FinTech Egypt» التى تعد إحدى أهم مخرجات استراتيجية التكنولوجيا المالية والابتكار. وأكد أيمن حسين وكيل محافظ البنك المركزى لقطاع نظم الدفع وتكنولوجيا المعلومات أن البوابة خطوة جديدة على طريق التحول للاقتصاد الرقمى وتعزيز الشمول المالي، حيث تعمل البوابة على دعم وربط جميع أطراف منظومة التكنولوجيا المالية بما فيهم رواد أعمال التكنولوجيا المالية المبتكرة، والمؤسسات المالية، ومقدمو الخدمات التكنولوجيا المالية، والخبراء، والمستثمرون. وأفادت الدكتورة رشا نجم مدير عام التكنولوجيا المالية والابتكار بقطاع نظم الدفع وتكنولوجيا المعلومات بأن البوابة تسهم فى ايجاد فرص جديدة عبر زيادة التواصل بين جميع أطراف منظومة التكنولوجيا المالية، ودعم تمويل شركات التكنولوجيا المالية الناشئة عن طريق توصيلها بالمستثمرين وصندوق دعم ابتكارات التكنولوجيا المالية. وأكد الدكتور على الخورى رئيس الاتحاد العربى للاقتصاد الرقمي، أن مصر تمضى بسرعة فى مجال التحول الرقمي، وهناك جهود كبيرة يقوم بها البنك المركزى فى هذا المجال، موضحا أن أنظمة التكنولوجيا المالية يمكنها أن تسهم فى تقليل نفقات المؤسسات المالية عالميا لما يقارب 40 مليار دولار، وأن تقنيات التكنولوجيا المالية بإمكانها دعم الحكومات بجعل أنظمتها أكثر كفاءة وتنافسية. ولفت إلى أن التقنيات المالية باتت تدفع بمفاهيم تتحدى الممارسات التقليدية للمشروعات المالية، وأن التكنولوجيات من شأنها تحسين أداء وإنتاجية المؤسسات المالية بنسب تصل إلى 50%. وقال مجدى حسن، مدير عام بإحدى شركات تكنولوجيا حلول الدفع العالمية أن مصر تشهد تطورا تقنيا سريعا يمكنها من تحقيق إمكاناتها الاقتصادية، موضحا أن الشركات الصغيرة والمتوسطة هى عامل رئيسى لنمو الاقتصاد المصري، وهى نقطة استراتيجية فى تطوير حلول المدفوعات الرقمية التى تتميز بالشفافية والسلاسة والأمان لتلبية متطلبات الشركات المختلفة. وأوضح أنه تم التعاون مع الحكومة المصرية لتمكين ستة ملايين موظف حكومى من الحصول على رواتبهم بصورة إلكترونية والتى يمكنهم استخدامها أيضًا لإجراء عمليات شراء فى 74000 نقطة بيع فى جميع أنحاء البلاد.